في ذكرى ميلاده..
في مثل هذا اليوم وتحديدًا عام 1608 ولد الشاعر البريطاني جون ميلتون، بمدينة لندن، وقد نشأ في بيئة يغلب عليها طابع التدين الممتزج بقدر كبير من الالتزام، لأسرة عرفت بحبها الشديد للعلم، وكان أباه شغوفًا بالموسيقى، لذا امتدت روافد العطاء من الأب للابن، وتركت الموسيقى بصمات لا يمكن تجاهلها على آراء "ميلتون" حيث كان يرى أنها وسيلة مهمة لجعل الشعر أكثر فاعلية وتأثيرا.
تلقى جون ميلتون تعليمه في كامبردج بين عامي 1625 و1632، وهناك كتب قصيدة "في صباح يوم ميلاد المسيح" وكان طيلة حياته شخصية نشطة في القضايا السياسية والدينية، وإبان الحرب الأهلية الإنجليزية أصبح في صف أوليفر كرومويل المعارض للحكم الملكي، واستطاع الفرار من عقوبات حتمية بعد رجوع الحكم الملكي في عام 1660.
ولا شك أن رحلته إلى إيطاليا كان لها أبلغ الأثر في نضوجه الأدبي، فلم يكن "ميلتون" مجرد زائر جاء لكي يستمتع بجزء من وقته في ربوع هذه البلاد ولكنه كان أشبه ما يكون بسفير لثقافته، وقد كان محظوظًا أكثر من أي مسافر آخر لأنه كانت لديه القدرة على التحدث بطلاقة باللغة اللاتينية مما أتاح له فرصة ذهبية للاحتكاك بالأدباء والفنانين والإيطاليين، حيث شارك في كثير من المناقشات الفلسفية والأدبية التي كانت تدور رحاها في ذلك الوقت.
ميلتون.. صاحب مدرسة أدبية في الشعر
كان جون ميلتون صاحب مدرسة أدبية في الشعر، ويعده النقاد من بين عظماء الشعر الإنجليزي، لدرجة أنهم وضعوه جنبًا إلى جنب مع وليام شكسبير وجيفري تشوسر، وهذا خير دليل على موهبته الأدبية الفذّة وقدراته الكبيرة في هذا المجال.
في عام 1652، كرس نفسه لكتابة قصيدة "الفردوس المفقود"، وبالرغم من أنه قد أنهى هذا العمل في 1664، فلم يقم بنشر الكتاب حتى عام 1667 بسبب الطاعون القوى والحريق العظيم، وأكمل باقى العمل بعدما أصيب بالعمى وكان ذلك يستلزم استخدام كتّاب ذوو رواتب، وقد ادعى الشاعر أن روح القدس كان يلهمه أثناء الليل ويتركه مع الأشعار التي سيتلوها بالنهار.
ويوضح "ميلتون" في قصيدة "الفردوس المفقود" كيفية فقدان إنسان للجنة وذلك بسبب طاعته، ثم بعد ذلك يعرض الأسباب التي أدت لسقوط الإنسان حيث يروي قصة آدم وحواء مع الشيطان وكيف استطاع الشيطان أن ينجح في إغوائهما بشتى الطرق من أجل معصية الله، وذلك عن طريق تحريضهما على الأكل من الشجرة التي تعرف بشجرة المعرفة.
مآسي جون ميلتون
عاش "ميلتون" حياة مليئة بالمتاعب والمآسي المفجعة، إذ فقد ابنه الأصغر عام 1652، ثم ما لبث أن فقد زوجته في العام نفسه، وبعد ذلك فقد بصره، وبعد أربع سنوات يتزوج مرة أخرى حين يفقد زوجته الثانية وطفلتها الرضيعة، وفي 1663 يخوض غمار تجربة جديدة حيث يرتبط بسيدة تدعى أليزابيث ميتشال، ويظل يتخبط في هذه الحياة حتى يختطفه الموت عام 1674.
0 تعليق