توجه لمكتب الاستقبال، وأخبر الموظف أن لديه حجز غرفة، وبكل أدب اعتذر الموظف (س) وشرح له أن موعد تسليم الغرفة يبدأ الساعة الثالثة و ليس الآن.
انتظر العميل في استراحة الاستقبال واحتسى قهوته ببطء، منتظرا ومتأملا تفاصيل ذلك الاستقبال وموظفه الذي حرمه الصعود لغرفته (حسب ظنه)، باحثا عن حل لمشكلته التي هو سببها، وفي لحظة سريعة، يغادر ذلك السجان (س) ليأتي بعده موظف آخر ولنسميه (ص).
ذهب إليه العميل، وشرح له الموضوع بأسلوب أفضل، وكانت المفاجأة، سُمح له بالعبور للمصعد واستلم مفتاح غرفته التي كان يحلم بها.
وهنا تبرز تساؤلات عدة:
لماذا الموظف (س) لم يقدم الخدمة للعميل واعتذر؟ بينما الموظف (ص) قدمها له بكل حب؟ هل هي عدم احترافية من (س)؟ أو أنها احترافية الموظف (ص)؟ هل هناك اعتبارات شخصية حرمت عميلنا الصعود لغرفته؟ أم أنه اجتهاد (ص) جعل عملينا يصعد لغرفته؟ هل كان هناك ابتزاز عاطفي للموظف (ص) مثل: معك المشهور فلان، أم أن الموظف تعرف على المشهور وزادت نبضات قلبه وقرر خدمته بأعلى جودة؟
لا تعني الخدمة الجيدة تجاوز الصلاحيات، ولا تعني الخوف من الاعتذار أو رفض طلبات العميل بطرق مناسبة، ولا تعني المجاملات أو إعطاء العميل كل ما يريد، على حساب سياسة المنظمة وأنظمتها وإجراءاتها، أو تأخير أو إضعاف جودة الخدمة لعملاء آخرين لأجل هذا العميل.
أنا أتفق مع كل سلوك يرضي العملاء أو يقدم لهم خدمة فوق توقعاتهم، بشرط أن لا تكون سلوكيات فرديه اجتهادية، وإنما تكون ضمن إطار تقديم الخدمة، وعبر إجراءات واضحة ومرنة ضمن اللوائح والأنظمة، مع التحسين المستمر، حتى يتسع تأثيرها ويطبقها جميع موظفي الصفوف الأمامية وتزيد صلاحياتهم ويستمر تدريبهم، وبالتالي يحصل جميع العملاء على جودة الخدمة نفسها والتفاعل الرائع، مهما كان الظرف والشخص الذي يقدم الخدمة لهم.
خلك على طبيعتك! لا تحسّن أسلوبك، حتى تحصل على أفضل خدمة، لأن الخدمة في الأصل تقدم جيدة بغض النظر عن طريقتك في طلبها بصفتك عميلا، وعلى المنظمة والموظفين بها محاولة كسب رضاك والتكيف معك، وتقديم أفضل خدمة لك بالمستطاع، وليس أنت الذي تسعى بأسلوبك وعلاقاتك لأن تحصل على أفضل خدمة موجودة.
واختصارا لما سبق.. الخدمة الرائعة تقدم للجميع، "للجميع" ومن قبل كل الموظفين، وفي كل الأوقات، وتحت أي ظرف، لا تتأثر بشيء ولا تزيد جودتها أو تقل بحسب نظرة الموظفين للعملاء أو أسلوب العملاء معهم، لأن التذبذب في جودة الخدمة بحسب الموظف الذي يخدمك، ينسب الفضل للموظفين، وليس للمنظمة بأكملها وطريقة تفاعلها وإجراءاتها مع جميع عملائها.
ختاما، لنتذكر: موقف ذلك المشهور (الشكاي البكاي) الذي طلب الحصول على بعض الخدمات التي تقدمها الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، ظنا منه بتسهيل الحصول عليها، لأنه مشهور، ولكن تم التعامل معه بالعدل وبكل احترافية مع الاعتذار عن تقديم الخدمة وشرح أسباب ذلك.
هذا هو الحال مع الجميع، "الجميع" لأن الإجراءات التنظيمية والخطوات المتبعة مطلوبة من الجميع، ووضعت لأجل الجميع، للتسهيل عليهم وضمان راحتهم، وتحقيق أفضل تجربة لهم.
0 تعليق