محمد كساب.. عدسة مخلصة للحرم المكي

عكاظ 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في عالم التصوير الفوتوغرافي، حيث تتعدد الاتجاهات وتتنوع العدسات، يبرز الفنان الفوتوغرافي محمد رضا كساب كاستثناء نادر، لم يسعَ إلى تنويع المواضيع أو التنقّل بين العوالم البصرية المختلفة، بل اختار أن يكرّس عدسته لروح واحدة ومكان واحد، المسجد الحرام في مكة المكرمة، ومن هذا الإخلاص، وُلدت صور لا تكتفي بالتوثيق، بل تسرد حكاية عشق صامت بين المصوّر وأقدس بقاع الأرض.

منذ بداياته، كان كساب مسكونًا بجماليات الحرم، لم تكن صوره مجرد توثيق لحشود الطائفين أو لهيبة الكعبة، بل كانت غوصًا في التفاصيل التي لا تراها العين العابرة: النقوش الدقيقة على أبواب الحرم، الانعكاسات الضوئية على الرخام الأبيض، سكون لحظة الفجر في صحن الطواف، وحتى الملامح الهادئة للزوار في لحظة دعاءٍ صامتة.

ما يميّز أعمال محمد كساب هو الحس الروحي العالي الذي يفيض من كل صورة، العدسة في يده ليست مجرد أداة، بل شريك وجداني ينقل الهيبة والخشوع والسكينة. وقد برع في استخدام الضوء والظل لإبراز البُعد الروحاني للمشهد، حتى إن كثيرًا من متابعيه يشعرون بأنهم يعيشون لحظة من لحظات الحرم وهم يشاهدون صوره.

كساب لا يكتفي بالتقاط الصورة، بل يروي من خلالها قصة، أو يلفت النظر إلى عنصر قد لا تلاحظه العين السريعة. قد تكون لقطة لابتسامة عامل نظافة في الحرم، أو نقطة ماء سقطت على بلاط الطواف وانعكست فيها قبة زمزم، أو حمامة تحلّق فوق الكعبة في لحظة ضوئية نادرة.

أعمال محمد كساب تمثّل توثيقًا فنيًا نادرًا للمسجد الحرام. وفي وقت تتغير فيه معالم المكان وتتطور بنيته، تصبح صوره مرجعًا بصريًا يحمل في طياته تاريخًا وعاطفةً وروحانية يصعب تكرارها.

أخبار ذات صلة

 

الفنان محمد كساب لم يكن مجرد مصوّر، بل كان عاشقًا للحرم، متأملًا في جمالياته، وناقلًا صادقًا لروح المكان عبر عدسته. ومع كل صورة يلتقطها، يثبت أن الحرم المكي ليس فقط قبلة للمسلمين، بل قبلة للفن البصري حين يقع في يد من يراه بقلبه قبل عينه.

محمد كساب حاصل على بكالوريوس في الآداب والتربية، قسم اللغة الفرنسية، وقد احترف التصوير بجميع أشكاله، متقنًا فن المونتاج والإخراج البصري. نال العديد من الجوائز والاستحقاقات محليًا ودوليًا، كما عمل مراسلًا ومصورًا لعدة قنوات عربية، يُعد مصورًا محترفًا ومختلفًا في نهجه، حيث يركّز على التفاصيل الدقيقة ويتخصص في الجزئيات، مما يجعل من أعماله تجربة بصرية فريدة ومميزة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق