فبراير 6, 2025 4:27 م
![غزة](https://assabeel.net/wp-content/uploads/2025/01/PIC-114426-1737319906.webp)
السبيل – خاص
في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، تتزايد المؤشرات حول وجود مخطط تهجير قسري للفلسطينيين من القطاع، بدعم أمريكي وغطاء من بعض القوى الإقليمية.
تصريحات المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين المتكررة، وعلى رأسها مواقف رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب العلنية، تؤكد أن التهجير ليس مجرد تهديد عابر، بل مشروع يجري العمل على تهيئة الظروف لتنفيذه.
هذا السيناريو ليس جديداً، بل هو امتداد لعقيدة إسرائيلية تقوم على تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها. لكن الجديد اليوم هو أن هذا المخطط يأتي في سياق حرب إبادة غير مسبوقة، تهدف إلى جعل الحياة في غزة مستحيلة، عبر التدمير الكامل للبنية التحتية، واستهداف مصادر الحياة الأساسية مثل المياه والكهرباء والوقود.
قدرات المقاومة ومعادلة الردع
رغم ضراوة العدوان وشدة القصف خلال أكثر من 14 شهرا في غزة؛ لا تزال المقاومة تحتفظ بعناصر قوتها الأساسية، ولا يمكن للاحتلال أن ينجح في تنفيذ خطة تهجير جماعي دون تحطيم المقاومة بشكل كامل، وهو ما لم يتمكن منه حتى الآن.
وتمتلك المقاومة عدة أوراق تمنع تنفيذ المخطط، من أبرزها:
- السيطرة الميدانية: رغم استهداف الاحتلال للأنفاق والقدرات العسكرية، لا تزال المقاومة قادرة على تنفيذ عمليات مؤلمة اضطرت الكيان إلى إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وهو ما يجعل أي تهجير قسري بمثابة مقامرة عسكرية مكلفة.
- قدرة المقاومة على ضرب العمق الإسرائيلي تفرض على الاحتلال حسابات معقدة، حيث تدرك تل أبيب أن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى اتساع المواجهة، وربما تدخل أطراف أخرى على خط المعركة.
- الاحتضان الشعبي: رغم المآسي والظروف القاسية، يرفض الفلسطينيون مغادرة أرضهم، وهم يدركون أن التهجير سيكون مقدمة لتصفية قضيتهم. هذا الوعي الشعبي يشكل عاملاً أساسياً في إحباط المخطط.
- على المستوى العربي؛ لا تزال مصر والأردن ترفضان علناً أي محاولة لفرض التهجير، إدراكاً لخطورة هذا السيناريو على استقرار المنطقة. لكن السؤال المطروح: هل سيكتفي النظامان المصري والأردني بالرفض السياسي، أم سيتخذان إجراءات عملية لمنع أي محاولة فرض أمر واقع، وبالتالي دعم المقاومة في هذا الاتجاه.
- دوليا؛ المقاومة الفلسطينية قادرة على استغلال الموقف الدولي الغامض إزاء التهجير لصالحها، وذلك من خلال تكثيف الأنشطة العسكرية والسياسية، فضلاً عن إشراك المجتمع الدولي في مناشدة حقوق الفلسطينيين. بذلك، يمكنها دفع الدول الكبرى نحو اتخاذ مواقف أكثر وضوحاً ضد السياسات الإسرائيلية، وزيادة الضغط الدولي على الاحتلال. علاوة على ذلك، يمكن للمقاومة تعزيز التحالفات مع دول ومؤسسات حقوقية دولية وفضح المخططات الإسرائيلية، مما يحوّل الموقف الدولي إلى أداة في معركة كسر إرادة الاحتلال.
سيناريوهات المواجهة والمستقبل
تدرك المقاومة أن المواجهة مع الاحتلال ليست مجرد معركة عسكرية، بل هي معركة وجودية ترتبط بمصير القضية الفلسطينية ككل. ومن هذا المنطلق، فإن إفشال خطة التهجير يتطلب:
- استمرار العمليات العسكرية ضد الاحتلال لحرمانه من فرض واقع جديد بالقوة.
- تحريك الضفة الغربية وتصعيد الاشتباك هناك، لمنع الاحتلال من حصر المعركة داخل غزة فقط.
- تفعيل الحراك الشعبي في الخارج، لمنع تمرير أي تسويات دولية تقبل بالتهجير كحل.
- تعزيز صمود السكان في غزة عبر دعم القدرات الإغاثية والإنسانية بما يحدّ من الضغوط المعيشية المفروضة عليهم.
ختاماً؛ رغم أن الاحتلال يعتمد على القوة العسكرية لإخضاع غزة، إلا أن المقاومة تراهن على صمودها وصمود شعبها الذي أثبت طوال الوقت أنه لا ينكسر. ونجاح المقاومة في إفشال مخطط التهجير مرتبط بعدد من العوامل الأساسية، أبرزها استمرار قوتها العسكرية وقدرتها على التأثير الميداني، بالإضافة إلى التحركات السياسية الفاعلة على الصعيدين الفلسطيني والعربي، ومدى جاهزية الحاضنة الشعبية لتحمل المزيد من التضحيات والتحديات في ظل هذه الظروف القاسية.
السؤال الأهم يبقى: هل سيستجيب العالم العربي والإسلامي لرفع مستوى الدعم والمساندة، ليكون رافداً قوياً للمقاومة في إجهاض هذا المخطط ومواجهة التحديات القادمة؟
0 تعليق