مع منازعة "الناتو" بعد التهديد بسحب الأوكسجين الأميركي.. أين تقف أوروبا؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عواصم - بات المسؤولون الأوروبيون يعلمون أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) دخل غرفة الإنعاش، بانتظار انقطاع الأوكسجين الأميركي، ما وضع دولهم بحالة حرجة، تتساءل هل نرفع من ميزانية الدفاع لكل الدول تحت مظلة الاتحاد والمنضوية بمظلة "الناتو" أم تأسس كيان دفاعي أوروبي خاص؟اضافة اعلان
والشهر الماضي صرح الأدميرال جيمس ستافريديس القائد الأميركي الأسبق لـ"الناتو"، بأننا "نشهد الأيام الأخيرة للحلف الناتو الذي كانت أميركا عضوًا مؤسسًا فيه"، وقد عزا ذلك إلى أن الولايات المتحدة الأميركية لم تعد حليفًا موثوقًا به.
لم تكن تصريحات ستافريديس استثنائية، ففي عام 2020 وقبل أن ينهي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولايته الأولى، قال لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن "حلف الناتو قد مات" والولايات المتحدة الأميركية ستنفصل عنه عاجلًا أم آجلًا.
ولم تأخذ الدول الأوروبية تصريحات ترامب بجدية أنذاك، بل اعتبرت وجوده في البيت الأبيض مجرد أزمة عابرة ستمر مرور الكرام بنهاية فترة رئاسته، هذا قبل أن يعود إلى البيت الأبيض مؤخرًا بفترة رئاسية جديدة ودعم شعبي كبير في الانتخابات الأخيرة.
وترتب على ذلك حالة انزعاج شديد لدى القادة الأوروبيين ومخاوف من عدم الالتزام الأميركي بالمهام الدفاعية المتعلقة بالمادة الخامسة من معاهدات حلف شمال الأطلسي، التي يُنظر إليها باعتبارها ضمانة الأمن الأساسية في الناتو، وهي المادة التي تنص على أنه إذا وقع اعتداء على إحدى الدول الأعضاء فسيعد هذا الهجوم موجهًا نحو جميع الأعضاء.
وعلى مدار عقود، اعتمدت القارة الأوروبية بشكلٍ متزايد على المظلة الدفاعية التي وفرتها الولايات المتحدة الأميركية، وعلى إثر ذلك تقلصت ميزانيتها العسكرية، وأصبحت الدول الأوروبية أكثر اعتمادًا على قدرات الاتصالات والاستخبارات الأميركية، وهو ما ترك أوروبا بوضع شديد التعقيد لم تكن أوروبا تعتقد أنه سيحل واقعا.
ويقول عن ذلك الأدميرال ستافريديس، إن أوروبا لكي تعبر هذه المرحلة فإنها بحاجة إلى "تأسيس قوات مسلحة مشتركة وهيكل قيادة خارج "الناتو". وهو الرأي الذي يوافقه فيه باحثون وخبراء أوروبيون طالبوا بإعادة النظر بمسألة تأسيس جيش أوروبي موحد يتولى مسؤولية الدفاع عن القارة العجوز ويضمن استقلالها الدفاعي سواء اختار الأميركيون الانسحاب من الحلف الأطلسي أو البقاء فيه.
وكان ترامب رفه منذ ولايته الأولى شعار "أميركا أولًا"، كما ساوم الأوروبيين على الدفاع عن القارة العجوز مقابل زيادة الإنفاق الدفاعي بنسبة لا تقل عن  2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة التي ارتفعت في تصريحات ترامب الأخيرة إلى 5 % من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك لتفعيل خطط الناتو لتأمين دفاع أوروبا في ظل التهديدات الروسية.
يأتي ذلك مصحوبا بمجموعة من إجراءات وسياسات اتخذتها إدارة ترامب، كان آخرها حرب الرسوم الجمركية بين أميركا والاتحاد الأوروبي، حيث أعلن ترامب زيادة جمركية بنسبة 25 % على الصلب والألومنيوم، وهو ما قابلته بروكسل بزيادة جمركية مماثلة على منتجات أميركية مستوردة مثل القوارب والدراجات النارية.
وتثور مخاوف لدى المسؤولين الأوروبيين من أن يقلص ترامب الوجود الأميركي في أوروبا إذا ما توصل لاتفاق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأشارت الصحيفة إلى أن القوات الأميركية تستعد بالفعل للانسحاب من كوسوفو الإيطالية، كما أن هناك احتمالًا لسحب القوات الأميركية الموجودة في دول البلطيق؛ مما يترك أوروبا دون حماية تذكر أمام التهديدات الروسية.
ويقول الصحفي البريطاني جورج مونبيوت في مقالٍ نشرته صحيفة "الغارديان"، إن روسيا في الوقت الحالي لا تشكل أي تهديد للهيمنة الأميركية، على عكس الاتحاد الأوروبي باقتصاده المشترك وحضوره الدبلوماسي والسياسي العالمي الذي بإمكانه أن يهدد هيمنة أميركا.
أشار مونبيوت إلى أن اتفاق ترامب مع الرئيس فلاديمير بوتين لن يتوقف عند عدم دعم أوكرانيا، بل قد يصل إلى حد تقديم المساعدة والدعم الأميركي لروسيا، بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية، وإيقاف خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في أوكرانيا وإتاحتها للقوات الروسية، وفي أسوأ السيناريوهات، ستقدم واشنطن الدعم المالي والمعدات العسكرية الأميركية لموسكو.
في أعقاب اللقاء الكارثي للرئيس زيلينسكي في البيت الأبيض، عدّ البعض هذا الاجتماع بداية مرحلة جديدة تبدو فيها الولايات المتحدة الأميركية حليفًا لروسيا، خاصةً بعد أن همشت حلفاءها الأوروبيين القدامى من محادثات السلام الأوكرانية.
في ضوء تلك المعطيات يقدر مركز بروغل حاجة أوروبا بصورة أولية لأسلحة والقوات  من أجل ردع الغزو الروسي المحتمل، بـ 300 ألف جندي إضافي وهو ما يعادل 50 لواءً عسكريًّا إضافيًّا، وتحتاج إلى زيادة ميزانية الإنفاق الدفاعي السنوية بما يعادل 250 مليار يورو على الأقل، في حالة غياب القوات الأميركية.
هذا إضافة إلى الذخائر، فأوروبا بحاجة إلى مليون قذيفة من عيار 155 ملم لتغطية 90 يومًا من القتال المكثف، فضلًا عن ضرورة إنتاج 2000 ذخيرة طويلة المدى سنويًّا من الطائرات المسيّرة، وذلك لمضاهاة وتيرة إنتاج المسيّرات الروسية.
ولمواجهة هذه التحديات، أعلنت المملكة المتحدة زيادة إنفاقها الدفاعي إلى 2.5 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2027، وهو ما يضيف 16 مليار دولار سنويًّا إلى ميزانية الدفاع الحالية البالغة 68 مليار دولار.
كما خصصت ألمانيا أكثر من 100 مليار دولار لتعزيز جيشها بعد الغزو الروسي لأوكرانيا؛ مما رفع ميزانيتها الدفاعية إلى 52 مليار دولار سنويًّا، وبلغت نسبة إنفاقها العسكري 2 % من الناتج المحلي الإجمالي لأول مرة منذ الحرب الباردة.
في هذا السياق، نشرت صحيفة "ديفينس نيوز" تقريرًا شمل تقييمات 17 خبيرًا في مراكز أبحاث ومؤسسات أوروبية، تناولوا فيه مسألة الدفاع الأوروبي المستقل، قائلين إن أوروبا بإمكانها بناء أغلب العناصر الدفاعية اللازمة لهزيمة روسيا في غضون خمس سنوات، خاصة أن طموحها هزيمة روسيا وليس مضاهاة قدرات الولايات المتحدة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق