المساجد في رمضان.. منارات علم وهداية تتلألأ بذكر الله

صحيفة عمان 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يتعاظم دورها في تقوية الروابط الإيمانية والاجتماعية

يتميَّز شهر رمضان بأجوائه الإيمانية التي تعكس روح العبادة والتقرب إلى الله، وتتضاعف الطاعات وتزداد أعداد المصلين في المساجد، حيث تُقام العديد من الأنشطة الدينية التي تخلق بيئة روحانية متميزة تعزز التقوى وتعمق الروابط بين المسلمين لما للمساجد في رمضان من دور محوري في حياة المسلمين، إذ تصبح منارة للعبادة والذكر والتعلم والتقرب إلى الله وفعل الخير.

وقال مازن بن علي الرحبي باحث في الشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية: المسجد كان وما زال رمزا للحياة في المجتمع الإسلامي؛ حيث يعتبر المسجد الجامعة التي يتعلم فيها الإنسان أصول العبادة، ومنارة يتزود منها لتحصيل العلم والمعرفة، وملاذا للحائرين، وملجأ التائبين، وموطنا لتزكية النفوس، وطمأنينة القلوب.

وأضاف: إن المسجد يمثل مؤسسة تربوية رفيعة تربي الجيل الإيماني المتصل بخالقه والمدرك لمسؤوليته في الحياة، كي يكون عبدا متكامل البناء في خلقه وسلوكه وعمله وعبادته، في علاقته بربه وبنفسه وبالناس جميعا، موضحا أن الوظيفة الأولى للمساجد هي أنها أماكن عبادة، فيها يؤدي المسلمون صلواتهم وجمعهم أو جماعاتهم، ويقرؤون القرآن ويذكرون الله.

وأشار الرحبي إلى أن وظيفة ومهمة المساجد تتجلى في تعظيمها ورفع شأنها بالتقديس والتطهير وإقامة الشعائر الدينية فيها بعد رفع قواعدها وبنيانها.

ولذا حث الدين الإسلامي على ارتياد المساجد وحضور الجماعة؛ فجعل ممن يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله من كان قلبه معلقا بالمساجد أي بالتردد عليها وإقامة الصلاة فيها وعمارتها. كل هذا لما فيه من اتصال العبد المؤمن بخالقه جل وعلا، ولما فيه من القوة الروحية التي يفتقر إليها الإنسان؛ فاستمرار الصلاة في المسجد إمداد للجماعة الإسلامية بالقوى التي لا بد منها لإصلاح المجتمع.

وأكد الرحبي أن أثر الصلوات ليس مقصورا على جانب واحد فقط بل هناك عدة جوانب منها النفسي، والجسمي، والعقلي. فمناجاة العبد ربه، والتذلل إليه، واعترافه بخطاياه، وطلب العفو والمغفرة، وترك الدنيا جانبا عند الدخول إلى المسجد، أمور تدخل إلى النفس طمأنينة وراحة تحتل فيها وتريحها من عناء التفكير في الخطيئة والذنب. ومفتاح الصلاة الطهور، وإبراز ملامح التفاف المسلمين حول المقاصد الإسلامية ووحدة العقيدة والكلمة، هو هذا التوارد على الصلوات المكتوبة جماعة في المسجد؛ حيث تترسخ العقيدة الإسلامية في القلوب، وتتعمق روح التعاون، وتقوى عرى التكافل في حياة المسلمين، وتنبثق الأخلاق الكريمة وتنتشر، بل وتتزايد في ظل الإخاء والتسامح والتساوي الذي يظهر أنه لا عنصرية ولا طبقية في الإسلام بل الجميع سواسية عند الله لا تفريق بينهم إلا بالتقوى.

وذكر بأن المسجد منارة هدى تبث شعاع الهداية والسكينة والطمأنينة في نفوس مرتاديها، ويتأكد ذلك في شهر الصيام، شهر رمضان الذي كرَّمه الله تعالى وشرَّفه، وجعله خير الشهور في العام.

وتظهر روحانيات المسجد في رمضان في عدة صور أو مشاهد، من خلال زيادة الإقبال على الصلاة؛ حيث تمتاز المساجد في رمضان بكثرة المصلين، خاصة في صلاة التراويح والقيام، مما يعزز الشعور بالجماعة والسكينة.

وأجواء الخشوع والطمأنينة؛ حيث تمتزج في المسجد روحانية التلاوة مع الخشوع في الدعاء، فتكون لحظات السجود والقيام أكثر تأثيرًا في النفوس.

وفي تلاوة القرآن الكريم؛ حيث يُكثِر المصلون من قراءة القرآن والاستماع إليه خلال الصلوات الجهرية، مما يُغذِّي القلب ويُجدِّد الإيمان.

بالإضافة إلى الإفطار الجماعي؛ حيث يلتقي المسلمون على موائد الإفطار في المساجد، فيتجسَّد معنى التكافل والتآخي.

واعتكاف العشر الأواخر؛ حيث يحرص الكثيرون على الاعتكاف في المساجد، حيث يعيشون أجواءً روحانية خالصة للعبادة والتأمل.

وأشار الرحبي إلى دور الأنشطة الدينية التي تقام في المساجد فقد أولت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية هذا الجانب عناية فائقة؛ حيث يحرص قسم الوعظ في دائرة الشؤون الإسلامية على عملية التنظيم والإشراف على هذه الأنشطة الدينية، وتوجيه الكادر الوعظي كل بحسب عمله؛ ويتجلى هذا الأمر في عدة صور مثل دروس العلم والمحاضرات، تتناول موضوعات تتعلق بالصيام، والأخلاق، والتفسير، والسيرة النبوية.

كما يتم تنظيم برامج تحفيظ القرآن الكريم وتدبره، خاصة للأطفال والشباب، مما يسهم في غرس حب القرآن في النفوس.

بالإضافة إلى إقامة المجالس الفقهية للإجابة عن أسئلة الصائمين؛ حيث يُخصص العلماء والدعاة أوقاتًا للإجابة عن تساؤلات الناس حول الأحكام الشرعية المتعلقة بالصيام والعبادات.

وتعمل بعض المساجد على تنظيم حملات التكاتف الاجتماعي لمساعدة المحتاجين، مثل توزيع وجبات الإفطار والسلال الغذائية، وإحياء ليلة القدر؛ حيث تُقام صلوات التهجد والدعاء في العشر الأواخر، يزداد عندها الإقبال على العبادة طلبًا لرحمة الله ومغفرته، والعمل على تشجيع العمل التطوعي حيث يشارك الشباب في ترتيب المسجد، وتجهيز موائد الإفطار، وتنظيم الحلقات الدينية، مما يغرس فيهم حب الخير وخدمة المجتمع.

فالمسجد في رمضان ليس مجرد مكان للصلاة، بل هو محطة إيمانية متكاملة تعزز التقوى وتبعث الطمأنينة في القلوب. ومن خلال الأنشطة الدينية المتنوعة، تتحقق الفائدة الروحية والاجتماعية، مما يجعل رمضان شهرًا تتجدد فيه العزائم وتتقوى الصلة بالله تعالى.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق