الذكاء العام الاصطناعي AGI.. بين الأمل والمخاوف وعدم اليقين

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يشهد العالم اليوم سباقاً محموماً نحو تطوير الذكاء العامّ الاصطناعيّ (AGI)، وهو الشكل الأرقى من الذكاء الاصطناعيّ القادر على التفكير وأداء المهامّ البشريّة بمستوى مماثل. فمع دخولنا شهر أبريل من عام 2025؛ بدأت تتبلور التوقّعات بشكل أكثر وضوحاً حول موعد تحقيق هذا الإنجاز المفصليّ، وسط حالة من الترقّب، يقابلها جدل واسع بشأن التحدّيات والمخاطر.

يرى ديميس هسابيس، الحائز على جائزة نوبل والرئيس التنفيذيّ لشركة «جوجل ديب مايند»، أنّ AGI قد يبصر النور خلال السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، أي بين عامي 2030 و2035، بعد أن توقّع في وقت سابق وصوله في 2028–2030. بينما يُبدي سام ألتمان، الرئيس التنفيذيّ لشركة «OpenAI»، تفاؤلاً أكبر، مشيراً إلى احتمال ظهوره هذا العام مع انخراط وكلاء الذكاء الاصطناعيّ (AI Agents) في سوق العمل. أمّا داريو أمودي، الرئيس التنفيذيّ لشركة «Anthropic»؛ فيقدّر احتماليّة وصول AGI بنسبة 70 إلى 80% بحلول عام 2026 أو 2027. وتذهب أصوات أخرى، مثل إيلون ماسك، إلى عام 2026، في حين أشار استطلاع سابق أُجريّ عام 2023 بين باحثي الذكاء الاصطناعيّ إلى عام 2040؛ هذه التقديرات المتفاوتة تكشف عن مدى الغموض والطابع التكهّنيّ لهذا السباق المحموم.

على أرض الواقع، أحرزت تقنيّات الذكاء الاصطناعيّ تقدّماً لافتاً. فقد سجّل نموذج o3 من «OpenAI» نسبة 88% في اختبار معياريّ للتفكير العامّ، مقارنة بـ ـ32% فقط للنموذج السابق. كما تسعى شركات مثل «جوجل ديب مايند» و»ديب سيك» إلى تطوير قدرات النماذج على حلّ المشكلات بشكل منهجيّ؛ بعيداً عن مجرّد التعرّف على الأنماط. ومع ذلك، فإنّ الوصول إلى AGI يتطلّب قدرات أعمق؛ أبرزها الفهم الفطريّ للبديهيّات الإنسانيّة والقواعد الاجتماعيّة غير المنطوقة. فالنماذج الحاليّة لا تزال تتعثّر في مهامّ بشريّة بسيطة، ويظهر نموذج o4-mini نسبة خطأ تصل إلى 48% في تقديم إجابات خاطئة أو مختلقة. كما أنّ بعض الخبراء يحذّرون من اقتراب نفاد البيانات عالية الجودة اللازمة للتدريب، ويشكّكون في قدرة التعويل على زيادة القوّة الحاسوبيّة وحدها لتحقيق هذا الهدف.

السباق نحو AGI لا يقتصر على كونه تحدّياً تقنيّاً؛ بل يمتدّ ليصبح ساحة للتنافس الجيوسياسيّ والأخلاقيّ. فالولايات المتّحدة والصين تخوضان سباقاً تكنولوجيّاً محتدماً؛ تجلّى مؤخّراً في فرض واشنطن قيوداً على تصدير شركة (Nvidia) رقائق H20، ممّا قد يكلّف الأخيرة قرابة 5.5 مليار دولار. وقد استهدفت هذه القيود إبطاء التقدّم الصينيّ؛ بل إنّ واشنطن تدرس فرض عقوبات على شركة «DeepSeek» الصينيّة لتقييد وصولها إلى التكنولوجيا الأمريكيّة. ورغم أنّ هذا الصراع قد يسرّع وتيرة التقدّم، إلّا أنّه يهدّد بتقليص الاهتمام بمعايير السلامة. وفي المقابل، تتزايد المخاوف الأخلاقيّة، لا سيّما مع مقاضاة مؤسّسات إعلاميّة لشركتي «OpenAI» و»مايكروسوفت» بسبب استخدام الأخيرتين مقالات هذه المؤسسات في تدريب الذكاء الاصطناعيّ؛ وسط تساؤلات حول الملكيّة الفكريّة. كما بدأت شركات مثل Wayfair بالفعل في استبدال الموظّفين بأنظمة ذكاء اصطناعيّ عبر إلغاء 340 وظيفة تقنيّة؛ ممّا ينذر بتحوّلات كبرى في سوق العمل.

وبين هذه الطموحات والمخاوف؛ تبقى مسألة التوقيت غير محسومة، حيث تتراوح التقديرات بين العام الحاليّ وعام 2040. وإذا ما تحقّقت وعود AGI، فإنّ تأثيرها قد يمتدّ ليشمل مجالات حيويّة كالرعاية الصحّيّة، وربّما علاج أمراض مستعصية خلال عقد من الزمن، كما يتوقّع هسابيس. ولكن في المقابل، فإنّ مخاطر هذا التحوّل ضخمة، بدءاً من تسريع المنافسة على حساب الأمان، ووصولاً إلى فقدان ملايين الوظائف. وعليه، فإنّ الموازنة بين الفرص والتهديدات تمثّل التحدّي الأهم في ظلّ هذا السباق الّذي قد يحدّد مستقبل البشريّة، ويعيد تعريف علاقة الإنسان بالتكنولوجيا إلى الأبد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق