مسؤول "بخيل" مع موظفيه!

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

على خلفية المقال الأخير، حينما كتبت عن النموذج الإداري الراقي الذي يقدّمه لنا جلالة الملك حفظه الله ورعاه، وكيف أن رمزنا الأول يقدر مجهودات أبنائه ويشكرهم بشكل مباشر، تحدث معي بعض الإخوة عن هذه الموضوع، وتحديداً عن "ثقافة الشكر"، وكيف أنه في بعض قطاعاتنا نفتقر إلى المسؤول الذي يقدّر موظفيه ويشكرهم.

هنا نتحدث عن ظاهرة مؤسفة بالفعل ابتُلي بها كثيرون، وليس الجميع طبعاً؛ لأنها إن خُليت خُربت!

في المقابل، هناك من المسؤولين من يقدّمون لنا نموذجاً مشرّفاً في أساليب التعامل الإدارية الراقية والمميزة، بحيث لا ينسون شكر جهود الموظفين و"لا يبخلون" بالكلمات الطيبة وجمل الإشادة التي ترفع المعنويات.

وعلى فكرة، هي "جمل مجانية" لا تكلفك شيئاً إن فكرت فيها، لكن وقعها ومردودها كبير جداً على الموظفين، خاصة إن كنت مسؤولاً ينظرون لك باحترام ويعطونك قيمة ووزناً، ويضعونك في منزلة النموذج المفترض أن يحتذى به.

وهنا الأذكياء فقط هم من يدركون أن "حسن الأخلاق" المتمثل بالكلام المحترم، والتقدير بالأسلوب الراقي، وعدم نسيان الشكر والتعزيز، الأذكياء فقط من يدركون بأنها هي الأساليب الصحيحة في رفع معنويات الموظفين، ومنحهم الاحترام اللائق وشحذ هممهم، وضمان ديمومة عطائهم.

مشكلة النوع المقابل من المسؤولين، هو "البخل"، ولست أتحدث عن بخل المال، لأنه لن يدفع شيئاً من جيبه أصلاً، ولا هو مطلوب منه القيام بذلك. لكن القصد أنهم "بخلاء" في منح العلاوات والمكافآت وكأنهم سيدفعون للموظفين من جيبوهم! بعضهم للأسف ينظر لمن يستحق العلاوة والمكافأة بحقد ويتقصد حرمانه من هذا الحق، ويتلذذ بحرمانه أصلاً من هذه الفرص التي تضعها الحكومة بهدف التقدير وتعزيز الجهود. وأيضاً ليس هذا البخل الذي أركز عليه هنا.

أخطر أنواع المسؤولين "البخلاء" هم أولئك المرتبط "بخلهم" بالأخلاق والتعامل والكلام الطيب والإيجابي، إذ تكون كل هذه الأمور "منقرضة" لديهم تماماً.

هذا النوع كارثي بكل ما تعنيه كلمة كارثة من معنى؛ لأنه "بخيل إحساس وأخلاق وسنع" مع العاملين تحت إمرته، هو "بخيل نفس" في سلوكياته وتصرفاته، يظنّ أن الموظفين "أتباع" لديه، وينسى أنه هو والموظفون يعملون في أجهزة تتبع الدولة، ودورهم أصلاً خدمة الناس.

هنا لو ابتُليت بمسؤول هكذا، فلا أقول سوى "الله يعينك"، لأننا نعرف تماماً أن من لا يشكر الناس لا يشكر الله، ومن يتعامل بفوقية مع الموظفين، ولا يتذكر عملهم وتضحياتهم ويترفع حتى عن "التقول بألفاظ طيبة" بحقهم، أو أقلها يشكرهم بكلمة يتيمة مثل "مشكور"، هذه النماذج هي التي لا تسمعون عنها حينما تتقاعد وتترك المنصب، هم الأشخاص الذين يتم نسيانهم من قِبل موظفيهم قبل الناس، هم الأنواع التي يتم "التحسب" عليها بسبب "شناعة" سلوكياتهم ورداءة أخلاقهم.

يا مسؤول لن ينزل قدرك، ولن يقصر طولك، ولن يهتز كرسيك، ولن تتضرّر يدُك أو لسانُك، لو قلت لمن يجتهد ويعمل وينجز ويستحق، لو قلت له "شكراً ويعطيك العافية". أنت بذلك ستكسبه، وستخفف من تعبه، وستعوّضه بالتقدير المعنوي لو كنت لا تملك تقديره بالمكافآت والحوافز.

الكلمة الطيبة لها وقعها السحري في النفوس، وهنا لهذا النوع نقول: أقلها تذكروا جملة رسولنا صلوات الله عليه وسلّم حينما قال: "إنما بُعثت لأتمّم مكارم الأخلاق"، ومن أخلاقنا حُسن الكلام وتعزيز ثقافة الشكر والتقدير.

أخيراً أقول، هناك نماذج لمسؤولين قمّة في الأخلاق والذوق، وهم أصلاً نجوم في الإدارة والذكاء الاجتماعي. بشر كرماء بأخلاقهم وحسنها، يقدّرون أصغر الجهود ولا يبخلون بالكلام الطيّب. هؤلاء لو كتب الله لك بأن يكونوا مؤتمنين على مسؤولية قطاع تعمل فيه، فأنت في نعمة كبرى لابد وأن "تحمد الله" عليها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق