جنين -في 21 كانون الثاني(يناير) الماضي، شن الاحتلال الصهيوني عدوانا عسكريا جديدا على مدينة جنين ومخيمها، توسّع لاحقا ليشمل مدينة طولكرم ومخيميها ومدينة طوباس وبلدة طمون ومخيم الفارعة، مخلفا عشرات الشهداء والجرحى والمعتقلين، وتهجيرا قسريا لأكثر من 40 ألف مواطن وفق إحصائيات رسمية وتقارير أممية، وتدمير مئات المنازل.اضافة اعلان
وتعرض مخيم جنين للاجئين في العامين الأخيرين لسلسلة من اقتحامات الاحتلال، وصولا إلى الغارات من طائراته ومسيّراته، إلا أن العدوان الحالي يحمل أبعادا مختلفة، حيث تواصل آليات الاحتلال تجريفها لمنازل وأزقة المخيم وشق شوارع جديدة، بعدما أجبرت نحو 3200 عائلة على النزوح عن منازلها، إلى المدينة والقرى والبلدات المحيطة.
رئيس بلدية جنين محمد جرار يقول، إن الاحتلال يعمل على إعادة رسم الواقع من جديد، وأخطر البلدية والغرفة التجارية أنه يعمل على تحويل المخيم إلى حي من أحياء المدينة.
ويفرض الاحتلال حصارا مشددا على مخيم جنين، حيث لم تتمكن طواقم البلدية والدفاع المدني وحتى طواقم الإسعاف من الوصول إلى داخل حارات المخيم للإطلاع على حجم الدمار الذي حل بالمنازل والبنية التحتية، بحسب جرار.
ويرى جرار أن العدوان الصهيوني على مخيم جنين يستهدف قضية اللاجئين، فبعد سن حزمة قوانين تحظر عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والحملة التحريضية التي تطالها، يعمل الاحتلال حاليا على استهداف المخيمات كرمز مادي لقضية اللاجئين وشاهد على قضيتهم.
وفي 30 كانون الثاني(يناير) الماضي، دخل قانونا الكنيست الصهيوني اللذان يستهدفان عمل "الأونروا" حيز التنفيذ. ويحظر القانون الأول نشاط "الأونروا" داخل "المناطق الخاضعة للسيادة الإسرائيلية"، بما يشمل تشغيل المكاتب التمثيلية وتقديم الخدمات، فيما يحظر القانون الآخر أي اتصال مع الوكالة.
وأد حقوق اللاجئين
وكيل دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير أنور حمام يؤكد أن استهداف الاحتلال لمخيم جنين وغيره من مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، يهدف إلى وأد حقوق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض واستعادة الممتلكات، كما جرى في حرب الإبادة التي شنتها على قطاع غزة وتسوية مخيمات اللاجئين بالأرض كمخيم جباليا، وبالتوازي مع استهداف وكالة "الأونروا".
ويقول حمام: "بات مخيم جنين تقريبا فارغا من أهله الذين هجّرهم الاحتلال قسرا، قبل أن يدمر مربعات سكنية كاملة بادعاء شق طرق"، مضيفا أن "الاحتلال يريد أن يجهز تماما على المخيم كمعطى زماني ومكاني ونضالي وهوية وثقافة وطنية، وتحويله لأرض قاحلة كما فعلوا في مخيم جباليا، ضمن مخطط احتلالي يستهدف مخيمات اللاجئين كافة.
ويشير حمام إلى أن "الاحتلال يستهدف المخيمات لأنها شاهدة على نكبة شعبنا عام 1948، وشكّلت طوال 76 عاما حاضنة للنضال الوطني الفلسطيني، وفي أزقة المخيمات تم إعادة إنتاج الهوية والثقافة الوطنية الفلسطينية وإعادة بناء المجتمع الفلسطيني الذي حطمه الاحتلال خلال النكبة".
وينوه إلى أن "هناك محاولة لكي الوعي وضرب صميم القضية الوطنية الفلسطينية عبر استهداف المخيمات، وتجري عملية هندسة كاملة لإبادة المخيمات عبر الاجتياحات اليومية وتدميرها، بهدف الإجهاز عليها وإعادة صياغتها بطريقة جديدة تناسب مخططات تهجير أبناء شعبنا من أرض وطنه".
إعادة هندسة المخيم
الباحث السياسي إبراهيم ربايعة يقول لـ"وفا"، إن ما يحدث هو محاولة إنهاء المخيم كفكرة سياسية، كما يتجاوز فكرة التهجير إلى إعادة هندسة المخيم بشكل كامل، وتحويله إلى شكل من أشكال الضواحي والأحياء في المدن، موضحا أن تحويل المخيم لحي ليس فقط تغيير جغرافي بل ديمغرافي كون الآلاف بمخيم جنين لن يكون بمقدورهم وفق الرؤية الصهيونية العودة لمنازلهم؛ كونها باتت شوارع في المخطط المكاني الذي يحاول الاحتلال رسمه للمخيم.
ويضيف ربايعة أن الاحتلال يحاول إعادة هندسة مخيم جنين وتحويله من مكان متلاصق المباني والأزقة وحصين إلى مكان مفتوح كباقي الأحياء التقليدية، مشيرا إلى أن هذه ليست المحاولة الأولى، بل حاول الاحتلال في عام 2002 بعد هدمه المخيم التدخل بمخططات إعادة الإعمار، ولكن جوبه بوقفة ورفض رسمي وشعبي، وأعيد بناء المخيم كما كان.
ووفقا للمعطيات، تعرض مخيم جنين خلال الثلاثة أعوام ونصف الأخيرة إلى أكثر من 100 اقتحام، من ضمنها اجتياحات استمرت أيام، وتخللها إجبار الآلاف من سكانه على النزوح، لكن الاجتياح الحالي هو الأطول، ويحاول الاحتلال من خلاله فرض أمر واقع على الأرض بالقوة، بحسب ربايعة، حيث يسعى إلى تكون حالة النزوح طويلة الأمد، وإجبار النازحين على التكيف مع المجتمعات الجديدة التي نزحوا إليها عبر الارتباط بحياة اجتماعية ونشاطات اقتصادية في القرى أو أحياء المدينة الأخرى، وجعل تكلفة العودة للنازحين مرتفعة وبالتالي البقاء حيثما نزحوا.
وينوه إلى أن الاحتلال حتى اللحظة يحسب تكلفة التهجير من الضفة الغربية بشكل كبير، ولكن يحاول أن يقود لحالات نزوح داخلي، بمعنى إعادة رسم التوزيع السكاني بالضفة الغربية لمصلحة تكديس أكبر عدد من السكان الفلسطينيين في أقل مساحة من الأرض، وبهذا تدفع المواطنين إلى التركز في المدن.
ويرى ربايعة أن جنين عادة استُخدمت من قبل الاحتلال كمختبر للضفة الغربية، أي أنه يتم تطبيق السياسات في جنين ونقلها لاحقًا إلى سائر الضفة الغربية، ويعزو ذلك لأن جنين كانت بالنسبة للاحتلال منطقة عنيدة، بمعنى ما ينجح بجنين بالضرورة سينجح بباقي محافظات الضفة الغربية كونها الأصعب، ثانيا جغرافيا جنين وقربها من أراضي الـعام 1948 يجعل الرأي العام الصهيوني حساس لموضوعها، وكذلك تاريخها على عدة مراحل وسنوات طويلة من النضال.
يذكر أن مخيم جنين أُقيم خلال شتاء عام 1950 القاسي، بعد نقل موقعه من "مخيم جنزور"، الذي كان يبعد 6 كيلومترات جنوب شرق جنين، إلى موقعه الحالي الملاصق للمدينة.
