رئيس منقطع عن الواقع

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

 أسرة التحرير

 

تصريحات الرئيس إسحق هرتسوغ في مقابلة العيد التي تنشر اليوم في "هآرتس"، والتي سبق ان نشر قسم منها هنا أمس تعكس انقطاعا خطيرا لرئيس دولة إسرائيل عما يجري فيها هذه الأيام.اضافة اعلان
يشخص هرتسوغ التوتر السياسي الذي يهدد بالاشتعال الى حرب أهلية عامة ويحاول تهدئتها. لكن الطريق الذي يتخذه لا يساهم الا بالتدهور. في إسرائيل "لا توجد دولة عميقة مثلما أقول انه لا توجد دكتاتورية"، اقوال الرئيس. ان المحاولة لخلق تماثل بين "الروايتين" خطيرة، إذ إن هرتسوغ يتجاهل حقيقة أن رواية "الدولة العميقة" هي مؤامرة بلا أساس، يغذيها جهاز دعاية وتحريض غايته الحفاظ على حكم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
بالمقابل، فإن المعسكر الذي يحذر من الدكتاتورية يفعل هذا ردا على محاولة مكشوفة من الحكومة، من خلال وزير عدلها للدفع قدما بانقلاب نظامي هدفه إضعاف جهاز القضاء ومنح الحكومة قوة غير ملجومة. بخطر "اصلاح" يريف لفين حذر رؤساء المحكمة العليا، قضاة، مستشارون قانونيون للحكومة، قانونيون (من اليمين أيضا)، وزراء عدل، رؤساء وزراء وخبراء دوليون كثيرون. ليست هذه معارضة سياسية – حزبية بل دعوة تحذير حقيقية ضد إجراءات معلنة وعلنية تهدد شخصية الديمقراطية، كما أنها تحركها اعتبارات تنطوي على تضارب مصالح خطير. رئيس الوزراء، المتهم بالجنائي، يحاول فرض سيطرة حكومية على تعيين القضاة.
عندما يشير هرتسوغ الى المؤامرة والاحتجاج ضد "الإصلاح" في نفس واحد فإنه يجافي الحقيقة ويشرعن خطوات الحكم ضد حراس العتبة. لو انه على الأقل يصدق الكذبة التي ينشرها، لقلنا حسنا. لكن يخيل انه يكذب عن وعي، في محاولة للتسوية بين المعسكرين وكأنهما طفلان يتنازعان على الدور في المرجيحة في الساحة وهو المربية.
لو أراد هرتسوغ حقا ان يساعد المجتمع الإسرائيلي للخروج من الحفرة التي يغرق فيها لكان عليه أن يضع مرآة امام الحكومة ونتنياهو على رأسها، ويقول الحقيقة. نعم، آلة السم كانت ستهاجمه على الفور ومكانته كانت ستهتز، مثلما يحصل لكل حارس عتبة يرفض الانحناء – لكن هذا هو الامر الصائب عمله. فضلا عن ذلك، يعترف هرتسوغ انه عمل على الغاء محاكمة نتنياهو بدلا من أن يدافع عن القانون وعن قيمة المساواة امام القانون، المبادئ التي يفترض بالمواطن رقم 1 ان يمثلها. وكل هذا في ظل علاقاته المشكوك بها مع نتنياهو، مثلما وجدت تعبيرها في لقائه الغريب مع هداس كلاين شاهدة الادعاء المركزية في ملف 1000 - لقاء كشفت "هآرتس" النقاب عنه.
ان انبطاح هرتسوغ هو جزء من مسيرة تعفن تتميز بها المجتمعات التي تبتعد عن القيم الديمقراطية وتفقد حصانتها امام الفساد الجنائي والأخلاقي. وبذلك يجعل هرتسوغ نفسه دليلا حيا على افول دولة إسرائيل واحد المسؤولين المركزيين عنه.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق