إنجاز كريستال بالاس يؤكد حاجة مانشستر سيتي لإعادة بناء جذرية

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

  كان أمام المهاجم النرويجي إريلنيج هالاند فرصة مثالية لكسر نحسه التهديفي في استاد ويمبلي أول من أمس، لكنه اختار التخلي عن تلك الفرصة خلال خسارة مانشستر سيتي أمام كريستال بالاس (0-1) في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي.اضافة اعلان
فمع إمساكه بالكرة واستعداده لتنفيذ ركلة جزاء يمكن أن تعادل النتيجة، صدم هالاند الجماهير الحاضرة في الملعب والمشاهدين أمام الشاشات عندما قبّل الكرة وسلمها إلى المصري عمر مرموش، الذي تصدى الحارس دين هندرسون لتسديدته ببراعة.
وقال بيب جوارديولا، مدرب مانشستر سيتي: "كنت أظن أنه سيرغب في تسديدها، لكن لم يتحدثوا مع بعضهم البعض. في تلك اللحظة الخاصة بركلة الجزاء، يكون الأمر متعلقا بالشعور وكيف يشعر اللاعب. قرروا أن عمر كان مستعدا لتسديدها. لقد استغرق عمر وقتا طويلا أثناء توقف اللعب، ما زاد الضغط عليه، وهندرسون قام بتصد رائع".
واقترح النجم السابق وقائد مانشستر يونايتد واين روني أن الموقف قد أثر على هالاند، قائلا: "إيرلينج هالاند مهاجم عالمي، لكن عندما نتحدث عن ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، لا يمكن تخيل أنهما سيتنازلان عن تسديد ركلة الجزاء. هذا ما يميز هذين اللاعبين عن هالاند وكيليان مبابي وغيرهم. إنهم أنانيون بطريقة إيجابية، ويرغبون في التسجيل بكل مباراة".
وأضاف: "عندما يهدر الفرص، يبدو واضحا أن الأمر يؤثر عليه نفسيا. ربما كانت فكرة تنفيذ ركلة جزاء في ويمبلي أكثر مما يحتمله ذهنيا. لا أحد يعرف، فهو في النهاية إنسان".
وكان هالاند اجتاح الساحة الكروية في موسمه الأول بإنجلترا، عندما سجل 52 هدفا في 53 مباراة، وساعد مانشستر سيتي في تحقيق الثلاثية التاريخية (دوري أبطال أوروبا، الدوري الإنجليزي، وكأس الاتحاد الإنجليزي).
لكنه وفريقه الآن خسروا نهائيين متتاليين على ملعب "ويمبلي"، بعد الهزيمة أمام مانشستر يونايتد العام الماضي.
وفي مقابلة سابقة، وصف هالاند الموسم الحالي بأنه "فظيع"، لكنه أشار إلى أن الفريق لديه فرصة للتعويض عبر الفوز بالكأس أمام بالاس، وهو ما لم يتحقق.
رغم غيابه لأسابيع عدة، بسبب الإصابة تمكن هالاند من تسجيل 30 هدفا هذا الموسم. ومع ذلك، فإنه فشل الآن في التسجيل في 8 نهائيات خاضها مع مانشستر سيتي، وامتد صيامه التهديفي إلى 6 مباريات على ملعب "ويمبلي".
وربما كان إهداره لثلاث من آخر سبع ركلات جزاء، حاضرا في ذهنه.
وقال آلان شيرر، قائد منتخب إنجلترا السابق: "لا يمكن أن يسمح لي أحد بأخذ الكرة مني لأني سأكون من ينفذ ركلة الجزاء إذا حصلنا عليها. سواء أهدرت ثلاث ركلات هذا الموسم أو كنت عائدًا من إصابة، طالما أنك لائق وتتواجد على أرض الملعب، فعليك أن تتحمل مسؤولية التسديد".
وأضاف: "لا أستطيع تصديق أنه قال لزميله.. سددها أنت، لا أشعر بأنني مستعد".
