دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- جسران منحنيان بلطف، وشجرة بلوط من البرونز، وممر مستوحى من أوراق زنبق الماء.. جميعها بين السمات البارزة لخمس تصاميم مختارة لموقع النصب التذكاري الرسمي للملكة إليزابيث الثانية، في قلب لندن.
وسيُقام هذا النصب التذكاري الوطني في حديقة "سانت جيمز بارك"، بالقرب من قصر بكنغهام، وسط العاصمة البريطانية.
وقد أعلن الأربعاء، عن التصاميم الخمسة المتأهلة للقائمة القصيرة، التي شاركت فيها بعض أبرز شركات الهندسة المعمارية في المملكة المتحدة، بينها "فوستر آند بارتنرز"، المعروفة بتصميم قاعة مدينة لندن، إلى جانب "Heatherwick Studio"، المكتب الذي يقف وراء تصميم هيكل "Vessel" (الوعاء) الشهير في مدينة نيويورك.
ومن المقرر أن يعلن فريق من لجنة النصب التذكاري للملكة إليزابيث، التي أُنشئت بموجب تعاون مشترك بين الحكومة البريطانية والعائلة الملكية، عن التصميم الفائز خلال صيف هذا العام، بحسب بيان صحفي رسمي. ويُنتظر افتتاح النصب في العام 2026، تزامنًا مع الذكرى المئوية لميلاد الملكة الراحلة.

وتضمن ملخص التصميم طلب إنشاء "مكان يحمل طابعًا عاطفيًا قويًا" يحتفي بـ"حياة إليزابيث الثانية الاستثنائية في خدمة الوطن"، ويوفر في الوقت ذاته مساحة عامة للتأمل.
من جانبه، أفاد اللورد جانفرين، رئيس اللجنة وسكرتير الملكة الخاص السابق، في البيان الصحفي: "لقد كانت جزءًا من هويتنا الوطنية وساهمت في صياغة قيمنا. ومنحتنا إحساسًا بالاستمرارية في أوقات التغيير الجذري، وكانت ركيزة أساسية في تكريم الإنجاز، وجسّدت معنى الخدمة والواجب، مدعومة بالإيمان، ومتزنة بالواقعية والتفاؤل وروح الدعابة".
وأضاف: "يجب أن يستلهم تصميم المخطط الرئيسي من كل ذلك. يجب أن يكون النصب التذكاري ببساطة مكانًا جميلًا، مكانًا للزيارة مع الأصدقاء، مكانًا للتجمع والاستمتاع والتأمل في حياة استثنائية".
ويمكن للجمهور مشاهدة تصاميم المرشحين النهائيين كجزء من معرض إلكتروني، ويمكنهم تقديم ملاحظاتهم حتى 19 مايو/ أيار الجاري.

