انطلقت اليوم أعمال المؤتمر السنوي الرابع عشر للقيادة، الذي يحمل عنوان "مؤتمر عُمان لقيادة التغيير"، بفندق جراند ملينيوم مسقط، ويناقش المؤتمر على مدى يومين محاور متنوعة تتعلق بتطوير القيادة، أبرزها خصائص القادة الملهمين، وبناء الثقة، وأهمية الذكاء العاطفي في تحقيق التغيير الإيجابي، كما يستعرض استراتيجيات القيادة ودورها في تشكيل الثقافة المؤسسية وتعزيز بيئات العمل الإبداعية.
رعى حفل الافتتاح صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد، محافظ ظفار، بحضور عدد من أصحاب السعادة والمعالي والرؤساء التنفيذيين، ويشارك في المؤتمر نخبة من خبراء الصناعة وقادة الفكر وصنّاع التغيير، في تجمع يهدف إلى تبادل الأفكار والرؤى حول أساليب القيادة الحديثة.
وأكّد سعادة السيد سالم بن مسلم البوسعيدي، وكيل وزارة العمل لتنمية الموارد البشرية، على أهمية تنظيم المؤتمر الرابع عشر للموارد البشرية، مشيرًا إلى دوره المستمر في تعزيز مفاهيم القيادة وتطويرها، ولفت إلى أن اختيار محور قيادة التغيير هذا العام يعكس حاجة ملحّة لمواكبة التغيرات السريعة، خصوصًا في ظل "رؤية عُمان 2040"، التي تمثل مشروعًا شاملًا للتغيير يقوده القادة على مختلف المستويات داخل المؤسسات وخارجها.
وأوضح أن المؤتمر يركز على تزويد القادة بالأدوات والمهارات اللازمة لإحداث تغيير إيجابي وملموس، سواء على المستوى الداخلي للمؤسسات أو الخارجي للمجتمع، مضيفًا إن من الضروري أن يكون القادة مستعدين لمواجهة أي تغييرات غير متوقعة بفعالية وكفاءة في ظل تسارع وتيرة العالم والتحديات المتزايدة، وأشار إلى أن ما يميز هذا المؤتمر هو الحضور اللافت للخبراء من داخل سلطنة عُمان وخارجها، بالإضافة إلى مشاركة مؤسسات حكومية وخاصة، مما يسهم في تبادل الآراء والخبرات واستخدام أدوات متقدمة مستوحاة من تجارب دولية يمكن أن تفيد القطاعين العام والخاص.
وفيما يتعلق بتقييم أثر المؤتمرات السابقة، أوضح أن قياس التغيير يحتاج إلى وقت، لكنه أشار إلى وجود أثر إيجابي يظهر من خلال الإقبال الكبير، حيث بلغ عدد المشاركين هذا العام أكثر من 450 مشاركًا، وأن عدد المشاركين يعكس رغبة صادقة في الاستفادة والتطوير، حتى وإن كان الأثر غير ملموس.
وسلط ستيفن كوفي من الولايات المتحدة الأمريكية الضوء في الجلسة الأولى من المؤتمر على مفهوم القيادة في عالم متغير، مشيرًا إلى دورها المحوري في رؤية الإمكانات الكامنة وإطلاقها، وأوضح أن دور القادة يتمثل في إيجاد بيئة ملائمة لتنمية القدرات، بعيدًا عن أساليب السيطرة التقليدية، كما أكّد أن القيادة التقليدية التي تعتمد على السيطرة والتحكم لم تعد صالحة في عصرنا الحالي، حيث يتطلب النهج الحديث قيادة مبنية على الثقة والإلهام، مشيرًا إلى أن الناس يُنظر إليهم على أنهم أكثر من مجرد موارد، بل كأفراد لديهم إمكانات عظيمة تنتظر التقدير والتحفيز، والقيادة الفعّالة تركز على بناء الثقة وتعزيز التعاون وإشعال الشغف الداخلي لتحقيق أهداف مشتركة.
وشدد على أهمية تبني نموذج "الثقة والإلهام"، الذي يختلف جذريًا عن القيادة التقليدية، حيث يعتمد هذا النموذج على رؤية الإمكانات داخل الأفراد، وبناء روابط عاطفية تعزز الثقة، وتبني ثقافة الابتكار والتعاون، وأشار إلى أن التعاون والثقة والهدف المشترك هي عوامل حاسمة في تحقيق النجاح، ولفت إلى أن القيادة القائمة على الثقة والإلهام ليست مجرد ضرورة بل هي تحوّل شامل يمكن أن يحقق بيئات عمل مزدهرة ومجتمعات قوية، كما أن القيادة تبدأ من الداخل، من خلال النزاهة والنمو الشخصي، لإيجاد مستقبل أكثر إشراقًا للجميع.
وتطرق المؤتمر إلى عدة جلسات ركزت على العلاقة بين بناء الثقة والإلهام القيادي، ودور القادة في تمكين وإعداد قادة آخرين، كما شهد المؤتمر جلسة حوارية سلطت الضوء على أهمية بناء الثقة المتبادلة بين القادة وفرقهم، بالإضافة إلى مناقشات حول كيفية استخدام القيادة لإيجاد ثقافات عمل محفزة، ودورها في تشكيل بيئات عمل استثنائية تدعم الابتكار والتعاون.
0 تعليق