ونحن لا نستوعب أن الاستعادة هي حكم شخصي، فالأحداث التي مرت بك يمكن استعارة مقولة (التاريخ يعيد نفسه)، ويسقط هذا الادعاء عندما تطبق المقولة على حدث لم تعشه، أو قرأت، أو سمعت به، إذ إن المقروء أو المسموع قد يحمل في طياته أحداثاً تم حذفها أو تغييرها أو أضيفت عليها زوائد أخرى.. ويصبح ترديدك أن التاريخ يعيد نفسه حكماً متسرعاً، يضلل من يواجه الحدث الآني بأن تاريخ أمته قد مر بهذا الحدث الآني نفسه..
الزمن لا يعيد نفسه مطلقاً، لا يعيد نفسه كما حدث سابقاً، فكل لحظة زمنية هي بصمة جديدة لم يسبق أن تطابقت حرفياً بما سبقها أو لحق بها.. وعلينا التمحيص في ما نقرأ أو نشاهد عن فترات زمنية سابقة..
وحين ترغب السينما أو الدراما استرجاع الأحداث الماضوية، فهناك مؤثرات قوية تبعد الحدث الأم، واستبداله بأحداث مختلقة أو محسنة أو مشوهة، كما أن وسيلة الدراما وسيلة ترفيهية لا تعنى بالتصويب أو المراجعة، فهي معنية بخلق عوالم بصرية جاذبة بغض النظر عن صحة ما يتم عرضه... كما أن الكتابة التاريخية سجن لا يمكن الكاتب من حرية الانطلاق، فالمخيلة الإبداعية تتعطل إن أراد السير على أحداث المكتوب عن الحدث تاريخياً.. ولذلك يستحسن ذكر أن المقدم للجمهور ليس بواقعية التاريخ ذاته وإنما تم دمج التاريخ بالمتخيل.. والجميل أن تقدم السينما أحداثاً تاريخية بها جمال المتخيل، والأجمل أن يستوعب المشاهد أنه في رحلة متعة بصرية وليس في درس تاريخي يحفظه كما شاهده..
أخبار ذات صلة
0 تعليق