أما مدافع مانشستر سيتي السابق ميكا ريتشاردز، فقال: "أعرف أن سجل هالاند في ويمبلي ليس جيدا، لكن عدم تنفيذه للركلة غريب جدا. عادة ما يكون واثقا للغاية، بل ومتعجرفا أحيانًا".
وقال دين هندرسون، حارس مرمى كريستال بالاس: "كنت أظن أن هالاند سيتقدم، ولم أكن متأكدا من الاتجاه الذي سيختاره. لكنه أعطاها لمرموش، وكنت أعرف إلى أي زاوية سيسدد. كنت واثقا من أنني سأتصدى لها".
بدأ مانشستر سيتي المباراة بقوة وسيطر على الدقائق الأولى، وكان هالاند قريبا من التسجيل من كرة ملتفة أنقذها هندرسون ببراعة، لكن بالاس باغتهم بهجمة مرتدة أنهاها إيبرشي إيزي بتسديدة في الدقيقة 16، أحرزت الهدف الذي ضمن لهم الفوز باللقب.
أظهر لاعبو مانشستر سيتي احترامهم الكامل للخصم، وانتظروا على أرضية الملعب حتى رفع لاعبو كريستال بالاس الكأس، قبل أن يغادروا برؤوس منحنية نحو النفق المؤدي لغرف الملابس.
أما هالاند، فقد بقي متجمدا على أرض الملعب، بميدالية المركز الثاني الثقيلة على عنقه، متأملا على الأرجح كيف ساءت الأمور في هذا الموسم.
احتفل لاعبو كريستال بالاس بأول بطولة كبرى في تاريخ النادي، واحتفل مواطنو هالاند بيوم النرويج الوطني، لكن لم يكن لدى المهاجم النرويجي سبب يذكر للاحتفال.
شهدت المباراة أيضا لحظة رمزية أخرى، تمثلت في مشاركة لاعب الوسط الأرجنتيني الشاب كلاوديو إيتشفيري، البالغ من العمر 19 عاما، في أول ظهور له مع الفريق، بينما لم يتمكن النجم المغادر كيفن دي بروين من إنهاء مسيرته المضيئة مع مانشستر سيتي بلقب أخير.
وقال ريتشاردز: "كان هذا الموسم محبطا جدا بالنسبة لمانشستر سيتي. بيب جوارديولا تحدث عن ذلك طوال الموسم. اللاعبون لم يرتقوا إلى المستويات التي اعتادوا تقديمها في السنوات الأخيرة. من الواضح أن الفريق بحاجة إلى إعادة بناء – وهذا أمر يراه الجميع".
من جهته قال جوارديولا: "لم نسجل، لذا نهنئ كريستال بالاس على الفوز. لقد قمنا بكل شيء اليوم، كنا أكثر عدوانية. لكن إن لم تسجل، فلن تفوز". 
في الجانب الآخر، جاء أعظم أيام كريستال بالاس، والفرحة العارمة بتحقيق لقب كأس الاتحاد الإنجليزي، بعد أن خرج الفريق من ظلام أزمة كادت تطيح بالمدرب أوليفر جلاسنر.
كانت بداية كريستال بالاس هذا الموسم هي الأسوأ منذ الموسم 1992-1993 – إذ فشل الفريق في تحقيق أي فوز في الدوري الإنجليزي حتى الجولة التاسعة، عندما انتصر على توتنهام في "سيلهرست بارك" يوم 27 تشرين الأول (أكتوبر). ولكن تلك البداية البائسة أصبحت ذكرى بعيدة تحت شمس "ويمبلي" الساطعة، حيث احتفل "النسور" بأول إنجاز كبير في تاريخهم.
وفيما كان جلاسنر ولاعبوه يحتفلون أمام جماهيرهم المبتهجة، كان ذلك بمثابة تتويج لخيار رئيس النادي ستيف باريش وإدارة "سيلهرست بارك" في الحفاظ على ثباتهم وعدم الانسياق خلف الضغوط التي أحاطت بالمدرب النمساوي البالغ من العمر 50 عاما.
كما كانت تلك اللحظة بمثابة إثبات على صواب نهج جلاسنر نفسه، الذي قال في تلك الفترة العصيبة في تشرين الأول (أكتوبر): "حان وقت احتضان اللاعبين، لا ركلهم".
وكان هناك الكثير من العناق في ويمبلي، إذ طاف لاعبو كريستال بالاس بالكأس، تتويجا لمسيرة التعافي التي قادها جلاسنر ببراعة ونفذها لاعبوه بجدارة.
وقال ستيف باريش عقب الفوز الصعب: "هذا ما فعله أوليفر جلاسنر – جعلنا جميعا نؤمن. يمكنكم رؤية ذلك في النهاية. أنا فخور جدًا".
وجاء رد فعل جلاسنر حين دخل التاريخ مطابقا لأسلوبه التدريبي – هادئا ومتزنا وهو يتوجه لمصافحة جوارديولا. 
وقد شبه كثيرون شخصية جلاسنر المتقدة ونهجه الإيجابي، عندما قاد آينتراخت فرانكفورت للفوز بالدوري الأوروبي العام 2022. بما كان عليه يورجن كلوب، وقد خدمه هذا النهج جيدا في بداية الموسم، حين تعثر الفريق بشكل كبير.
جلاسنر لم يفقد ثقته بنفسه عندما حصد بالاس ثلاث نقاط فقط في أول ثماني مباريات بالدوري هذا الموسم. والأهم، أنه لم يفقد ثقته في لاعبيه.
كان يعتقد أن هناك أسبابا حقيقية لبداية الفريق البطيئة، خصوصا بعد أن أنهى الموسم الماضي محققا 19 نقطة من أصل 21 ممكنة.
هذا المدرب الدقيق الصارم، الذي يدير كل شيء عبر تقويمه الرقمي، كان يقود مرحلة انتقالية كبيرة بعد أن فقد الفريق أحد أبرز مواهبه، مايكل أوليسيه، الذي انتقل إلى بايرن ميونيخ مقابل 50 مليون جنيه إسترليني، إضافة إلى رحيل المدافع الأساسي يواكيم أندرسن إلى فولهام مقابل 30 مليونا.
في المقابل، وصل إيدي نكيتياه من آرسنال مقابل 30 مليونا، لكنه لم يكن في جاهزية بدنية، بينما كانت عناصر أخرى مهمة في الفريق غير مهيأة بدنيا.
إيبيريتشي إيزي، وآدم وارتون، ومارك جويهي، والحارس دين هندرسون، كانوا جميعا ضمن المنتخب الإنجليزي في "يورو 2024"، بينما شارك جان- فيليب ماتيتا مع فرنسا في نهائي الأولمبياد، وجيفرسون ليرما ودانييل مونيوز كانا مع كولومبيا في كوبا أميركا.
كان جلاسنر واثقا من أن الفريق سيصبح قوة حقيقية بمجرد أن يستعيد لاعبيه لياقتهم، كما كان عليه دمج أربعة تعاقدات في اليوم الأخير من الانتقالات، من بينهم المدافع ماكسنس لاكرو من فولفسبورج، والحارس مات تورنر من نوتنجهام فورست، وتريفو تشالوباه المعار من تشيلسي. وقد تحقق ذلك، وبشكل مذهل.
وأكد باريش أن منصب جلاسنر لم يكن محل شك أبدا، بعد أن رأى عمله عن قرب وحماسه في التدريبات. وكان هذا اليوم، الذي كتب فصلا جديدا في تاريخ النادي، هو الثمرة لتلك الثقة.
ابتكر جلاسنر نظاما مثاليا يتيح للثلاثي الهجومي إيزي، إسماعيلا سار، وماتيتا العمل بانسجام، حيث يلعب ماتيتا كرأس حربة صريح، بينما يتحرك الآخران بحرية وتهديد خلفه. ويتمتع الفريق بقوة في مناطق أخرى، حيث ساهم دانييل مونيوز بشكل مباشر في 13 هدفا هذا الموسم – ستة أهداف وسبع تمريرات حاسمة – ليصبح المدافع الأكثر إسهاما تهديفيا في أندية الدوري الإنجليزي هذا الموسم بالتساوي مع بيدرو بورو من توتنهام.
أما الخط الخلفي للنسور، المكون من كريس ريتشاردز، ولاكرو، وجويهي، فقد شكل جدارا صلبا، رغم أن الفريق فقد قائده المؤثر جيهي في الدقيقة 61 من النهائي بسبب إصابة في الرأس.
والأهم في مثل هذه المباريات الحاسمة، أن بالاس امتلك عامل الحسم. اللاعبون الذين راهن عليهم جلاسنر للخروج من الأزمة، كانوا أبطالا طوال مشوار كأس الاتحاد، وتألقوا مجددا أمام مانشستر سيتي.
وجاء هدف إيزي في الدقيقة 16 ليحسم النهائي، بعد أن أنهى هجمة مرتدة مثالية بتسديدة محكمة في شباك الحارس ستيفان أورتيجا.
كان ذلك أول تسديدة لأول لمسة داخل منطقة الجزاء لصالح بالاس، لكنها جاءت بحسم قاتل.
وكان إيزي قاد الطريق أيضا في ربع النهائي أمام فولهام، ثم في نصف النهائي أمام أستون فيلا في ويمبلي.
أما هندرسون، فقد كان أحد أبطال بالاس الآخرين في هذا المشوار، وتحديدا في نصف النهائي أمام فيلا، ومجددا أمام سيتي، حيث لعب دور البطل لفريقه، ودور "الشرير" لسيتي.
خطؤه الوحيد جاء عندما تردد في الخروج لمواجهة كرة طويلة من جوسكو جفارديول، وخرج ليصد الكرة بيده خارج منطقة الجزاء. لكنه تنفس الصعداء بعد أن قرر حكم الفيديو أن هالاند لم يكن متجها نحو المرمى، وبالتالي لم يحرم من فرصة تسجيل واضحة.
بعيدا عن تلك اللقطة، كان هندرسون مثاليا، فأنقذ محاولات من هالاند، وجفارديول، وجيريمي دوكو في الشوط الأول، ثم تصدى لفرصة من البديل كلاوديو إيتشفيري في الوقت القاتل.
وكان توماس توخيل، مدرب منتخب إنجلترا، أحد المتابعين للمباراة، وهو من المعجبين بهندرسون. وعلى الرغم من أن الحارس ما يزال بحاجة لإثبات أحقيته بلقب "الحارس الأول في إنجلترا"، الذي هتفت به جماهير بالاس، فإن أداءه يعزز من فرصه بشكل جدي.
وبدا أن هندرسون أزعج جوارديولا، الذي بدا غاضبا ووجه كلمات قاسية تجاهه عند صافرة النهاية.
أما كريستال بالاس، فقد عاش لحظة فرح لا توصف، خاصة الجماهير التي طالما دعمت الفريق بشغف وضجيج، وكانت متعطشة لمحو ذكريات الهزائم السابقة في نهائي الكأس ضد مانشستر يونايتد في العامين 1990 و2016.
وقبل هذه المسيرة البطولية، كانت زيارات جلاسنر الثلاث السابقة لملعب "ويمبلي" مجرد مشاهدات لمباريات إنجلترا أو إيصال ابنته لحفل المغنية "تايلور سويفت".
أما الآن، فقد صنع جلاسنر لنفسه ذكريات خاصة في هذا الملعب، بعد الفوز الكبير 3-0 على أستون فيلا في نصف النهائي، ثم سماع نشيد النصر الكامل من جماهير فريقه عند نهاية الوقت الإضافي الذي امتد لعشر دقائق عصيبة.
وكانت رسالته قبل النهائي، عندما أثير الحديث عن التاريخ، واضحة: "لا تتحدث عن البيضة قبل أن تضعها الدجاجة".
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق