نُبارك لجلالة الملك المعظم، حفظه الله ورعاه، ولصاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الموقر، ولسمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، ولسمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة ورئيس الهيئة العامة للرياضة، ولجميع إداريي ولاعبي منتخبنا الوطني لكرة القدم أبطال الخليج، على فوز المنتخب بكأس الخليج في نسختها السادسة والعشرين بجدارة واستحقاق، نظير المستوى والأداء المتميز الذي قدمه المنتخب في جميع مبارياته في هذه البطولة.
دورة الخليج لكرة القدم، نسخة بعد أخرى، تثبت الالتفاف الوطني الكبير الذي تشهده في جميع دول الخليج، والمتابعة الحثيثة من شعوبها. وقد شهدنا هذا الاهتمام في دورات الخليج الماضية، وخاصة تلك التي شهدت مشاركة نجوم متألقين وقامات رياضية مازال التاريخ يتذكر نجوميتها وتألقها في تلك الدورات. فكانت هذه البطولة بمثابة عرس خليجي بالدرجة الأولى. اليوم، تحظى هذه البطولة باهتمام أكبر من السابق وعلى أعلى المستويات، فضلاً عن الحضور الجماهيري الكبير الذي أثبت حبه لهذه الدورة وحرصه على تشجيع المنتخبات الوطنية التي تنافست لتحقيق مبتغاها بالفوز بكأس البطولة.
من عاش تجربة حضور «المباراة النهائية» للدورة، وعاش الأجواء بكل تفاصيلها، أو حتى تابعها في سوق المباركية وغيرها من أماكن الحضور الجماهيري في الكويت أو البحرين، سيدرك بلاشك حجم الحب والولاء لهذا الوطن الغالي. فالوطن ليس مجرد مكان، بل هو مشاعر حب متبادلة، وكيان ينبض بالخير نعمره وننهض به بسواعدنا وسواعد أبنائنا. أعتقد أن الحضور الجماهيري الكبير، الذي تجاوز 25 ألف مُشجع بحريني في استاد جابر الأحمد الدولي بالكويت، يُعدّ حضوراً تاريخياً هو الأول من نوعه في جميع مباريات منتخبنا الوطني. ولم يقتصر الحضور على فئة أو عمر معيّن، بل شمل جميع أطياف المجتمع من الجنسين، وجميع الأعمار والمناصب الإدارية، حيث تجمّع الجميع مكتسياً باللون الأحمر ورافعاً علم بلاده، يهتف بصوت واحد: «بحرين».
الجميل أنك كلما شاهدت بحرينياً على أرض الكويت، يُبادلك الابتسامات، وبعد الفوز يُبادلك شعور النصر والتهاني والتبريكات. حتى في فترات الوقوف الطويلة عند الحدود، كان الاحتفاء بالفوز واضحاً من خلال أصوات منبهات السيارات تعبيراً عن الفرحة.
المنظر الجماهيري المهيب الذي ملأ استاد جابر الأحمد رسم فرحة وابتسامة على وجوه الجميع. وصفق الجميع من أجل «فرحة وطن» وسعادة نتمناها دائماً. هذه العزيمة والإصرار من لاعبي المنتخب لتحقيق البطولة كانت مشهداً لم نشهده منذ فترة جيل «السلطان وشويعر وبوشقر»، ذلك الجيل الذي كان يلعب من كل قلبه. هكذا هو حب الوطن، يتعدى الحدود، ويتجاوز الخلافات، ويجمع الجميع على حبه وحب قيادته وناسه وأهله. فالرياضة أصبحت الحضن الذي يجمع الجميع، ويقرّب القلوب، ويوحّد الهتاف الوطني، ويجعل للوطن رونقاً يتلألأ بالخير في نفوس الأبناء الصغار، جيل المستقبل الواعد.
نحتاج إلى أن نحب الفرح والخير للوطن، وأن نكون فيه سواعد للإيجابية والعطاء والبذل والتضحية والإنجاز. نحتاج إلى أن نكون أصحاب مبادئ وطنية ثابتة تعرف كيف تنهض بوطنها وكيف تستشعر نعمة الأمن والخير الذي نعيشه. فرحتنا لمنتخب البحرين ذكرتنا بالعديد من المناسبات التي خرج فيها الجميع بلا استثناء من أجل حب الوطن. فقد عمت الفرحة جميع المدن والقرى بلا استثناء، والجميع تكلم بلغة الوطن وقال: «نحن الذين يجب أن نحمله بسواعدنا».
هوية وطنية نعتز بها ونفخر بأننا أبناء هذا البلد العزيز. البحريني بسيط ورائع بأخلاقه ووطنيته والمحافظة على هويته. ومن حضر المباراة النهائية سيُدرك كيف توحّد الجميع وذابت الفوارق، وهتفوا باسم الوطن. نحتاج إلى رسم الإيجابية في كل نواحي حياتنا، ونحتاج إلى احتضان كل فرح من أجل الوطن. نحتاج إلى المحافظة على ما يجمعنا ويعزّز من قيمة هويتنا، لتتحدث عنا الشعوب بطيبتنا ومحبتنا واتفاقنا على المبادئ الوطنية في حب الوطن وقيادته وشعبه وأرضه. ويا زين البحريني بلهجته وعفويته إذا وطأت قدماه أرض بلدان الخليج، ويا زين الخليج يتزين بأبنائه وتتحد أطيافه من أجل مستقبل أجمل لخليجنا الواعد.
نفخر بلاعبي المنتخب الذين تعاملوا مع الضغوطات بعزيمة وإصرار لتحقيق البطولة، ونأمل بإنجاز قادم بنفس الروح والعزيمة للفوز فيما تبقى من مباريات التأهل إلى كأس العالم، وهو الطموح الأكبر. شكراً لكم، فقد أسعدتم البحرين جميعها، صغيرها وكبيرها، وجمعتم القلوب ورسمتم الفرحة. وهي دعوة لاستثمار الرياضة في الخير، واستثمار مواهبنا البحرينية والمدربين البحرينيين الأكفاء من الشباب، وإنشاء الأكاديميات الرياضية المتخصّصة، من أجل مستقبل واعد للرياضة البحرينية وخاصة في كرة القدم.
ومضة أمل: حفظ الله وطننا الغالي من كل شر وسوء، وأدام عزه وأمنه وأمانه، ووفق مليكنا المعظم وولي عهدنا إلى كل خير وصلاح.
0 تعليق