ويقع المخيم بمحاذاة محطة القطار العثمانية سابقًا، ويضم مهجرين من 59 مدينة وقرية مدمرة في أقضية جنين والناصرة وحيفا، ويمتد على مساحة 374 دونمًا.-(وكالات)
وتعرض مخيم جنين للاجئين في العامين الأخيرين لسلسلة من اقتحامات الاحتلال، وصولا إلى الغارات من طائراته ومسيّراته، إلا أن العدوان الحالي يحمل أبعادا مختلفة، حيث تواصل آليات الاحتلال تجريفها لمنازل وأزقة المخيم وشق شوارع جديدة، بعدما أجبرت نحو 3200 عائلة على النزوح عن منازلها، إلى المدينة والقرى والبلدات المحيطة.
رئيس بلدية جنين محمد جرار يقول، إن الاحتلال يعمل على إعادة رسم الواقع من جديد، وأخطر البلدية والغرفة التجارية أنه يعمل على تحويل المخيم إلى حي من أحياء المدينة.
ويفرض الاحتلال حصارا مشددا على مخيم جنين، حيث لم تتمكن طواقم البلدية والدفاع المدني وحتى طواقم الإسعاف من الوصول إلى داخل حارات المخيم للإطلاع على حجم الدمار الذي حل بالمنازل والبنية التحتية، بحسب جرار.
ويرى جرار أن العدوان الصهيوني على مخيم جنين يستهدف قضية اللاجئين، فبعد سن حزمة قوانين تحظر عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والحملة التحريضية التي تطالها، يعمل الاحتلال حاليا على استهداف المخيمات كرمز مادي لقضية اللاجئين وشاهد على قضيتهم.
وفي 30 كانون الثاني(يناير) الماضي، دخل قانونا الكنيست الصهيوني اللذان يستهدفان عمل "الأونروا" حيز التنفيذ. ويحظر القانون الأول نشاط "الأونروا" داخل "المناطق الخاضعة للسيادة الإسرائيلية"، بما يشمل تشغيل المكاتب التمثيلية وتقديم الخدمات، فيما يحظر القانون الآخر أي اتصال مع الوكالة.
وأد حقوق اللاجئين
وكيل دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير أنور حمام يؤكد أن استهداف الاحتلال لمخيم جنين وغيره من مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، يهدف إلى وأد حقوق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض واستعادة الممتلكات، كما جرى في حرب الإبادة التي شنتها على قطاع غزة وتسوية مخيمات اللاجئين بالأرض كمخيم جباليا، وبالتوازي مع استهداف وكالة "الأونروا".
ويقول حمام: "بات مخيم جنين تقريبا فارغا من أهله الذين هجّرهم الاحتلال قسرا، قبل أن يدمر مربعات سكنية كاملة بادعاء شق طرق"، مضيفا أن "الاحتلال يريد أن يجهز تماما على المخيم كمعطى زماني ومكاني ونضالي وهوية وثقافة وطنية، وتحويله لأرض قاحلة كما فعلوا في مخيم جباليا، ضمن مخطط احتلالي يستهدف مخيمات اللاجئين كافة.
ويشير حمام إلى أن "الاحتلال يستهدف المخيمات لأنها شاهدة على نكبة شعبنا عام 1948، وشكّلت طوال 76 عاما حاضنة للنضال الوطني الفلسطيني، وفي أزقة المخيمات تم إعادة إنتاج الهوية والثقافة الوطنية الفلسطينية وإعادة بناء المجتمع الفلسطيني الذي حطمه الاحتلال خلال النكبة".
وينوه إلى أن "هناك محاولة لكي الوعي وضرب صميم القضية الوطنية الفلسطينية عبر استهداف المخيمات، وتجري عملية هندسة كاملة لإبادة المخيمات عبر الاجتياحات اليومية وتدميرها، بهدف الإجهاز عليها وإعادة صياغتها بطريقة جديدة تناسب مخططات تهجير أبناء شعبنا من أرض وطنه".
