لا تناموا مرة ثانية

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ثبت أن خلق نقطة تجمّع واحدة لأهل البحرين ممكن، وثبت أن بإمكانها أن تُذيب العديد من الفوارق وتصهر العديد من الاختلافات وتخلق مزاجاً عاماً وحدوياً، ثبت أن بإمكانها أن تقفز بخطوات متقدّمة إلى الأمام نحو الهوية الوطنية الموحّدة أسرع وأكبر ألف مرة من المحاولات المصطنعة التي تأخذ طابع التوجيه.

كما ثبت أيضاً أن "الهوية الوطنية الجامعة" بإمكانها أن تتبلور وتبرز فتجمع الشمال على الجنوب والشرق بالغرب وتصهرهم في بوتقة وطنية إن قام البشر بجهد متميّز يجعل من سير الجميع نحو نقطة التجمّع سيراً عفوياً تلقائياً بحبّ وبودّ.

كما ثبت أن محاولات خرق نقطة التجمّع والتذكير بالفروقات هي محاولات فاشلة وعصيّة على من يسوؤه أن يجتمع الناس ويتدثّروا بهوية موحّدة.

ثبت أيضاً أن الدولة قادرة أن تحقّق هذا الإنجاز لو أرادت، إنما هذا يتطلّب أن نستثمر الجذوة، أن نوظفها، أن نحرص على بقائها مشتعلة، وما نخشاه أن يكون ذلك جهداً منقطعاً تناسب مع الاحتفالات وفوز المنتخب ومن ثمّ تنام بعدها الدولة وتعود لسيرها البطيء وجهدها التقليدي الذي تعمل به طوال أيام السنة، فيخبو الاشتعال وينطفئ ونعود لما كنّا عليه فراغات متروكة سرعان ما يملؤها دعاة الاعتزال ومعززو الخصوصيات.

الذي حدث فرصة لا تُعوّض جاءت مصادفة.. جاءت بتخطيط.. المهم أنها حدثت واشتعلت الجذوة التي كنّا ننتظرها، ولأول مرة ترى الأجيال الجديدة هذه الصورة الجماعية التي ضمّت كل الأطياف مع بعضها تفخر بانتسابها للبحرين.

للعلم، ليس الفوز والنصر ما وحّدنا، فحتى لو لم نفُز فالمنتخب حقّق الهدف حين لعب باستقتال من أجل اسم البحرين، كما أن الاحتفالات لم تكن لتجمعنا لولا أنها لعبت على حنيننا للماضي الذي كان جميلاً بما كنا عليه، بما كانت البحرين وأهلها عليه، ماض شهد التعايش والتسامح والتديّن الفطري العفوي لا الحزبي السياسي، كنا جميعاً متديّنين في الستينات والسبعينات، إنما التديّن الذي لم يفرّقنا، وشهدت المحرق والمنامة على ذلك التعايش المشترك، وهذا ما أنجح تلك الاحتفالات لأنها ضربت على الوتر الحساس، ففاض القلب وحنّ لتلك الأيام حيث الأحياء المشتركة والمدارس المشتركة والطرقات والأسواق المشتركة، هذا سر نجاح تلك الاحتفاليات، إنها فرصة ليرى الجيل الحالي الذي وُلِدَ بعد التديّن الحزبي كيف كانت عليه البحرين دون تلك الأحزاب.

الماضي الجميل كان نقطة تجمّع لأهل البحرين بكل أطيافهم، والاستقتال في اللعب وحَمْل العلم البحريني كان نقطة تجمّع ثانية نجحتا في إبراز الهوية الوطنية البحرينية الأصيلة، ليثبت أننا بحاجة لبذل المزيد الآن وليس غداً في البناء على هذه اللحظة التاريخية واستثمارها وتوظيفها، فلا تنمو الهوية الجامعة هكذا وحدها دون جهد بشري، كما أن "التوجيه" لم ولن يكون مثمراً فهو بلا مذاق أصلي أياً كان جهده، فالناس هي التي إن سارت وحدها فإنها ستحافظ على ما حققته بإرادتها، لذا علينا التفكير خارج الصندوق، وعلينا تخصيص أكبر الجهد، والأهم توفير الميزانية، من أجل ضمان عدم العودة للنوم مرة أخرى والاستمرار للسنوات القادمة في الاستثمار في هذا المشروع الذي سيجنّبنا العديد من المخاطر.

الوقت مناسب الآن والأجيال متعطشة الآن بعدما ذاقت حلاوة الوحدة والهوية المشتركة، فلا تضيّعوا هذه الفرصة واعرفوا قيمتها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق