مارس 23, 2025 3:22 م
كاتب المقال : حازم عياد

فيما ينشغل نتنياهو بخوض معاركه مع رئيس الشاباك رونين بار والمستشارة القضائية غالي ميارا، ينشغل سموتريتش وزير المالية ويسرائيل غانتس رئيس المجلس الاستيطاني في يهودا والسامرة وغزة (يشغ)، ورئيس مجلس الاستطيان شمال الضفة الغربية يوسي داغان في تسجيل قصة نجاح في الضفة الغربية، لدرجة ان عواصم في الاقليم تبدي رغبة في الانضمام اليهم لتصبح جزءًا من قصة النجاح لإنشاء كيان اقتصادي تنموي استعماري نموذجي يمكن تعميمه مستقبلًا ليشمل مناطق واعدة جديدة في العالم العربي.
قادة الاستيطان يتحركون داخليا وخارجيا لتمرير اجندتهم وتسريعها دون عوائق تذكر؛ فأيديهم مطلقة في الضفة الغربية من قبل نتنياهو وادارة الرئيس دونالد ترمب الذي وصف مبعوثه الخاص للمنطقة (مسعد بولس) رئيس التجمع الاستيطاني في شمال فلسطيني ونابلس يوسي داغان بـ”حاكم السامرة”؛ ويقصد بذلك نابلس وما حولها، في حين احتفي بوفد مجلس يشغ الاستيطاني في إحدى العواصم العربية، فيما اعتبره يسرائيل غاتس بداية للتطبيع مع الاستيطان وممثليه في الضفة الغربية.
مشاريعهم التي تهدف لتهجير الفلسطينين، وعزل مدنهم وقراهم في كانتونات فيما يعرف بـ”نظام الأقاليم” تقدم على أنها مشاريع ملهمة لإقامة ما يشبه روابط القرى، او يمكن تسميته “إمارات القرى المتحدة”، او “اتحاد الكانتونات” لتدار من قبل حكومة الاحتلال والمجالس الاستيطانية.
الحلم يتحول الى حقيقة؛ فوتيرة الاستيطان تسارعت خلال الاشهر الثلاثة الماضية بالتوازي مع تسارع عمليات القمع والتدمير للبنى التحتية والاقتصادية للضفة الغربية، والأهم جاء بمكافأة سخية من الاحتلال للسلطة في رام الله على موقفها الذي أوقفت فيه المساعدات والرواتب لأسر الاسرى والشهداء، وإقالتها مسؤول الملف قدورة فارس؛ باقتطاع 650 مليون شيكل (200 مليون دولار) من اموال المقاصة التابعة لسلطة رام الله لتدفع الى 184 مستوطن صهيوني؛ تعويضًا لهم عن اصابات تعرضوا لها خلال مقاومة الفلسطينيين لأنشطتهم الاستعمارية على ارضهم! ما يعني ان السلطة لن تتمكن من صرف كامل رواتب موظفيها قبيل عيد الفطر.
الأريحية التي يتحرك بها الاحتلال غير مسبوقة؛ إذ صادق اليوم الاحد الكابينت الاسرائيلي، وبدون مقدمات على مقترح الوزير بتسلئيل سموتريتش للاعتراف بـ13 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية كـ”مستوطنات مستقلة” بمجالس وإدارات مستقلة، علما ان هذا الاجراء لم يأتِ ردًّا انتقاميًّا على عملية فدائية او قصف صاروخي، بل نتاجًا لغياب الفعل السياسي والعسكري المقاوم على الارض، وفي المحافل الدولية.
خلال الاشهر الثلاثة الاولى من العام الحالي، وبالتوازي مع حملة القمع والقتل للفلسطينيين، وهدم منازلهم، وتهجيرهم في طولكرم وجنين وقلقيلية والخليل وبيت لحم، تم اضافة 10500 وحدة استيطانية خلال الاشهر الثلاثة الاولى من العام الحالي 2025، علما ان الرقم للفترة ذاتها من العام 2024 لم يتجاوز 3400 وحدة استيطانية.
لم تقف سلطة رام الله عاجزة مشلولة امام الهجمة الاستيطانية، واجندة التهجير والهدم، بل كانت متفهمة متكيفة مع هذه المشاريع، باحثة عن أدوار ممكنة في مستقبل الضفة الغربية، أو فيما يمكن أن يتبقى منها أرضًا وشعبًا، وإن اقتصر الامر على تنظم السير ومنع اطلاق ابواق السيارات في الليل! وهي عملية تكيف لا نهائية للسلطة يرجح ان تفضي -إنْ هي استمرت- لا الى تعايش مع المشروع الاستيطاني، بل الى الامدماج والتماهي مع مخططاته التي لا ترى في السلطة سوى مكتب خدمات يزودهم بالعمالة الآمنة، ويدير أماكن سكانهم المعزولة.
ختامًا.. المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية يسير بسلالة يصعب تصديقها، متخذًا خطوات متقدمة بالتطبيع مع بعض الدول العربية التي ستقدم يد العون على الارجح للسلطة؛ لمواصلة مسيرتها في التعايش والتكيف والاندماج مع هذه الريفيرا التي ستقام على روؤس الجبال في الضفة الغربية، وهي سلاسة ستقود حتمًا الى انفجار مفاجئ ومثالي يضاهي المشروع الاستيطاني التطبيعي في ثوريته، لتصنع بذلك قصة نجاح للمقاومة تضاهي قصة نجاح سموتريتش وداغان وغانتس للاستيطان في الصفة الغربية.
0 تعليق