loading ad...
عمان- تُعد حرية الرأي والتعبير من بين الحقوق الأساسية لأي مجتمع ديمقراطي يسعى نحو التقدم والازدهار.
مع ذلك، يبقى تحقيق التوازن بينها وبين ضرورة صون الاستقرار المجتمعي تحديا جوهريا. اضافة اعلان
وحيث أن الأمن المجتمعي والثقة بمؤسسات الدولة يشكلان ركنا للتماسك الاجتماعي، فإن هناك حاجة للعناية بالضوابط التي تحافظ على عدم تحول هذه الحرية إلى فوضوية.
"استحضار الفوضى"
وأول من أمس، قال وزير الاتصال الحكومي، الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني إن "أي مساس وتحريض على مؤسسات الدولة وعلى الأجهزة الأمنية والجيش هو أمر يمس كل أردني شريف ولا نقبله ونرفضه ويحرف البوصلة عن معركتنا الأساسية وهي إسناد الشعب الفلسطيني فيما يتعرض له من ظلم وعدوان من الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف المومني: "أي شيء وأي سلوكيات من شأنها أن تحرف البوصلة عن الموقف الأردني المتقدم والشجاع تجاه القضية الفلسطينية"، مشيرا إلى أنه "لا مصلحة لأحد بها إلا لمن يتربصون بهذا البلد ومن يريدون المزيد من المعاناة للشعب الفلسطيني".
ولفت في تصريحات لقناة "المملكة" إلى أن حرية التعبير وحرية الرأي لا تعني بحال من الأحوال استحضار الفوضى بل يجب أن ننصاع جميعا إلى دولة القانون وأن ننتظم جميعا ضمن الجهود الوطنية الأردنية الشاملة التي تهدف إلى مساندة الشعب الفلسطيني والوقوف بجانبه".
وأضاف "علينا جميعا في هذه المرحلة أن نكون ملتفين حول بلدنا وثوابتنا لأن الأردن القوي القادر هو الأفضل والأقدر على التعامل وإسناد الشعب الفلسطيني في مواجهته للظلام الكبير الذي يواجهه".
نقاش قديم جديد
بدوره، قال الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور، إن الغالبية تتفق على أن حرية التعبير وحرية الإعلام تشكلان ركيزتين أساسيتين لأي مجتمع يسعى للتقدم والتنمية.
وأضاف منصور في حديثه لـ"الغد" أن هذا الإجماع يصطدم بتحدٍّ دائم وهو "كيف نضمن ألا تتحول هذه الحرية إلى منصة للتحريض على العنف أو نشر الكراهية؟".
ولفت إلى أن هذا النقاش ليس جديدا، بل هو جديد وقديم في آن، يتجدد مع كل تطور تكنولوجي أو تحول اجتماعي، ليبقى السؤال المحوري "كيف نحافظ على حرية التعبير كأداة للتنمية السياسية وتعزيز صمود الدولة، دون أن تُستغّل بشكل يهدد السلم المجتمعي؟".
وأكد منصور أنه في عصر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، أصبح لكل فرد منبر يعبّر عبره عن آرائه دون رقابة مسبقة.
وأوضح أن هذا الفضاء الرقمي منح الجميع صوتا، لكنه ليس المسؤول عن خطاب الكراهية أو التحريض على العنف؛ بل الأفراد الذين يستخدمونه هم من يحددون طبيعة المحتوى.
وتابع "من هنا، تبرز الحاجة إلى معايير واضحة تحدد الخط الفاصل بين حرية التعبير وخطاب الكراهية".
وأشار إلى أن هذه المعايير الحقوقية مثل "خطة الرباط"، التي وضعتها الأمم المتحدة، والتي تقدم إطارا متوازنا للتعامل مع هذه القضية، بحيث لا تتحول الضوابط لأداة للتضييق على الإعلام أو قمع الأصوات.
حماية النسيج الاجتماعي
وشدد منصور على أنه في الأردن، لا أحد يقبل بالفوضى ولا أحد يرغب في أن تُستخدم حرية التعبير للإضرار بالنسيج الاجتماعي أو خرق القواسم المشتركة التي يقوم عليها السلم المجتمعي.
وقال "لكن السؤال الأهم يبقى: كيف نستطيع دعم هذه الحرية دون أن تتحول إلى أداة للتحريض؟"، مبينا أن الإجابة تكمن في تدفّق المعلومات والشفافية والموثوقية، الذي يحدّ من انتشار الإشاعات ويعزز الثقة بين المجتمع وصانعي القرار.
وأضاف "كلما كان هناك حوار مفتوح، كلما تمكّنا من بناء قاعدة تفاهمات مشتركة تحاصر اليأس وتدعم الوعي المجتمعي".
وشدد منصور على أن هذا الوعي لا يمكن فصله عن السياق العام "فمع استمرار الضغوط الاجتماعية والسياسية، مثل تلك الناتجة عن حرب الإبادة في غزة التي مضى عليها أكثر من عام ونصف، يتفاقم شعور الناس بالعجز عن التأثير".
ولفت إلى أن هذا العجز "يتحول إلى غضب، قد يجد متنفّسا في منصات التواصل الاجتماعي إذا لم يُدار بحكمة".
وقال "هنا تبرز أهمية دور الدولة بتعزيز الحوار وتوفير قنوات تعبير شرعية، لتحويل هذا الغضب إلى طاقة بناءة بدلا من فوضى مدمرة".
وأكد منصور أن تحقيق التوازن بين حرية التعبير والاستقرار المجتمعي يتطلب جهدا مشتركا ووعيا مجتمعيا بمسؤولية استخدام المنصات الرقمية، وتدفقا للمعلومات يعزز الثقة، وسياسات تستند إلى معايير حقوقية تحمي الحرية دون أن تترك مجالا للكراهية أو العنف.
ولفت إلى أنه "هكذا فقط يمكننا أن نحافظ على مجتمع متماسك وقادر على مواجهة التحديات".
قيود مشروعة
من جانبه، قال الخبير في القانون الجنائي وتشريعات الإعلام والجرائم الإلكترونية، د. أشرف الراعي، إن المملكة ومنذ تأسيسها، تؤكد التزامها الراسخ بحماية حرية التعبير باعتبارها من الحقوق الدستورية الأصيلة المنصوص عليها في المادة (15) من الدستور، والتي تنص على أن "حرية الرأي مكفولة لكل أردني، وأن لكل فرد الحق في التعبير بحرية عن آرائه بالقول أو الكتابة أو وسائل التعبير الأخرى".
وأضاف الراعي "غير أن هذه الحرية، كما هو مستقر في الفكر القانوني الأردني والمواثيق الدولية التي صادقت عليها المملكة، تخضع لقيود وضوابط يفرضها الحفاظ على النظام العام، واحترام حقوق الآخرين، وصون الأمن الوطني".
ولفت في تصريحات لـ"الغد" إلى أنها قيود وضوابط مشروعة نصت عليها الفقرة الثانية من المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي التزم به الأردن منذ عام 1975.
وأوضح أن "تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة بأن (حرية التعبير لا تعني استحضار الفوضى بل يجب أن ننصاع جميعا إلى دولة القانون) يأتي انسجاما مع هذه المبادئ ويعبر عن الفهم الدقيق للمعادلة القانونية التي توازن بين حماية الحريات الفردية وصون المصلحة العامة".
تعزيز "الحرية المسؤولة"
وقال الراعي إنه "في ظل التطور التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، تزايدت التحديات المرتبطة باستخدام حرية التعبير على نحو قد يهدد السلم الأهلي، ومن هنا جاء قانون الجرائم الإلكترونية رقم (17) لسنة 2023، ليشكل إطارا قانونيا لضبط استخدام الوسائط الإلكترونية، عبر تجريم الأفعال التي تمس الأمن الوطني أو النظام العام أو الآداب العامة، ومنها نشر الأخبار الكاذبة، وإثارة الفتن، والتحريض على العنف والكراهية".
وتابع قائلا "نحن دولة قانون ومؤسسات، ولا أحد فوق القانون، والحقوق والحريات يجب أن تُمارس ضمن أطر قانونية واضحة تضمن عدم تحول الحرية إلى ذريعة للفوضى أو المساس بمقومات الأمن والاستقرار، ومن هنا، فإن التزام الأفراد والجماعات بإطار القانون في ممارسة حرية التعبير لا يُعتبر تقييدا، بل هو تعزيز للحرية المسؤولة التي تقوم على احترام سيادة القانون، وقيم التعايش المجتمعي، وثوابت الدولة".
وشدد الراعي على أن نهج الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني سيظل متمسكا بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وسيواصل تطوير تشريعاته بما يتماشى مع المعايير الدولية، مع الحفاظ على خصوصيتها الوطنية، وعلى رأسها أمن المواطن واستقرار المجتمع.