وتكريمًا لأطول ملوك بريطانيا حكمًا، اقترح "Heatherwick Studio" تصميماً يتمحور حول جسر مستوحى من زهور الزنبق. وفي مقطع فيديو يُعرّف بالتصميم، أوضح مؤسس الاستوديو، توماس هيذرويك، أن قيم الملكة إليزابيث الثانية من "الوحدة والتآلف" كانت مصدر الإلهام وراء فكرة "Bridge of Togetherness" (جسر التآلف)، ليكون بمثابة نقطة تجمّع في قلب الحديقة.
ويضم التصميم تمثالًا للملكة الراحلة محاطًا بمظلة من "زنابق نحتية الشكل" تعلو جسرًا من الحجر الجيري. ويتضمن المقترح كذلك ممرًا يتكون من 70 "ورقة زنبق" حجرية ترمز إلى سنوات حكمها السبعين، إلى جانب نباتات ذات رمزية خاصة للملكة.
اقترح مكتب "فوستر آند بارتنرز" تصميمًا آخر يستلهم مفهوم التناغم، مستوحًى من أعمال المهندس المعماري البريطاني جون ناش، وتحديدًا تجديده لحديقة "سانت جيمس بارك" في عشرينيات القرن التاسع عشر.
ويتكون التصميم من حدائق مترابطة تتخللها شبكة من المسارات المتعرجة، وتتصل فيما بينها بـ "جسر الوحدة" الذي يرمز إلى الملكة بوصفها "قوة موحِّدة تجمع بين الشعوب والدول، والمنظمات الخيرية، ودول الكومنولث، والقوات المسلحة"، بحسب ما ذكره مؤسس المكتب المعماري، المهندس نورمان فوستر، في تسجيل مصوّر.
وستتضمن هذه المسارات عبارات للملكة إليزابيث الثانية، سواء عبر تركيبات صوتية أو نقوش محفورة، من بينها اقتباس من خطاب تتويجها في العام 1953: "سأسعى طوال حياتي وبكل قلبي لأن أكون جديرة بثقتكم".
ومن بين الأعمال النحتية المقترحة، تماثيل تصويرية جديدة لكل من الملكة والأمير فيليب، إضافة إلى "منحوتة الرياح" التي صممها الفنان البريطاني يينكا شونيباري، التي تهدف كي تكون مكانًا للتأمل وتقاسم التجربة الجماعية.
فيما تركّز مقترحات مكتب "J&L Gibbons" لتصميم المناظر الطبيعية على رؤية تجسّد الملكة الراحلة بوصفها "ركيزة الأمة"، من خلال إدراج جسر مصنوع حرفيًا من الصخور الصلبة. ويهدف تصميمه إلى دعوة الزوار إلى تجربة تشبه "الاستحمام في الغابة"، عبر المرور بين مساحات تحيط بها الأشجار، ما يوفر لحظات من التأمل والهدوء.
وأوضحت الشركة في فيديو عرض المقترح أن التصميم يستلهم اقتباسًا من خطاب عيد الميلاد الذي ألقته الملكة العام 1966، حيث تحدثت فيه عن أهمية إدخال "اللطف والرعاية في مسيرة التقدم القاسية للبشرية".
ومن جهته، يستلهم مهندس المناظر الطبيعية توم ستيوارت-سميث من الطبيعة أيضًا، إذ يتضمن اقتراحه إعادة تشكيل شجرة بلوط عتيقة تعود لقرون، تقع في منتزه وندسور الكبير، الذي كان في السابق منطقة صيد خاصة مجاورة لمقر إقامة الملكة الراحلة، قلعة وندسور.

ويعتزم فريقه إجراء مسح رقمي دقيق للشجرة قبل صب نسخة مطابقة لها من البرونز بالحجم الكامل. وسيُطلق على هذا العمل اسم The Queen’s Oak "شجرة بلوط الملكة"، وسيُوضع إلى جانب جسر منحني بانسيابية، ليكون العنصر البصري الأبرز في الموقع. وأفادت الشركة أن أوراق الشجرة المطلية ستبدو كـ"سراب ذهبي ينعكس على سطح البحيرة" عند حلول الليل.
ويشمل المشروع أيضًا تفاصيل أخرى مثل قوالب برونزية لزهور من دول مختلفة داخل الكومنولث، إلى جانب تجربة صوتية تفاعلية تبث فيها تسجيلات لذكريات من أشخاص تأثرت حياتهم بالملكة إليزابيث الثانية.

ومن أجل إضفاء طابع تأملي على التجربة، اقترحت شركة WilkinsonEyre للهندسة المعمارية، التي تولت أخيرًا ترميم محطة باترسي للطاقة في لندن، تصميم ممرات تتخللها "خيوط" رمزية تجسّد حياة الملكة. ويمكن للزوار تتبع هذه الخيوط، التي تنقسم إلى سبعة محاور رئيسية تشمل العائلة، والطبيعة، ورابطة الكومنولث، لتعكس عقود خدمتها السبعة.
وسيتيح جسران، مُقامان على مستويين مختلفين، للزوار إطلالاتٍ على الحديقة، والقصور الملكية، وأفق لندن.
0 تعليق