أمراض مزمنة، وانخفاض كبير فى الوزن، وسنوات من العمر ضاعت وراء سجون الاحتلال الإسرائيلى.. هكذا يمكن وصف أوضاع الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم، ضمن اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين. ولم يكتف الاحتلال الإسرائيلى بالانتهاكات وحملات التعذيب والإهمال الطبى والظروف الصعبة التى تعرض لها الأسرى الفلسطينيون داخل سجونه، بل فرض حصارًا وتشديدات أمنية غير مسبوقة عليهم داخل منازلهم، بعد الإفراج عنهم، من بينها منع التواصل مع أى شخص، أو حتى التقاط الصور مع الأسرة. «الدستور» تواصلت مع عدد من عائلات الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم، الخميس الماضى، لتوثيق ما تعرضوا له من جرائم وانتهاكات طوال فترة اعتقالهم، التى استمرت إلى ٤٠ عامًا لبعضهم، مثل الأسير المُحرَر محمد الطوس.
والدة سامى صلاح الدين:لم يأكل أو ينام حزنًا على أصدقائه بالسجن
قالت والدة الأسير المحرر سامى عارف صلاح الدين، من منطقة «الطور» فى القدس المحتلة، إن ابنها الأكبر تعرض للاعتقال فى عام ٢٠٢١، بالتزامن مع «هبة الكرامة»، وهو مواليد عام ٢٠٠٠، وعمره الآن ٢٥ عامًا، ولديه شقيقان أصغر منه سنًا. وأضافت: «سامى تعرض للإهانة والضرب والتعذيب النفسى والبدنى، طوال فترة اعتقاله فى سجون الاحتلال، التى منعت سلطاتها زيارته منذ عام ٢٠٢٣، لأظل عامين كاملين لا أعرف عنه شيئًا». وواصلت: «وقت اعتقاله كان مُصابًا بالرصاص فى قدمه، ولم يُعالج لمدة ٤ سنوات كاملة، لذا هو يعانى مشكلة صحية فى قدمه، بسبب الإهمال الطبى المتعمد داخل سجون الاحتلال». وأكدت أن سلطات الاحتلال الإسرائيلى، عقب الإفراج عنه، منعته من التصوير مع أفراد أسرته، إلى جانب منع التواصل معه، وسط تشديدات أمنية غير مسبوقة، مشيرة إلى أنه لم يسبق لأحد من أفراد أسرته الاعتقال أو دخول السجون الإسرائيلية من قبل. وعن حالته بعد الخروج، قالت والدة الأسير المحرر: «سامى ما عرف ينام طوال الليل، ظل يفكر فى أصدقائه داخل سجون الاحتلال، ووضعه الصحى غير مستقر، لم يأكل شيئًا حتى الآن، ولا يزال غير مستوعب أنه خارج قضبان سجون الاحتلال».
والدة وليد الرجبى:فقد 38 كيلو من وزنه فى ٩ سنوات.. وأصيب بـ«الجرب»
أعربت والدة الأسير الفلسطيى المُحرر، وليد الرجبى، عن سعادتها الكبيرة بالإفراج عن ابنها، بعد ٩ سنوات كاملة فى سجون الاحتلال الإسرائيلى، مشيرة إلى أن فرحتها بذلك منقوصة، فى ظل الإجراءات الإسرائيلية المشددة التى صاحبت خروج الابن.
وقالت والدة «الرجبى»: «كتير مبسوطة، بس ما خلونى أعرف أعبر عن فرحتى. خرجت له بره البيت حتى أستقبله. لكن قوات الاحتلال لم تسمح بذلك، بل ورفضت دخول شقيقه المتزوج فى مكان آخر إلى منزلنا لرؤية شقيقه».
وأضافت: «وليد خرج تحت إجراءات مشددة، فقط لأننا من مدينة القدس المحتلة. وقعنا على تعهدات، والاحتلال منع أى شخص من الاقتراب إلى المنزل أو الدخول له، فضلًا عن نشر قوات حول المنزل». وعن قصة وظروف اعتقال ابنها، قالت والدة الأسير المحرر وليد الرجبى: «وليد اُعتقل بتهمة تنفيذ عملية طعن ودهس، فى عام ٢٠١٦، فحُكم عليه بالسجن لمدة ١٥ عامًا، إلى جانب غرامة قيمتها ٣٠ ألف شيكل، وقضى ٩ أعوام فى السجن، حتى خرج بعمر الـ٢٩ عامًا»، مشيرة إلى أن اسمه كان ضمن الدفعة الأولى من الصفقة، وخرج يوم الجمعة الماضى، تحت إجراءات أمنية مشددة.
وأكدت أن ابنها تعرض إلى معاملة قاسية فى السجون الإسرائيلية، وتنقل فى عدة سجون، إلى جانب الحبس الانفرادى لفترة، مضيفة: «بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة، تعرض ابنى إلى انتهاكات كبيرة، من بينها الضرب المبرح والتجويع، وكان نتيجة ذلك خروجه من سجون الاحتلال مصابًا بمرض السكابيوس (الجرب)، إلى جانب فقدان ٣٨ كجم من وزنه. مع ذلك أكمل تعليمه فى السجن، وحصل على درجة البكالوريوس ثم الماجستير».
شقيق محمد أبوسنينة:ضعيف جدًا ووضعه الصحى غير مستقر حتى الآن
كشف مصعب صباح أبوسنينة، شقيق الأسير المحرر محمد صباح أبوسنينة، من قرية «صورباهر» جنوب القدس المحتلة، عن أن شقيقه اعتُقل فى أكتوبر ٢٠١٩، ووقتها كان عمره لا يتعدى ١٤ عامًا، بعد محاولة تنفيذ عملية طعن، وإصابته فيها، ليُحكم عليه بالسجن لمدة ١٠ سنوات، قضى منها ٦ كاملة داخل سجون الاحتلال.
وأضاف «أبوسنينة»: «الوضع الصحى لشقيقى محمد غير مستقر، خرج من السجن ضعيفًا جدًا، وأصيب بمرض السكابيوس (الجرب)، بجانب فقدان الكثير من الوزن، نتيجة الانتهاكات التى تعرض لها فى فترة الاعتقال، لذا بمجرد خروجه من السجن، عرضناه على الأطباء لفحص حالته، وتقديم الرعاية الصحية اللازمة له».
وواصل: «لحظة وصول محمد إلى المنزل من أصعب اللحظات التى مرت على الأسرة، انهالت الدموع من الجميع، وتوقف الأسير المُحرر عند باب المنزل، وسط مشاعر مختلطة بين الفرح والقلق، وعدم تصديق وصوله إلى منزله من جديد».
وأكمل: «ظهرت عليه علامات الضعف والمرض، رغم أن عمره لا يتعدى ٢٠ عامًا الآن، وهى خير دليل على حملة التعذيب الممنهج التى يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون فى سجون الاحتلال». وتعرض عدد من أفراد أسرة «أبوسنينة» للاعتقال، بداية من الوالد خالد الصباح، وابنه «مصعب»، فى فبراير ٢٠٢٢، ومن بعدهما اعتقل الشقيق الثالث «منيب»، ورغم خروج «مصعب» فى ديسمبر الماضى، بعد ٣٤ شهرًا فى سجون الاحتلال، حُكم على «منيب» بالسجن ٣٦ شهرًا، وما زال مع والده فى سجون الاحتلال.
0 تعليق