مع ذلك، يبقى تحقيق التوازن بينها وبين ضرورة صون الاستقرار المجتمعي تحديا جوهريا. اضافة اعلان
وحيث أن الأمن المجتمعي والثقة بمؤسسات الدولة يشكلان ركنا للتماسك الاجتماعي، فإن هناك حاجة للعناية بالضوابط التي تحافظ على عدم تحول هذه الحرية إلى فوضوية.
"استحضار الفوضى"
وأول من أمس، قال وزير الاتصال الحكومي، الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني إن "أي مساس وتحريض على مؤسسات الدولة وعلى الأجهزة الأمنية والجيش هو أمر يمس كل أردني شريف ولا نقبله ونرفضه ويحرف البوصلة عن معركتنا الأساسية وهي إسناد الشعب الفلسطيني فيما يتعرض له من ظلم وعدوان من الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف المومني: "أي شيء وأي سلوكيات من شأنها أن تحرف البوصلة عن الموقف الأردني المتقدم والشجاع تجاه القضية الفلسطينية"، مشيرا إلى أنه "لا مصلحة لأحد بها إلا لمن يتربصون بهذا البلد ومن يريدون المزيد من المعاناة للشعب الفلسطيني".
ولفت في تصريحات لقناة "المملكة" إلى أن حرية التعبير وحرية الرأي لا تعني بحال من الأحوال استحضار الفوضى بل يجب أن ننصاع جميعا إلى دولة القانون وأن ننتظم جميعا ضمن الجهود الوطنية الأردنية الشاملة التي تهدف إلى مساندة الشعب الفلسطيني والوقوف بجانبه".
وأضاف "علينا جميعا في هذه المرحلة أن نكون ملتفين حول بلدنا وثوابتنا لأن الأردن القوي القادر هو الأفضل والأقدر على التعامل وإسناد الشعب الفلسطيني في مواجهته للظلام الكبير الذي يواجهه".
نقاش قديم جديد
بدوره، قال الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور، إن الغالبية تتفق على أن حرية التعبير وحرية الإعلام تشكلان ركيزتين أساسيتين لأي مجتمع يسعى للتقدم والتنمية.
وأضاف منصور في حديثه لـ"الغد" أن هذا الإجماع يصطدم بتحدٍّ دائم وهو "كيف نضمن ألا تتحول هذه الحرية إلى منصة للتحريض على العنف أو نشر الكراهية؟".
ولفت إلى أن هذا النقاش ليس جديدا، بل هو جديد وقديم في آن، يتجدد مع كل تطور تكنولوجي أو تحول اجتماعي، ليبقى السؤال المحوري "كيف نحافظ على حرية التعبير كأداة للتنمية السياسية وتعزيز صمود الدولة، دون أن تُستغّل بشكل يهدد السلم المجتمعي؟".
وأكد منصور أنه في عصر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، أصبح لكل فرد منبر يعبّر عبره عن آرائه دون رقابة مسبقة.
وأوضح أن هذا الفضاء الرقمي منح الجميع صوتا، لكنه ليس المسؤول عن خطاب الكراهية أو التحريض على العنف؛ بل الأفراد الذين يستخدمونه هم من يحددون طبيعة المحتوى.
وتابع "من هنا، تبرز الحاجة إلى معايير واضحة تحدد الخط الفاصل بين حرية التعبير وخطاب الكراهية".
وأشار إلى أن هذه المعايير الحقوقية مثل "خطة الرباط"، التي وضعتها الأمم المتحدة، والتي تقدم إطارا متوازنا للتعامل مع هذه القضية، بحيث لا تتحول الضوابط لأداة للتضييق على الإعلام أو قمع الأصوات.
حماية النسيج الاجتماعي
وشدد منصور على أنه في الأردن، لا أحد يقبل بالفوضى ولا أحد يرغب في أن تُستخدم حرية التعبير للإضرار بالنسيج الاجتماعي أو خرق القواسم المشتركة التي يقوم عليها السلم المجتمعي.
وقال "لكن السؤال الأهم يبقى: كيف نستطيع دعم هذه الحرية دون أن تتحول إلى أداة للتحريض؟"، مبينا أن الإجابة تكمن في تدفّق المعلومات والشفافية والموثوقية، الذي يحدّ من انتشار الإشاعات ويعزز الثقة بين المجتمع وصانعي القرار.
