والصحافة هي حارس بوابة، فبالإضافة إلى تقديم التفسير والتحليل الذي يجتهد في تقديم الإجابات وتوقعات ما سيأتي، تسعى الصحف إلى حماية القارئ من تغلل أولويات وسائل الإعلام الخارجية، وهنا تتضح أهمية العمل المؤسسي للصحافة، والتي لا يمكن للأفراد القيام بها من خلال جهد أحادي.
إن مسألة أولويات وسائل الإعلام أو ما تسمى (الأجندات) بالغة الأثر، وهناك من يحاول التغاضي عنها، والتقليل من أهميتها، منهم من يسير في هذا جهلا منه، ومنهم عن قصد، لكن الأكيد أن هذه الأجندات هي الأخطر في هذا الكم الهائل من الإنتاج الإعلامي الإخباري، لأنها تؤثر على آراء ومعتقدات ووعي الأفراد، ومن ثم على سلوكهم.
الأحداث الأخيرة في سوريا، وحجم الغسيل الإعلامي الممارس لتسويق شخصيات ما زالت في دائرة الإرهاب أبلغ دليل على أن هناك أجندات، وبما أن الحديث وصل بنا إلى سوريا لعل من المفيد التذكير أن الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عاما من المآسي التي يصعب وصفها، كانت شرارتها عبارة (يسقط النظام) التي كتبها أطفال على أحد الحوائط في مدينة درعا، هذه الشرارة هي نتيجة أجندة لوسائل إعلام شكّلت الرأي العام ونشرت عدوى التأييد بين الأفراد لأحداث ما سمي بـ (الربيع العربي).
خلاصة القول، إن تنظيم الخلافات بين دول المنطقة، ووجود أهداف ومصالح مشتركة بينها لا يجعلها دولا متحالفة بالمطلق، لأن هناك اختلافا على التفاصيل والآليات؛ وتنافسها على النفوذ لا يجعل منها دولا مفترقة بالمطلق، وأمام هذا التفاوت، وحساسية التعامل معه، لعل الوقت حان لأن ننظم مؤسساتنا الصحافية، ونعيد تأهيلها، فهي بعملها المؤسسي والخبرات المتبقية فيها قادرة على مواكبة كل ما تحمله المرحلة الحالية من تحديات.
@safoghi
0 تعليق