موسكو تحض واشنطن على إصدار "أمر" لكييف بإحياء اتفاق البحر الأسود
عواصم " وكالات ": اختتمت اليوم الثلاثاء في المملكة العربية السعودية جولة مباحثات جديدة بين مندوبين أوكرانيين وأمريكيين غداة لقاء أمريكي روسي لم يفضِ إلى الإعلان عن هدنة محدودة يسعى إليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفي حين تتهمها كييف بالمماطلة للاستفادة من تقدم قواتها على الجبهة، وصفت روسيا الحوار بأنه " مفيد" رغم أنه "ليس سهلا"، ودعت اليوم الثلاثاء إلى صيغة أوسع للمناقشات، تشمل إشراك الأمم المتحدة ودول أخرى. وذكرت وكالة "ريا نوفوستي" الرسمية أن الوفد الروسي غادر السعودية.
من جهة ثانية، اعتبر المسؤول عن عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة اليوم الثلاثاء أن احتمال نشر قوات لحفظ السلام في أوكرانيا بتفويض أممي هو أمر "نظري جدا" في هذه المرحلة.
تعمل البلدان الأوروبية على خطط لضمان وقف محتمل لإطلاق النار في الحرب الروسية على أوكرانيا يمكن أن تشمل نشر قوة لحفظ السلام.
ولدى سؤاله عن الأمر في بروكسل، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان-بيار لاكروا للصحافيين "يمكن القول إن الأمر نظري جدا جدا".
وأضاف "السؤال مطروح ونفكر فيه.. لكننا لا نخطط لشيء".
تستضيف باريس الخميس قمة جديدة لـ"تحالف الراغبين" المشكّل من قبل فرنسا وبريطانيا.
وأفاد المفاوض الروسي في آخر جولة من المحادثات مع الولايات المتحدة الرامية لإنهاء النزاع اليوم الثلاثاء بأن موسكو ستسعى لإشراك الأمم المتحدة في العملية، من دون تحديد الدور الذي ستقوم به.
وسيتعين على أي بعثة أممية لحفظ السلام في أوكرانيا أن تحصل أولا على تفويض من مجلس الأمن الدولي، بحسب لاكروا الذي أفاد بأن فرقه لم تحصل على مؤشرات "في هذه المرحلة" في هذا الشأن.
وقال لاكروا "لسنا مفوضين للتخطيط ولا يمكننا في الحقيقة معرفة على أي أساس سنخطط حاليا".
من جانبه، قال الكرملين إنه ما زال بصدد تحليل نتائج اجتماع الاثنين، لكنه أكد أنه لن يبادر إلى نشرها، مع مطالبة موسكو مجددا بإحياء اتفاق البحر الأسود وتخفيف القيود على صادراتها الزراعية التي تعبره.
وعقد صباح اليوم الثلاثاء في الرياض اجتماع جديد بين الفريقين الأوكراني والأمريكي، وفي نهايته، قال مصدر في الوفد الأوكراني لمجموعة صغيرة من وسائل الإعلام بينها وكالة فرانس برس، "سيتم الإعلان عن كافة التفاصيل في وقت لاحق".
منذ انطلاق هذه المحادثات التي تتولى واشنطن تيسيرها الأحد، لم تؤد الاتصالات المكوكية الأمريكية بين الطرفين إلى إعلان هدنة، وإن جزئية، أو توافق على وقف موقت أو جزئي للضربات الجوية.
أعلنت وكالات أنباء روسية مساء الاثنين عن بيان مشترك أمريكي روسي بشأن نتائج المباحثات، لكن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أكد اليوم الثلاثاء أن مضمونها لن يُنشر "قطعا". وأضاف أنه في حين ستستمر "الاتصالات" مع الأمريكيين، لم يتم الاتفاق على موعد محدد للقاء جديد.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغط على كييف وحصل على موافقتها مبدئيا على وقف غير مشروط لإطلاق النار لمدة 30 يوما، خلال اجتماع سابق في جدة.
لكن فلاديمير بوتين، وإن كان حريصا على عدم إغضاب نظيره الأمريكي، فقد قدم الكثير من المطالب وقال إنه يريد أن تقتصر الهدنة على الضربات الموجهة إلى منشآت الطاقة.
واستغرقت مباحثات الاثنين الروسية والأمريكية أكثر من اثنتي عشرة ساعة في فندق فخم في الرياض، غداة جولة أولى من المحادثات بين الأمريكيين والأوكرانيين.
وقال أحد المفاوضين الروس، السناتور جريغوري كاراسين، لوكالة الأنباء الروسية الرسمية "تاس" اليوم الثلاثاء "تباحثنا في كل شيء، كان حوارا مكثفا وليس سهلا لكنه مفيد لنا وللأمريكيين".
وقال كاراسين الذي مثل روسيا إلى جانب سيرغي بيسيدا من جهاز الأمن الفدرالي الروسي "ناقشنا العديد من القضايا... بطبيعة الحال لا زلنا بعيدين عن تسوية كل شيء والاتفاق على كل النقاط، لكني أرى أن هذا الحوار يجري في الوقت المناسب".
ومضى يقول "سنواصل القيام بذلك مع دفع الأسرة الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة وبعض الدول" إلى المشاركة مشددا على أنه كون انطباعا بان "الحوار كان بناء وضروريا ولا غنى عنه".
يؤكد ترامب أنه يسعى إلى إنهاء الحرب ولكن تقاربه مع فلاديمير بوتين أعاد خلط أوراق النزاع الذي اندلع بسبب تدخل روسيا في أوكرانيا في فبراير 2022.
وأبدى ترامب، الذي ردد طروحات روسيا بشأن أوكرانيا التي يمارس عليها ضغوطا كبيرة، تساهلا حتى الآن مع روسيا، على الرغم من أنه أثار إمكان فرض عقوبات جديدة عليها في الأسابيع الأخيرة.
وركزت محادثات اليوم الثلاثاء بين الروس والأمريكيين خصوصا على وقف إطلاق النار في البحر الأسود، من أجل السماح بالعودة إلى اتفاق الحبوب.
ودعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء واشنطن إلى الضغط على كييف لإحياء اتفاق البحر الاسود، مؤكدا أن موسكو تطالب بتخفيف القيود على الصادرات الزراعية الروسية.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن لافروف قوله "ندعم.. إعادة إطلاق مبادرة البحر الأسود بشكل ما، يكون مقبولا أكثر بالنسبة للجميع". وأضاف أن روسيا لا تريد أن "تحاول أي جهة إخراجنا" من سوق الحبوب والأسمدة. وقال إن موسكو ترى أن ذلك لا يمكن تحقيقه إلا "بموجب أمر من واشنطن لزيلينسكي وفريقه".
وسمح اتفاق البحر الأسود لأوكرانيا بين يوليو 2022 و يوليو 2023، بتصدير منتجاتها من الحبوب التي يعتمد عليها العديد من دول العالم، على الرغم من وجود الأسطول الروسي في المنطقة.
وانتهى الاتفاق عندما انسحبت منه روسيا متهمة الغرب بعدم احترام التزاماته بتخفيف العقوبات على الصادرات الروسية.
وأنشأت أوكرانيا ممرا بحريا لتصدير منتجاتها بأمان منذ عام 2023، لكن الهجمات الروسية لم تتوقف على ميناء أوديسا وعلى سفنها.
ولا يبدو أن بوتين الذي يتقدم جيشه على الأرض رغم خسائره الفادحة، في عجلة من أمره لإبرام اتفاق، خصوصا وأن القوات الأوكرانية ما زالت تسيطر على أراض في منطقة كورسك الروسية.
وفي هذه المرحلة، يقول الكرملين أنه اتفق مع واشنطن فقط على وقف قصف منشآت الطاقة. ولكن الروس والأوكرانيين يتبادلون الاتهامات بمواصلة قصف هذه المنشآت.
قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اليوم الثلاثاء إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش على اتصال دائم مع موسكو بشأن قضية تسهيل صادرات الحبوب والأسمدة الروسية وإنه "يحاول المساعدة".
لكن لافروف قال إن جوتيريش لا يسعى إلى إلغاء العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، بل يبحث عن ثغرات فيها قد تساعد.
وقال لافروف إن مذكرة التفاهم بين الأمم المتحدة وروسيا بشأن هذه المسألة والتي تم التوصل إليها في 2022 لا تزال سارية حتى يوليو تموز هذا العام.
وقالت موسكو إن القيود المفروضة على المدفوعات والخدمات اللوجستية والتأمين تشكل عائقا أمام الشحنات على الرغم من أن الصادرات الروسية من الغذاء والأسمدة ليست خاضعة للعقوبات الغربية.
وتريد روسيا استئناف صادراتها من الأمونيا وإعادة ربط البنك الزراعي الروسي بنظام سويفت للمعاملات المالية.
0 تعليق