"الله يذكره بالخير".. و"حسبي الله عليه"!

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نتحدث كثيراً عن "الأثر"، وكيف أن الإنسان السوي الذي يعمل بأمانة وإخلاص، ويضع مصلحة الوطن والناس أمامه، ويتجنب العمل لأجل مصالحه الشخصية، كيف أن هذا الإنسان هو الذي يترك "أثراً إيجابياً"، سواء بعد رحيله عن المنصب، أو حتى بعد أن يأخذ الله أمانته.

لماذا يُخلد البعض في صفحات التاريخ بصورة إيجابية؟!

سؤال بسيط وجوابه أبسط، إذ تجدونه شخصا في كل ممارساته وتصرفاته وكلامه يصنع "الفارق الإيجابي"، يترك "أثراً طيباً" في قلوب الناس، بل ويتحول لنموذج يضرب به المثل، ويغبطه كثيرون ويتمنون أن يحذوا حذوه ويكونوا في مكانه.

وهنا سأقول لا تستسهلوا ردات فعل الناس أو انطباعاتهم بشأن الأشخاص، بالأخص من أصحاب المناصب أو المؤثرين في المجتمع، لأن هذه الانطباعات هي التي تكشف "نسبة القبول" بل هي التي تبين لنا حجم وعظم الأثر، وللتوضيح، فإنني أتحدث عن ردات فعل الناس الأسوياء في وزنهم للأمور، والحكم بعدالة والذي يقوم على المعطيات والشواهد والثوابت.

أقول ذلك، لأن حتى ردات الفعل "نسبية"، ولن تخلوا بالضرورة من درات فعل "مدسوسة" سواء من بطانة أو متمصلحين أو حاشية، خاصة لو كان الشخص المعني يريد "تجميل" سيرته، و"إذكاء" سمعته بخلاف ما كان يفعله في الواقع.

والجميل في زمننا هذا، وتحديدا في حكم العقلاء وأهل العدالة، بأنه لا يمكن خداعهم أو تضليلهم، فالأفعال ثابتة ومقارنتها بالأقوال تكشف معادن الأشخاص، وهنا حينما نتحدث عن أصحاب "الأثر الإيجابي" سنجد أن الناس تعرفهم بسهولة، لأن بصماتهم واضحة، ولأن القريبين منهم والمتعاملين معهم يشهدون على ذلك، لأنهم مروا به واختبروه بأنفسهم.

"الله يذكره بالخير"، هذه الجملة التي تمثل "صكا بالقبول" بحق شخص أو أشخاص، حينما تصدر من الناس تكشف ورائها الكثير. وهنا السؤال: كم مرة سمعت أحداً يتذكر إنساناً ويتمنى أن يذكره الله بالخير؟!

ولنأخذ المعادلة لبعد آخر معاكس، إذ كم إنسانا سمعته، وقد تكون أنت هذا الإنسان، حينما يتحدث عن أشخاص عمل معهم أو تحت مسئوليتهم أو تعامل معهم، كم إنساناً سمعته يقول: حسبي الله ونعم الوكيل فيه؟!

من يقال بحقهم هذا الكلام، ومن يدعو الناس عليهم ويتحسبون، هم من تركوا "الأثر السلبي"، هم من كانت تجربة الناس معهم سيئة ويودون لو تمحى من ذاكرتهم، أو يتمنون أن يكونوا في كابوس يستيقظون منه.

أصحاب "الأثر السيء"، أيضاً ستجدون نماذج منهم على هيئة مسؤولين، وعلى هيئة أشخاص شغلهم الشاغل مصالحهم الخاصة، ولا تهمهم مصلحة البلد ولا الناس، وأغلب هؤلاء ستجدهم يتشدقون بشعارات زائفة أو يحاولون غسل أدمغة الناس وتضليلهم بالمثاليات والأدبيات التي هم لا يطبقونها، وأخطرهم من يحدثك بأسلوب "قال الله وقال الرسول"، وهو بأفعالهم الشنيعة بعيد كل البعد عما أمر الله، وعما دعانا إليه رسولنا الكريم من "مكارم الأخلاق".

فارق شاسع بين المخلصين في صناعة "الأثر الإيجابي الحقيقي"، من يريدون خدمة وطنهم وأهله، من يخلصون في مواقعهم، ومن يصدقون مع الله ومع أنفسهم قبل أن يصدقوا مع الناس، وبين من يصنعون "الأثر السلبي" عبر التزييف والكذب والتضليل والتجمل الخادع.

إن كان البشر فيما مضي يسقطون ضحية لهؤلاء "الزائفين"، فإننا اليوم في زمن زادت فيه نسبة الذي يعملون عقولهم، والذين لا ينخدعون ببساطة بالكلام المعسول أو بتضليل "المخادع المفوه"، بل الناس باتت تعرف تماماً من هم أصحاب الأثر الطيب ومن هم الذين تركوا أثراً سيئاً بموجبه تطاردهم دعوات وتحسبات البشر إلى يوم يبعثون.

اتجاه معاكس

"الله يذكره بالخير"، والله يسكنه فسيح جناته ويصبر أهله ومحبيه، فقد كان أستاذاً فاضلاً، ومصدر فخر لهذا الوطن، وملهماً لأبنائها، ومن رواد الحركة الكشفية البحرينية. رجل طيب القلب، سمح المحيا، محب للخير، ومساعد للكثيرين، كان مثالاً مشرفاً لمن يتركون "الأثر الطيب"، لا في قلوب معدودة، بل في قلوب أهل وطن كامل. ودائماً أقول "يرحل الطيبون فنتألم"، في فقدهم نقص من دنيانا رصيد من الخير والطيبة والمحبة.

أنعى هنا الأستاذ الفاضل حسين شرفي، الرجل الذي زرع في قلب كل من عرفه وردة حب واحترام وتقدير. الرجل الذي سيشهد له تاريخ بحريننا الحبيبة، أنه كان ابناً باراً، وصانع إنجازات، ومربي أجيال، رجل ترك "أثراً طيباً"، وأيما أثر هو، أثر لا يمحى من التاريخ ولا ينسى.

رحمة الله عليك أستاذنا المربي القدير.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق