أحمد الشرع، المعروف أكثر باسم "أبو محمد الجولاني"، هو زعيم هيئة تحرير الشام، التنظيم الذي كان في الأصل يُعرف بجبهة النصرة، والتي نشأت من تنظيم القاعدة في سوريا. في السنوات الأخيرة، أصبح الجولاني أحد أبرز قادة المعارضة المسلحة في سوريا، وعُرف بلعب دور رئيسي في الصراع الذي اندلع منذ عام 2011.
بدايات الجولاني وتحوله
ولد أحمد الشرع في عام 1982 في حي المزة بدمشق لعائلة ميسورة. بدأ دراسته في الطب، لكن تطور الأحداث السياسية في المنطقة جعله يتجه نحو الأنشطة الجهادية. تأثرت حياته بتفجيرات 11 سبتمبر 2001، حيث بدأ يشارك في الاجتماعات الدينية السرية في ضواحي دمشق. بعد اجتياح العراق عام 2003، قرر الجولاني الانضمام إلى تنظيم القاعدة بقيادة أبي مصعب الزرقاوي، حيث شارك في القتال بالعراق حتى تم اعتقاله عدة مرات من قبل القوات الأمريكية.
الجولاني وجبهة النصرة
مع بداية الثورة السورية عام 2011، تم إرسال الجولاني إلى سوريا من قبل الزعيم السابق لتنظيم القاعدة، أبو بكر البغدادي، لتأسيس فرع جديد للتنظيم في سوريا تحت اسم "جبهة النصرة". سرعان ما أصبح الجولاني أحد الأسماء البارزة في الساحة السورية، حيث قاد جبهة النصرة في معارك ضد النظام السوري، وفرض نفسه كأحد قادة الثورة المسلحة.
وفي عام 2013، اختار الجولاني تحدي أوامر البغدادي ورفض دمج جبهة النصرة مع تنظيم داعش. هذا القرار جعله في مواجهة مع داعش، وكان له دور رئيسي في القضاء على العديد من المنظمات المعارضة في سوريا. ورغم تمسكه بالإيديولوجية الجهادية، أظهر الجولاني استعدادًا للانفصال عن القاعدة في 2016، حيث أعلن عن تأسيس هيئة تحرير الشام، وهي خطوة تهدف إلى تقوية سلطته وتوسيع نفوذه على الجماعات المسلحة في شمال غرب سوريا.
محاولة التغيير والصورة المعتدلة
منذ انفصاله عن القاعدة، سعى الجولاني إلى تغيير صورته من زعيم جهادي متطرف إلى شخصية أكثر اعتدالًا. في 2021، صرح الجولاني بأن هيئة تحرير الشام لا تشكل تهديدًا للغرب، موضحًا أن العقوبات المفروضة عليها غير عادلة. كما تحدث عن ضرورة الحفاظ على الأمن في المناطق التي تسيطر عليها الهيئة، بما في ذلك تأكيده على حماية الأقليات في المناطق مثل حلب.
ومع بداية الهجوم على دمشق في أواخر نوفمبر 2023، بدأ الجولاني في استخدام اسمه الحقيقي أحمد الشرع بدلًا من اسمه الحركي "أبو محمد الجولاني"، مما يوضح سعيه للتخلص من صورة المتطرف. كما عمد إلى ارتداء زي عسكري أو مدني بدلًا من العمامة البيضاء التي كان يرتديها في بدايات الحرب.
الهيئة في سوريا وأداءها
هيئة تحرير الشام، بقيادة الجولاني، تسيطر اليوم على محافظة إدلب، وهي آخر معقل رئيسي للمعارضة السورية المسلحة. ورغم أن الهيئة قد حصلت على دعم شعبي في بعض الأوساط، إلا أن هناك العديد من الانتقادات حول سجلها في مجال حقوق الإنسان، حيث اتُهمت بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد الأقليات الدينية والعرقية في مناطق سيطرتها. على الرغم من محاولات الجولاني تحسين صورته من خلال خطاباته، إلا أن هناك شكوكًا كبيرة حول ما إذا كان يمكن للهيئة أن تصبح منظمة معتدلة تتسامح مع الأقليات.
يظل أحمد الشرع أو الجولاني شخصية مثيرة للجدل في سوريا والعالم. بين الماضي المتطرف والتوجهات الجديدة، يحاول الجولاني تقديم نفسه كقائد براغماتي يسعى للسيطرة على الأراضي السورية وإعادة تشكيل هويته السياسية. بينما تستمر العمليات العسكرية ضد النظام السوري، يظل الجولاني محط أنظار العالم في ظل التغيرات الكبيرة التي يشهدها الوضع السوري.
0 تعليق