وأضاف "كلما كان هناك حوار مفتوح، كلما تمكّنا من بناء قاعدة تفاهمات مشتركة تحاصر اليأس وتدعم الوعي المجتمعي".
وشدد منصور على أن هذا الوعي لا يمكن فصله عن السياق العام "فمع استمرار الضغوط الاجتماعية والسياسية، مثل تلك الناتجة عن حرب الإبادة في غزة التي مضى عليها أكثر من عام ونصف، يتفاقم شعور الناس بالعجز عن التأثير".
ولفت إلى أن هذا العجز "يتحول إلى غضب، قد يجد متنفّسا في منصات التواصل الاجتماعي إذا لم يُدار بحكمة".
وقال "هنا تبرز أهمية دور الدولة بتعزيز الحوار وتوفير قنوات تعبير شرعية، لتحويل هذا الغضب إلى طاقة بناءة بدلا من فوضى مدمرة".
وأكد منصور أن تحقيق التوازن بين حرية التعبير والاستقرار المجتمعي يتطلب جهدا مشتركا ووعيا مجتمعيا بمسؤولية استخدام المنصات الرقمية، وتدفقا للمعلومات يعزز الثقة، وسياسات تستند إلى معايير حقوقية تحمي الحرية دون أن تترك مجالا للكراهية أو العنف.
ولفت إلى أنه "هكذا فقط يمكننا أن نحافظ على مجتمع متماسك وقادر على مواجهة التحديات".
قيود مشروعة
من جانبه، قال الخبير في القانون الجنائي وتشريعات الإعلام والجرائم الإلكترونية، د. أشرف الراعي، إن المملكة ومنذ تأسيسها، تؤكد التزامها الراسخ بحماية حرية التعبير باعتبارها من الحقوق الدستورية الأصيلة المنصوص عليها في المادة (15) من الدستور، والتي تنص على أن "حرية الرأي مكفولة لكل أردني، وأن لكل فرد الحق في التعبير بحرية عن آرائه بالقول أو الكتابة أو وسائل التعبير الأخرى".
وأضاف الراعي "غير أن هذه الحرية، كما هو مستقر في الفكر القانوني الأردني والمواثيق الدولية التي صادقت عليها المملكة، تخضع لقيود وضوابط يفرضها الحفاظ على النظام العام، واحترام حقوق الآخرين، وصون الأمن الوطني".
ولفت في تصريحات لـ"الغد" إلى أنها قيود وضوابط مشروعة نصت عليها الفقرة الثانية من المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي التزم به الأردن منذ عام 1975.
وأوضح أن "تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة بأن (حرية التعبير لا تعني استحضار الفوضى بل يجب أن ننصاع جميعا إلى دولة القانون) يأتي انسجاما مع هذه المبادئ ويعبر عن الفهم الدقيق للمعادلة القانونية التي توازن بين حماية الحريات الفردية وصون المصلحة العامة".
تعزيز "الحرية المسؤولة"
وقال الراعي إنه "في ظل التطور التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، تزايدت التحديات المرتبطة باستخدام حرية التعبير على نحو قد يهدد السلم الأهلي، ومن هنا جاء قانون الجرائم الإلكترونية رقم (17) لسنة 2023، ليشكل إطارا قانونيا لضبط استخدام الوسائط الإلكترونية، عبر تجريم الأفعال التي تمس الأمن الوطني أو النظام العام أو الآداب العامة، ومنها نشر الأخبار الكاذبة، وإثارة الفتن، والتحريض على العنف والكراهية".
وتابع قائلا "نحن دولة قانون ومؤسسات، ولا أحد فوق القانون، والحقوق والحريات يجب أن تُمارس ضمن أطر قانونية واضحة تضمن عدم تحول الحرية إلى ذريعة للفوضى أو المساس بمقومات الأمن والاستقرار، ومن هنا، فإن التزام الأفراد والجماعات بإطار القانون في ممارسة حرية التعبير لا يُعتبر تقييدا، بل هو تعزيز للحرية المسؤولة التي تقوم على احترام سيادة القانون، وقيم التعايش المجتمعي، وثوابت الدولة".
وشدد الراعي على أن نهج الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني سيظل متمسكا بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وسيواصل تطوير تشريعاته بما يتماشى مع المعايير الدولية، مع الحفاظ على خصوصيتها الوطنية، وعلى رأسها أمن المواطن واستقرار المجتمع.
0 تعليق