إعادة هندسة المخيم
الباحث السياسي إبراهيم ربايعة يقول لـ"وفا"، إن ما يحدث هو محاولة إنهاء المخيم كفكرة سياسية، كما يتجاوز فكرة التهجير إلى إعادة هندسة المخيم بشكل كامل، وتحويله إلى شكل من أشكال الضواحي والأحياء في المدن، موضحا أن تحويل المخيم لحي ليس فقط تغيير جغرافي بل ديمغرافي كون الآلاف بمخيم جنين لن يكون بمقدورهم وفق الرؤية الصهيونية العودة لمنازلهم؛ كونها باتت شوارع في المخطط المكاني الذي يحاول الاحتلال رسمه للمخيم.
ويضيف ربايعة أن الاحتلال يحاول إعادة هندسة مخيم جنين وتحويله من مكان متلاصق المباني والأزقة وحصين إلى مكان مفتوح كباقي الأحياء التقليدية، مشيرا إلى أن هذه ليست المحاولة الأولى، بل حاول الاحتلال في عام 2002 بعد هدمه المخيم التدخل بمخططات إعادة الإعمار، ولكن جوبه بوقفة ورفض رسمي وشعبي، وأعيد بناء المخيم كما كان.
ووفقا للمعطيات، تعرض مخيم جنين خلال الثلاثة أعوام ونصف الأخيرة إلى أكثر من 100 اقتحام، من ضمنها اجتياحات استمرت أيام، وتخللها إجبار الآلاف من سكانه على النزوح، لكن الاجتياح الحالي هو الأطول، ويحاول الاحتلال من خلاله فرض أمر واقع على الأرض بالقوة، بحسب ربايعة، حيث يسعى إلى تكون حالة النزوح طويلة الأمد، وإجبار النازحين على التكيف مع المجتمعات الجديدة التي نزحوا إليها عبر الارتباط بحياة اجتماعية ونشاطات اقتصادية في القرى أو أحياء المدينة الأخرى، وجعل تكلفة العودة للنازحين مرتفعة وبالتالي البقاء حيثما نزحوا.
وينوه إلى أن الاحتلال حتى اللحظة يحسب تكلفة التهجير من الضفة الغربية بشكل كبير، ولكن يحاول أن يقود لحالات نزوح داخلي، بمعنى إعادة رسم التوزيع السكاني بالضفة الغربية لمصلحة تكديس أكبر عدد من السكان الفلسطينيين في أقل مساحة من الأرض، وبهذا تدفع المواطنين إلى التركز في المدن.
ويرى ربايعة أن جنين عادة استُخدمت من قبل الاحتلال كمختبر للضفة الغربية، أي أنه يتم تطبيق السياسات في جنين ونقلها لاحقًا إلى سائر الضفة الغربية، ويعزو ذلك لأن جنين كانت بالنسبة للاحتلال منطقة عنيدة، بمعنى ما ينجح بجنين بالضرورة سينجح بباقي محافظات الضفة الغربية كونها الأصعب، ثانيا جغرافيا جنين وقربها من أراضي الـعام 1948 يجعل الرأي العام الصهيوني حساس لموضوعها، وكذلك تاريخها على عدة مراحل وسنوات طويلة من النضال.
يذكر أن مخيم جنين أُقيم خلال شتاء عام 1950 القاسي، بعد نقل موقعه من "مخيم جنزور"، الذي كان يبعد 6 كيلومترات جنوب شرق جنين، إلى موقعه الحالي الملاصق للمدينة.
ويقع المخيم بمحاذاة محطة القطار العثمانية سابقًا، ويضم مهجرين من 59 مدينة وقرية مدمرة في أقضية جنين والناصرة وحيفا، ويمتد على مساحة 374 دونمًا.-(وكالات)
0 تعليق