مقاومة غزة بعد الحرب.. إعادة بناء القدرات واستمرار المعركة

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

السبيل – خاص
لم تكن معركة “طوفان الأقصى” مجرد جولة تصعيد عابرة، بل شكلت تحولاً استراتيجياً في صراع المقاومة مع الاحتلال الإسرائيلي. وعلى مدار أكثر من ثلاثة أشهر، نجحت المقاومة في إفشال المخططات الصهيونية الرامية إلى تحطيم بنيتها العسكرية وضرب حاضنتها الشعبية.

واليوم، وبعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار مرحلة التنفيذ الجزئي؛ تسعى المقاومة إلى إعادة بناء قدراتها وتحضير نفسها لاستحقاقات المرحلة القادمة، مستفيدةً من الدروس العسكرية والسياسية التي راكمتها خلال الحرب.

إعادة التسلح واستئناف الإعداد العسكري

منذ الساعات الأولى لوقف إطلاق النار؛ بدأت كتائب القسام وسرايا القدس وبقية الأذرع العسكرية في تنفيذ خطط إعادة ترتيب الصفوف وتعويض الخسائر.

فرغم حجم الدمار، فإن بنية المقاومة لم تُستأصل، بل خرجت من المعركة بخبرات قتالية متطورة ستنعكس على أي مواجهة قادمة.

ومن المرجح أن كتائب القسام مستمرة على تعزيز منظومة التصنيع العسكري، سواء من خلال إنتاج الصواريخ والطائرات المسيرة محلياً، أو عبر تنشيط خطوط الإمداد التي أثبتت فاعليتها خلال الحرب، إذ فشل الاحتلال في قطع شرايين الدعم الخارجية، رغم كل محاولاته.

وكذلك؛ لم تتوقف المقاومة عن تطوير تكتيكاتها القتالية، خصوصاً بعد نجاحها في استخدام الأنفاق الهجومية والقذائف الذكية وعمليات الإنزال خلف خطوط العدو.

كل هذه التجارب تشكل قاعدة انطلاق جديدة نحو معارك أكثر تعقيداً وفاعلية ضد جيش الاحتلال.

الحاضنة الشعبية.. العمود الفقري للصمود

راهن الاحتلال على أن القصف المكثف والتجويع والحصار سيؤدي إلى تفكيك العلاقة بين المقاومة وحاضنتها الشعبية، لكن النتائج جاءت بعكس ما كان يتوقع.

فرغم الظروف الإنسانية القاسية، ظل الشعب الفلسطيني الدرع الحامي لمقاومته، وهو ما ظهر جلياً في استمرار الدعم الشعبي للمجاهدين والصمود في وجه العدوان.

وفي هذا السياق؛ تعمل المقاومة على تخفيف المعاناة الإنسانية قدر الإمكان، من خلال تأمين شبكات إمداد المساعدات والتنسيق مع الجهات المحلية والدولية لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، في الوقت الذي لا تزال فيه تل أبيب تماطل في إدخال المساعدات، كجزء من سياسة العقاب الجماعي.

الاستعداد للجولة القادمة

لا تنظر المقاومة إلى وقف إطلاق النار كـ”نهاية للمعركة”، بل تعتبره مرحلة استراحة محارب، استعداداً للجولات القادمة التي يفرضها الواقع السياسي والعسكري. إذ تدرك الفصائل أن الاحتلال لم يحقق أهدافه، وهو يبحث عن ذرائع لإشعال المواجهة من جديد.

ولذلك فإن المقاومة تعمل – ولا بد – على إعادة تفعيل خلاياها في الضفة الغربية، وتعزيز التنسيق مع محور المقاومة الإقليمي، تحسباً لأي تطورات مستقبلية.

كما أن استمرار الحصار وعرقلة إعادة الإعمار قد يدفع الأوضاع نحو انفجار جديد، ستكون فيه المقاومة أكثر جاهزية وقوة مما كانت عليه في أكتوبر الماضي.

خلاصة الأمر.. رغم الدمار الهائل والتحديات الصعبة؛ تخرج المقاومة من هذه المعركة أقوى وأكثر صلابة. فقد أثبتت قدرتها على الصمود والمواجهة لأسابيع طويلة، وأجبرت الاحتلال على تقديم تنازلات تحت الضغط العسكري.

واليوم، تعمل بكل طاقتها على تعزيز قدراتها وإعادة بناء قوتها، لتظل غزة كما كانت دائماً، رأس الحربة في معركة التحرير الكبرى، التي لن تتوقف إلا بزوال الاحتلال عن كامل التراب الفلسطيني.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق