الضوابط القانونية للأمن السيبراني في الأردن

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان- الأمن السيبراني بات من القضايا المحورية في العصر الرقمي، حيث أصبحت الشركات والمؤسسات عرضة لمخاطر يومية نتيجة التطورات التكنولوجية السريعة. وفي الأردن، يعد الأمن السيبراني جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيات الحوكمة وحماية البيانات، إذ ترتكز الأنظمة الأردنية على ضمان حماية الأصول الرقمية والبيانات الشخصية للمواطنين.اضافة اعلان
وتسعى القوانين الأردنية إلى توفير بيئة رقمية آمنة من خلال عدد من التشريعات والإجراءات التي تركز على الجوانب الرئيسية في ضمان حماية الأصول الرقمية؛ فالمركز الوطني للأمن السيبراني في الأردن يلعب دوراً محورياً في تنظيم وضمان بيئة رقمية آمنة من خلال إصدار أنظمة وتعليمات تُلزم الشركات والمؤسسات بتطبيق معايير الأمن السيبراني. ومن أهم التوجيهات التي أصدرها المركز في هذا المجال سياسات الأمن السيبراني.
فالمركز الوطني للأمن السيبراني يشدد على ضرورة أن تقوم الشركات والمؤسسات الأردنية بتطوير سياسات أمن سيبراني شاملة تغطي جميع العمليات الرقمية، ويجب أن تتضمن السياسات خططاً لإدارة الأصول الرقمية، تصنيف البيانات الحساسة، وإجراءات لحماية الأنظمة من الهجمات الإلكترونية.
ومن أهم الإجراءات التي يجب أن تكون موضع التنفيذ؛ تحديد الأدوار والمسؤوليات للموظفين بوضوح لضمان التزام الجميع بتطبيق السياسات، وكذلك توعية الموظفين من خلال برامج تدريبية دورية حول أفضل الممارسات الأمنية، مثل التعامل مع البريد الإلكتروني المريب والحفاظ على كلمات المرور الآمنة، والتأكد من تحديث السياسات بشكل دوري لتواكب التغيرات التكنولوجية والتهديدات المستجدة.
ويطلب المركز من المؤسسات الامتثال لقانون الجرائم الإلكترونية الأردني رقم (27) لسنة 2015، الذي يتضمن أحكاماً لمعاقبة أي تجاوزات إلكترونية. أما المؤسسات التي تتعامل مع بيانات خارجية، فهي مطالبة بتطبيق معايير، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) لضمان حماية البيانات وفق المعايير العالمية. ومن أهم الإجراءات تعيين موظف مختص بحماية البيانات (DPO) لضمان الامتثال لجميع القوانين ذات الصلة.
ويشدد المركز على توقيع اتفاقيات مستوى الخدمة (SLAs) مع الأطراف الثالثة، مثل مزودي الخدمات التقنية لضمان التزامهم بمعايير الأمن السيبراني.
يجب أن تتضمن الاتفاقيات بنوداً تتعلق بسرية المعلومات وحمايتها من أي استخدام غير مصرح به. ولا بد من تضمين بنود قانونية تفرض غرامات على أي خرق لبيانات العملاء من قبل الأطراف الثالثة. والتحقق من أن مزودي الخدمات لديهم سياسات أمان متقدمة لحماية البيانات.
ويلزم المركز المؤسسات بوضع خطط استجابة للحوادث السيبرانية لتقليل آثار الهجمات الإلكترونية. ويجب أن تتضمن الخطة إجراءات للإبلاغ الفوري عن الحوادث إلى المركز الوطني للأمن السيبراني. ولا بد من تشكيل فريق مختص بإدارة الحوادث السيبرانية داخل المؤسسة، ووضع إجراءات للتعامل مع الحوادث، تشمل عزل الأنظمة المصابة، وتحليل سبب الخرق، واستعادة البيانات. ويتطلب المركز من المؤسسات إجراء تقييم دوري للمخاطر السيبرانية لتحديد الثغرات الأمنية واتخاذ الإجراءات المناسبة لتقليلها.
ومن الضروري إجراء اختبارات اختراق دورية لتحديد نقاط الضعف في الأنظمة، وتحليل البيانات المتعلقة بالهجمات السابقة لتوقع التهديدات المستقبلية. ويؤكد المركز ضرورة جمع ومعالجة البيانات الشخصية وفقاً للقوانين، مع الحصول على موافقة صريحة من الأفراد قبل استخدام بياناتهم. ويجب على المؤسسات حماية البيانات باستخدام تقنيات مثل التشفير وضمان عدم الوصول غير المصرح به.
ومن الأهمية بمكان إنشاء سياسات خصوصية واضحة ومعلنة للعملاء توضح كيفية جمع واستخدام البيانات، واستخدام تقنيات التشفير لحماية البيانات أثناء النقل والتخزين.
ومن خلال الامتثال لهذه التعليمات وتطبيق أفضل الممارسات، يمكن للمؤسسات الأردنية حماية بياناتها وتعزيز ثقة العملاء في البيئة الرقمية المتنامية.
الا أنه رغم الجهود المبذولة، يواجه الأردن عدداً من التحديات في مجال الأمن السيبراني؛ فرغم وجود قوانين مثل قانون الجرائم الإلكترونية، إلا أن هناك حاجة لتشريعات أكثر تخصصاً تعنى بتعقيدات الأمن السيبراني.  كما يعاني المجتمع الأردني من ضعف في الوعي بالمخاطر السيبرانية وأهمية حماية البيانات الشخصية. وتواجه العديد من المؤسسات صعوبات في تحديث أنظمتها لتواكب المعايير الأمنية الحديثة.
ولتعزيز الأمن السيبراني ومواكبة التغيرات التكنولوجية، يتعين على الأردن اتخاذ خطوات ضرورية، من أهمها تطوير التشريعات، من خلال سن قوانين متخصصة للأمن السيبراني تتناول الجوانب التقنية والقانونية، وإدخال نصوص واضحة حول المسؤوليات القانونية للشركات في حالة خرق البيانات.
ولا بد من تعزيز البنية التحتية من خلال تحديث الأنظمة التقنية والشبكات لضمان توافقها مع المعايير الأمنية الدولية، وتعزيز الاستثمار في التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي لتحسين رصد الهجمات السيبرانية.
كما يعد تقديم برامج تدريب مستمرة للموظفين في القطاعين العام والخاص من أفضل الممارسات الأمنية. فمن خلال إنشاء مراكز تدريب متخصصة لتأهيل خبراء في مجال الأمن السيبراني. ولا بد من دعم الشركات الناشئة التي تقدم حلولاً مبتكرة للأمن السيبراني وتوفير حوافز مالية للشركات التي تستثمر في تحسين بنيتها التحتية الأمنية.
إن الأمن السيبراني ليس خياراً بل ضرورة استراتيجية لضمان استقرار الاقتصاد والمجتمع في العصر الرقمي. فالأردن يحتاج إلى تبني نهج شامل يوازن بين تعزيز التشريعات، تحديث البنية التحتية، وزيادة الوعي المجتمعي. من خلال هذه الجهود، يمكن للأردن أن يصبح نموذجاً يحتذى به في مجال الأمن السيبراني على مستوى المنطقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق