الشبراوي: الريادة تتطلّب الشراكات المجتمعية والتمويل الأخضر وتشجيع الشركات الناشئة

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حمدي عبدالعزيز


قال الرئيس التنفيذي السابق لبنك الأسرة والخبير الدولي في المشروعات الصغيرة د.عاطف الشبراوي، إن مملكة البحرين تمتلك تاريخاً طويلاً يمزج بين التنمية الحضرية والزراعة، وكانت تُعرف بـ«بلد المليون نخلة»، ووصفتها كتب التاريخ رغم مساحتها الصغيرة بمساحاتها الخضراء الوفيرة التي تضم عدداً كبيراً من أشجار النخيل والعيون، ومزارعها كانت الأقدم في المنطقة، لذلك بدا أن الاقتصاد الأخضر يمثل مقوماً من المقومات الأساسية للتنمية بها، وهذا كان نهج البحرين في كل مراحل تطورها، وصولاً إلى عام 2008 مع إطلاق رؤية 2030، التي أطلقها رئيس مجلس التنمية الاقتصادية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وارتكزت على ثلاثة مبادئ هي: الاستدامة والعدالة والتنافسية، ومهدت للاهتمام بالاستدامة البيئية وإطلاق العديد من المبادرات الحكومية لدعم المزارعين، مثل المبادرة الوطنية لتنمية القطاع الزراعي، وتنظيم أسواق للمزارعين، والتطوير الدائم لمعرض البحرين الدولي للحدائق وغيرها.

وأضاف أن هذه النظرة التاريخية تؤكد أن الاقتصاد الأخضر في البحرين يعتمد على مقومات تاريخية، وتوجهت القيادة لتوظيف هذه المقومات في تحقيق الريادة والنهضة الاقتصادية، منوهاً بأن الاسترشاد بالتجارب الدولية يمكن أن يضيف للخبرة البحرينية المزيد من الريادة والانطلاق، وأن هناك أربعة محاور رئيسة يمكن البناء عليها وهي: تفعيل وتنشيط مبادرات الشراكة المجتمعية، وتعزيز الشركات الناشئة في ريادة الأعمال المستدامة، وتطوير التمويل المستدام، وتعزيز مكانة التعليم والبحث العلمي في الاقتصاد الأخضر والأزرق والتنمية المستدامة، وإطلاق برامج أكاديمية وتنفيذية تستعيد تنافسية البحرين في مجال التعليم.

وأكد د.الشبراوي على الحاجة إلى مبادرات اجتماعية تعزّز الشراكة في تطوير الاقتصاد الأخضر، قائلاً: «شاركت في تنفيذ مختبرات الابتكار الاجتماعي في عدد من المدن الخليجية ومنها مبادرة (أنسنة جدة)، والتي تهدف إلى تطوير حدائق وواجهات عمرانية ومماشٍ في الأحياء القديمة، وتستعين فيها بأفكار محلية من أهالي الأحياء، ويمكن مثلاً الانطلاق من مسابقة أفضل حديقة منزلية في معرض البحرين الدولي للحدائق إلى مأسسة الاهتمام المجتمعي لتحويل الساحات لمناطق خضراء، والدفع بالمبادرات المجتمعية المبتكرة في هذا الاتجاه».

وأضاف: «منظمة اليونسكو أطلقت منذ سنوات طويلة مبادرتين يمكن الاستفادة منهما أيضاً، وهما: المدن المبدعة، حيث صنفت 350 مدينة في العالم كمدن مبدعة، ومدن التعلم مدى الحياة، التي تعلم الكبار وتنظم الأنشطة الثقافية، وهنا يمكن توجيه المدن البحرينية إلى تبنّي قضايا الاقتصاد الأخضر، وأن تُطلق الوزارات والمجلس الأعلى للبيئة مسابقات لتطوير الحيز العمراني، وترشيد للطاقة، وأماكن خضراء في مختلف مدن المملكة، ونحتاج أن تشارك المدن البحرينية في هذه المبادرات الدولية».

وأشار الرئيس السابق لبنك الأسرة إلى أن أهم لاعبي الاقتصاد الأخضر على مستوى العالم هم: الحكومات التي تضع الأطر في الانتقال لمصادر الطاقة النظيفة وإدارة الموارد المائية وتطوير الزراعة وغيرها، بالإضافة إلى كل من صناديق التمويل الأخضر وتمويل تغيّر المناخ المتخصّصة، والشركات الناشئة، التي تقود كل ابتكارات الاقتصاد الأخضر، والتطور التقني في مشروعات الطاقة المتجددة والاستزراع بدون تربة وتطبيقات الذكاء الصناعي وغيرها، مقترحاً أن يقوم مجلس التنمية الاقتصادية، و«تمكين»، وبنك البحرين للتنمية بدعم منظومة مخصّصة لريادة الأعمال المستدامة، وتدريب وتشجع رواد الأعمال الشاب على تطوير مشاريع الاقتصاد الأخضر.

وأكد ضرورة تنظيم مختبرات ابتكار بالجامعات تجمع الشباب وتستعمل أدوات التفكير التصميمي، لتوليد أفكار لهذه المشاريع، وأضاف: «وكان لي تجربة تنظيم مختبرات ابتكار للاقتصاد الأخضر عام 2017 في سلطنة عمان، والذي أسفر عن إطلاق شركات ناشئة مبتكرة في مجالات مثل طاقة الشمسية وتوريد الكهرباء إلى الشبكة الحكومية وتحقيق الربح من خلالها».

وأوضح د. الشبراوي أن أنشطة الاقتصاد الأخضر لا تتطور بدون أمرين:الأول: تمويل يلائم المشروعات البيئية والاقتصاد الأخضر التي لا تركز على تحقيق ربحية كبيرة، لكنها تؤدي دوراً اجتماعياً واقتصادياً سامياً، وهذه المشروعات تحتاج تمويلاً بشروط ملائمة لطبيعته، يختلف عن تمويل المشروعات التجارية التقليدية، مما يعني ضرورة وضع أطر للتمويل المستدام. وأضاف: «الصين شيّدت أكبر مزرعة ورود طبيعي في العالم في صوبة مغلقة لا تزيد عن 200 ألف متر مربع، وتشمل الزراعة بدون تربة مع استخدام الذكاء الاصطناعي في الري والحصاد، وهناك دول عربية كثيرة أصبح لديها برامج التمويل الأخضر أو التمويل المستدام».

الثاني: إذا كان النهوض بالاقتصاد الأخضر تاريخياً يحتاج إلى المؤسسات المالية، فإنه يحتاج إلى الجامعات والبحث العلمي. وقال: «كان لي الشرف بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في المساهمة بإعداد برنامج ماجستير عن التنمية المستدامة في جامعة البحرين في 2018، وأعتقد أن إطلاق شهادات متخصّصة في الاقتصادين الأخضر والأزرق وبرامج تدريبية وتنفيذية للمسؤولين والخبراء على المستوى الإقليمي والدولي يُمكن أن يعزّز جاذبية التعليم الجامعي في البحرين، حيث كان هناك آلاف الخليجيين الذين يدرسون بالجامعات البحرينية خلال عقد التسعينات والعقد الأول من الألفية الثالثة، ويمكن أيضاً يمكن أن يحقق مدخولات مالية للاقتصاد البحريني».

وبارك د.الشبراوي للمملكة أول مشاريعها السياحية الاستراتيجية في حوار، مؤكداً أن الطبيعة الجغرافية والبحرية للبحرين تجعلها أمام فرصة ذهبية لتوليد مشروعات متنوعة وخاصة صغيرة ومتوسطة في الاقتصادين الأخضر والأزرق، مشيراً إلى أنه خلال رئاسته لبنك الأسرة أطلق مبادرة «مصنع الأفكار» بالتعاون مع كلية «البولتكنيك» لتدريب الطلاب على توليد أفكار مبدعة، وخرج وقتها العديد من الأفكار لتنفيذ مشروعات فيهما، مثل التاكسي المائي، ومواقع للترويج السياحي الطبيعي والترفيهي، ومهن مرتبطة بالتسويق للغوص والرياضات المائية، داعياً إلى تفعيل الشراكات وإطلاق إبداعات المجتمع والشباب للمحافظة على الريادة البحرينية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق