مارس 22, 2025 7:54 م

عبد الله المجالي
حتى هذا اليوم يكرر الصهاينة أن هدفهم من العدوان على الأراضي الأردنية صبيحة الحادي والعشرين من آذار عام 1968 هو “تطهير” المنطقة من الفدائيين الفلسطينيين وإبعادهم عن الحدود.
لكن القيادة الأردنية في ذلك الوقت كان لديها تقدير أن أهداف العدوان لا تقتصر على ذلك، بل هدفها السيطرة على المنطقة والوصول إلى مرتفعات السلط ووضع العاصمة عمان تحت مرمى مدفعية العدو.
لذلك كان القرار الفوري بالتصدي للقوة الغازية وإمطارها بنيران المدفعية، والاشتباك معها في معركة ستظل تاجا وعزا وفخارا في تاريخ الأردن والعرب، حيث أجبر العدو على التقهقر والانسحاب مخلفا وراءه آلياته المدمرة.
تخيلوا لو قدمت تقديرات أخرى للقيادة الأردنية مفادها أن نية العدو الصهيوني هي التخلص من الفدائيين فقط، وأن لا الأراضي الأردنية ولا الجيش الأردني مستهدفان.. تخيلوا لو أن مثل تلك التقديرات قد أخذ بها بحجة أن الجيش المنهك غير مهيء للمواجهة، وأن تدخله سيعطي الذريعة للعدو لاستباحة الأرض الأردنية، ترى ماذا ستكون النتيجة؟
النتيجة ستكون كالآتي: حتى لو كانت نية العدو إبعاد الفدائيين فقط، فإن نجاحه في ذلك يعني السيطرة على الأرض ما سيسيل لعابه للاحتفاظ بها تحت حجج واهية وهي منع الفدائيين من العودة مرة أخرى، ومن ثم سيوسع العدو سيطرته شيئا فشيئا.. سيكون لدينا أراض محتلة وسنفقد الغور وهو سلة الغذاء للبلاد، وستظل عاصمتنا الحبيبة في مرمى التهديد الصهيوني.. سيظل قرارنا السياسي رهنا بتلك التهديدات.
باختصار النتيجة كانت ستكون نسخة مما جرى بلبنان عام 1982 وما بعده.
لم تنتظر القيادة الأردنية أن يفصح العدو عن أهدافه الحقيقية، فالانتظار هنا ولو للحظة كان خطيرا وسيطيح بمستقبل البلاد، كما أن التقدير الصائب هو أن العدو لن يكون صريحا في ادعاءاته، والأهم أن انتصاره على الفدائيين كان سيفتح شهيته لابتلاع المنطقة الهامة من جميع النواحي.
خاطرت القيادة وخاطر الجيش المنهك الذي خرج من معركة قاسية قبل عام تكبد فيها خسائر فادحة، وهاجموا بكل ما أوتوا من قوة العدو، وأثبت الجندي الأردني بسالته وتضحيته، وإذ كانت تلك مغامرة في الساعة الأولى، إلا أنها أصبحت، بفضل الله ومن ثم عزائم الرجال، انتصارا صريحا في ساعات المساء، حيث طلب العدو وقف إطلاق النار، إلا أن القيادة الأردنية واصلت تقديرها الممتاز، ورفضت أي وقف لإطلاق النار قبل انسحاب آخر جندي للعدو إلى غرب النهر.
ترى هل نفتقد إلى هذا التقدير اليوم؟!
0 تعليق