يد غادة الصغيرة.. قصة ألم لا تنتهي جراء الإبادة بالقطاع

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

غزة- على الأرجوحة الصغيرة في ساحة مدرسة "دار الأرقم"، كانت الطفلة غادة دبابش (6 سنوات) تحاول أن تنتزع من الحرب فسحة لعب، كأنها ترفض أن تُسرق منها طفولتها. تضحك وتتمايل بخفة، ولم تكن تعلم أن تلك اللحظة البريئة ستكون آخر عهدها بكامل جسدها.اضافة اعلان
صاروخ صهيوني أنهى المشهد، وبتر يدها اليمنى بالكامل، اليد التي كانت تكتب بها، وتتناول طعامها، وتتشبث بها بأختها الكبرى، وتلوّح بها لأمها كل صباح.
وغادة، النازحة من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، كانت ضمن عشرات الأطفال المقيمين في المدرسة التي تحوّلت إلى ملجأ للنازحين وسط المدينة.
في المجزرة التي ارتكبها الاحتلال مطلع نيسان(أبريل)، استشهد 31 فلسطينيًا وأُصيب أكثر من 100، كثير منهم أطفال مثل غادة.
وزعم الجيش الصهيوني أنه هاجم "مجمع قيادة" لحماس بقصفه مدرسة الأرقم، فيما نفى مكتب الإعلام الحكومي بغزة ذلك، مؤكدا أن الهجوم استهدف نازحين مدنيين.
والجمعة الماضي، قال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن النساء والأطفال تصدروا قائمة الضحايا منذ استئناف الكيان حربه على قطاع غزة، موضحًا أن الجيش الصهيوني اباد خلال تلك الفترة 595 طفلًا و308 سيدات.
صمت طويل
وتجلس غادة اليوم، في زاوية من مدرسة أخرى أُعيد تهجيرها إليها، لا تبوح بالكثير، لكنها تحمل في نظراتها ما يفوق الكلام. تبتسم حين تُسأل، لكنها تسرح سريعا في صمتها الطويل، كأنها تحادث شيئا لا يُرى.
يقول والدها أحمد دبابش، بصوت مُتعب: "كانت تلعب على الأرجوحة في ساحة المدرسة، وتضحك. وفجأة سقط صاروخ.. أصيبت بشظية في يدها مباشرة، وكانت الإصابة بالغة جدًا. أسعفتها بنفسي، ربطت يدها لأوقف النزيف، وركضنا إلى المستشفى. كنت أدرك أن يدها قد لا تُنقذ من شدة التهتك".
وأضاف: "دخلت غرفة العمليات.. حاول الطبيب، لكنه عاد ليخبرنا أن البتر لا مفر منه".
وتابع بألم: "وقّعت على العملية وقلبنا يتقطع، لكن هذه مشيئة الله ونحن مؤمنون. غادة كانت تستخدم يدها اليمنى في كل شيء: في الأكل، والكتابة، حتى دخول الحمام. الآن نحاول أن نواسيها، وندربها على استخدام يدها اليسرى، لكنها تتعب كثيرًا، حتى من الضحك".
وتقول الطفلة بصوت خافت ووجه شاحب: "أنا غادة دبابش.. عمري 6 سنين.. اليهود قطعوا إيدي وأنا نفسي بيد بدالها".
ولا تُعاني غادة من ألم الإصابة فقط، بل من تداعياتها اليومية، فلا تستطيع اللعب كما كانت، ولا استخدام الحمام دون مساعدة، ولا الكتابة التي كانت تحبها.
وبدعم أميركي يرتكب الاحتلال، منذ 7 تشرين الأول(أكتوبر) 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
طرف صناعي
وتدخل شقيقتها الكبرى ملك (8 سنوات)، على خط الألم بصوت طفولي ممتزج بالحسرة: "كنت أحمل أخي الصغير عندما حدث القصف فجأة.. امتلأ المكان بالدخان ولم أر شيئا.. كنت أتمنى أن ينتهي الدخان سريعا فقط لأعود لأمي".
ثم تستدرك بصوت مثقل بالمسؤولية: "أتمنى أن تحظى غادة بطرف صناعي حتى تستطيع الكتابة واللعب مثلنا (..) هي لا تستطيع دخول الحمام وحدها وأنا دائمًا أكون معها بوقف معها واتمنى أن أراها تضحك من قلبها".
وتختم همسًا، وهي تقبّل يد أختها المبتورة: " أجمل هدية لأختي هي الطرف الصناعي.. حتى تعود لحياتها الماضية".
وفي 24 آذار(مارس) الماضي قالت وزارة الصحة بغزة إن عدد الأطفال الذين استشهدوا خلال حرب الإبادة الجماعية على مدار 19 شهرا بلغ نحو 15 ألفا و613 طفلا، وهو ما يشكل 31 بالمائة من إجمالي القتلى في حينه.
وقالت في إنفوغرافيك نشرته آنذاك، إن الإصابات في صفوف الأطفال وصلت إلى 33 ألفا و900 طفل، بنسبة تصل إلى 30 بالمائة من إجمالي مصابي القطاع، البالغ 113 ألفا و408 أشخاص.
وأفاد الإنفوغرافيك بأن الاحتلال اباد في ذات الفترة 825 رضيعا بعمر أقل من عام.
ولم تشر الوزارة إلى عدد الأطفال والنساء الذين استشهدوا منذ استئناف  إبادتاها الجماعية في 18 مارس الماضي، والتي أسفرت حتى ظهر الجمعة، عن استشهاد 2062 وإصابة 5375 آخرين معظمهم من النساء والاطفال، وفق أحدث بياناتها.
ومطلع آذار(مارس) الماضي انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة "حماس" والاحتلال بدأ سريانه في 19 كانون الثاني 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أميركي.
وبينما التزمت "حماس" ببنود المرحلة الأولى، تنصل رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، من بدء مرحلته الثانية استجابة للمتطرفين في ائتلافه الحاكم، وفق إعلام عبري.
واستأنف الاحتلال جرائم الإبادة عبر شن غارات عنيفة على نطاق واسع استهدف معظمها مدنيين بمنازل وخيام تؤوي نازحين.
وتحاصر "إسرائيل" غزة للعام الـ18، وبات نحو 1.5 مليون من مواطنيها، البالغ عددهم حوالي 2.4 مليون فلسطيني، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، ودخل القطاع مرحلة المجاعة؛ جراء إغلاق تل أبيب المعابر بوجه المساعدات الإنسانية.-(وكالات)
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق