الخيام في مهب الرياح.. حينما تصبح السماء لحاف الغزيين والأرض فراشهم

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
غزة

السبيل

قضى أصحاب الخيام في قطاع غزة ليلة فزع ومأساة حقيقية، بفعل شدة رياح شهر شباط، التي في أول نفخة لها على خيامهم، جعلتهم عراة لحافهم السماء، وفراشهم الأرض.

وطوال ساعات الليل، لم ينم معظم المواطنين في خيامهم، بسبب تطاير عدد كبير منها وتضررها من الرياح والأمطار، فيما خرج آخرون يحاولون الإمساك بشوادرهم وقطع الأقمشة وأكياس البلاستيك التي يحتمون بها، منعًا لتطايرها، لحين تنفس صباحٍ جديد، بعد غسقٍ واقب.

وضرب منخفض جوي شتوي شديد منطقة فلسطين، حيث وصلت سرعة الرياح في بعض الهبات 80 كم/بالساعة، بعد أن حلّ المنخفض على سواحل غزة مساء يوم الأربعاء.

ليلة رعب ونهار حزين

واستيقظت عائلة المواطن مؤمن النشاصي في مواصي خانيونس جنوبي قطاع غزة، على صباحٍ دون خيمة، وتقول زوجته: “رعب وخوف وريح شديد، وكأنها المرة الأولى التي نرى فيها الرياح”.

وتضيف لوكالة “صفا” أنها اعتادت النوم في بيتها كل عام، وبالتالي “لم نكن نسمع ولا نشعر بشدة الريح، وهذه أول مرة أخاف منها كل هذا الخوف كأولادي”.

وتؤكد أن أطفالها الخمس لم ينموا ليلتهم من صوت الرياح وضربه الشديد بالشادر، والذي انتهى بتطايره، حتى الصبح.

وما تزال الرياح شديدة في نهار يوم الخميس، ولم يعد أمام العائلة سوى انتظار انحسارها.

ولجأ بعض أصحاب الخيام إلى العراء خوفًا من غرق خيامهم أو وقوعها عليهم وتطاير ألواح الصفيح فوقهم.

ويقول صاحب خيمة لوكالة “صفا”: “لا نمنا ليلنا ولا قادرين أن ندبر أمورنا منذ الصباح”.

ويضيف: “نايلون وخيام في شهر شباط، بالطبع أمر جنوني، كل العالم نيام، ونحن في كل دقيقة نموت من البرد والخوف والتشرد في هذه الصحراء”.

وبالرغم من تطاير وتدمير معظم الخيام في المواصي بفعل الرياح، إلا أن المنكوبين لم يتلقوا مساعدة من أي جهة كانت.

وأكد الدفاع المدني أن طواقمه شبه عاجزة عن تلبية احتياجات ومناشدات المواطنين، بعد فقدان 80% من إمكانياته، مطالبًا الصليب الأحمر الدولي بالدعم الفوري لطواقمه وتزويده بآليات التدخل والإنقاذ.

ويعيش الآلاف من سكان غزة المدمرة منازلهم، ظروفًا قاسية وسط شدة الرياح، التي أتت على خيامهم المفتقرة إلى أدنى مقومات الحماية من الأمطار، وسبق أن غرق المئات منهم منذ بدء موسم الشتاء.

وشكل المنخفض الذي يضرب المنطقة مأساة للمواطنين الذين عادوا إلى شمال قطاع غزة قبل نحو 17 يومًا، وسط ظروف صعبة ونقص في المواد الغذائية نتيجة تقاعس الاحتلال في ادخال الخيام والالتزام باستحقاقات التفاهمات الإغاثية في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة.

تشرد ووحدة

ويقيم معظم المواطنين الذين دُمرت منازلهم في حرب الإبادة الاسرائيلية التي استمرّت 15 شهرًا، في خيام بالطرقات والمدارس والملاعب، بالإضافة لمئات النازحين في مواصي رفح وخانيونس، وآخرين بجانب بيوتهم المدمرة.

وفوق معاناة النزوح المتواصلة لدى أسرة حمودة الزطمة لعدم قدرتهم على العودة كبقية النازحين، جاء المنخفض الجوي ليزيدها أضعافًا.

ويقول الزطمة النازح بمنطقة أصداء شمالي محافظة خانيونس، لوكالة “صفا”: “بيتي دُمر بالتأكيد ولكني لا أقدر على العودة لأنه على محور فلادلفيا، والجيش الاسرائيلي هناك”.

ويضيف “الكثير من جيراننا عادوا لبيوتهم وأصبح المكان شبه فارغ، نشعر فيه بالوحدة وكأننا في صحراء، وكنا طوال الليل خائفين من شدة الريح والمطر”.

ويفتقر النازحون والعائدون لمناطقهم المدمرة لأدنى مقومات التدفئة، بفعل انعدام وسائلها، في ظل منع ادخال الكميات اللازمة من الوقود، وعدم قدرتهم على إيقاد النار داخل الخيام خوفًا من احتراقها.

وينص البروتوكول الإنساني على إدخال 60 ألف كرفان و200 ألف خيمة إلى القطاع، لاستيعاب النازحين الذين دمر الاحتلال منازلهم، بالإضافة إلى دخول مساعدات إنسانية وإغاثية ووقود بشكل كاف بمعدل 600 شاحنة يوميًا.

وما زال الاحتلال يضع العراقيل ويُماطل في تنفيذ بروتوكول الإغاثة، ما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية ويضاعف معاناة أهالي القطاع.

وحذر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة من تداعيات وآثار خطيرة وغير مسبوقة.

ووجهت هيئات ومؤسسات وبلديات بغزة مناشدات عاجلة إلى المؤسسات الدولية والجهات المعنية بضرورة التدخل الفوري لتوفير الخيام للنازحين والعائدين لبيوتهم المدمرة في كافة مناطق قطاع غزة.

صفا

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق