شبكة صينية تستهدف الموظفين الحكوميين الأمريكيين المسرّحين

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شركات غامضة تستهدف موظفي الحكومة السابقين

كشفت تحقيقات لوكالة رويترز عن شبكة من الشركات المرتبطة بشركة تكنولوجيا صينية غامضة، والتي تسعى إلى تجنيد موظفين حكوميين أمريكيين تم تسريحهم مؤخرًا. وأوضح ماكس ليسر، المحلل البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أن بعض الشركات التي نشرت إعلانات التوظيف هي جزء من "شبكة أوسع من شركات استشارات وتوظيف زائفة تستهدف موظفين حكوميين سابقين وباحثين في الذكاء الاصطناعي". وأشار إلى أن هذه المحاولات تعتمد على أساليب معروفة استخدمتها جهات استخباراتية صينية سابقًا، حيث يتم استهداف أفراد ذوي خلفيات حكومية لاستغلال أوضاعهم المالية الصعبة بعد تسريحهم من وظائفهم.

ارتباطات رقمية مشبوهة وعناوين زائفة

بحسب تحقيقات رويترز، فإن أربع شركات استشارية وتوظيف ضمن هذه الشبكة تتشارك مواقع إلكترونية متداخلة، وتستضيفها نفس الخوادم، مما يشير إلى ارتباطها الوثيق. كما أن هذه الشركات مرتبطة بموقع Smiao Intelligence، وهي شركة صينية لخدمات الإنترنت اختفى موقعها الإلكتروني أثناء تغطية رويترز للقضية. وعند محاولة تتبع هذه الشركات، اصطدم التحقيق بسلسلة من العقبات، بما في ذلك أرقام هواتف غير مفعّلة، وعناوين وهمية تقود إلى مواقع فارغة، وإعلانات توظيف تم حذفها من المنصات مثل LinkedIn وCraigslist.

إحدى هذه الشركات، RiverMerge Strategies، وصفت نفسها بأنها "شركة استشارات جيوسياسية" ونشرت عدة إعلانات توظيف على لينكد إن قبل حذفها. تضمنت الإعلانات البحث عن "مستشار في الاستشارات الجيوسياسية" ممن لديهم خبرة في الوكالات الحكومية أو المنظمات الدولية. كما نشرت إعلانًا آخر يبحث عن متخصص في الموارد البشرية قادر على "الاستفادة من معرفته الواسعة بشبكة المواهب في واشنطن" لتحديد المرشحين المناسبين للمناصب. لكن تحقيق رويترز كشف أن رقم الهاتف المدرج في موقع الشركة لم يعد في الخدمة، كما أن عنوانها المزعوم في سنغافورة قاد إلى مبنى سكني وليس إلى مكتب حقيقي.

قلق أمني وتحذيرات استخباراتية

وفقًا لمصادر استخباراتية أمريكية، فإن هذه الشبكة تمثل مثالًا واضحًا لكيفية قيام جهات أجنبية بجمع معلومات حساسة من موظفين حكوميين تم تسريحهم مؤخرًا، مستغلين حاجتهم إلى وظائف جديدة. وأوضح الخبراء أن الموظفين الذين ينضمون إلى هذه الشركات قد يتم استدراجهم لمشاركة معلومات حكومية حساسة، أو حتى ترشيح زملائهم السابقين للانضمام إلى نفس الشبكة دون علمهم بأنها قد تكون مرتبطة بجهات استخباراتية أجنبية.

وأكد البيت الأبيض في تصريح لرويترز أن الصين تسعى باستمرار لاستغلال النظام الأمريكي المفتوح من خلال أنشطة تجسس وتجنيد غير مشروع. وقال متحدث باسم البيت الأبيض: "يجب على الموظفين الحكوميين الحاليين والسابقين أن يدركوا المخاطر التي تمثلها هذه الجهات وأهمية حماية المعلومات الحكومية".

نفي صيني واستمرار التحقيقات

من جهتها، نفت السفارة الصينية في واشنطن أي صلة لبكين بهذه الشركات، مؤكدة في بيان لها أن "الصين تحترم خصوصية البيانات والأمن السيبراني". لكن تقريرًا سابقًا لوكالة CNN أشار إلى أن الاستخبارات الأمريكية تعتقد أن كلًا من روسيا والصين يستهدفان الموظفين الحكوميين المسرّحين كجزء من حملات تجسس مستمرة.

وقد أظهرت تقارير أخرى أن بعض الموظفين الحكوميين الأمريكيين، ممن يمتلكون تصاريح أمنية عليا، لم يحصلوا على إحاطات أمنية عند مغادرتهم وظائفهم، مما يزيد من مخاطر استهدافهم من قبل جهات أجنبية. ووفقًا لماكس ليسر، فإن هذه الشبكة قد تكون دليلًا ملموسًا على أن مثل هذه العمليات لا تزال جارية.

أساليب تجسس مألوفة وتاريخ من العمليات المشابهة

ليست هذه المحاولة الأولى من نوعها، فقد سبق أن استخدمت الصين أساليب مشابهة في الماضي. ففي عام 2020، أقر سنغافوري يُدعى جون وي يو بالذنب في محكمة أمريكية، بعد أن عمل كعميل لصالح حكومة أجنبية منذ عام 2015. وكشفت التحقيقات أن يو قام بتوظيف أمريكيين ذوي خلفيات أمنية لكتابة تقارير بحوث، دون أن يخبرهم أن هذه التقارير كانت موجهة إلى الحكومة الصينية. كما أظهرت المحكمة أن العملاء الصينيين كانوا يوجهونه لاختيار أهداف محتملة بناءً على مدى استيائهم من وظائفهم، أو مواجهتهم لصعوبات مالية، أو مسؤولياتهم العائلية.

حذر الخبراء من أن الصين قد تزيد من هذه الجهود مع تزايد أعداد الموظفين الحكوميين المسرّحين الذين يبحثون عن وظائف جديدة. وأكد ديفيد آرون، المدعي العام السابق في وزارة العدل الأمريكية، أن الحكومات الأجنبية غالبًا ما تستخدم إعلانات التوظيف المزيفة لتجنيد مصادر دون علمهم بأنهم يعملون لصالح جهة استخباراتية. وقال آرون: "أتوقع أن تكثف الصين مثل هذه الجهود مع تدفق عدد كبير من الموظفين الحكوميين الأمريكيين إلى سوق العمل، حيث قد يكون البعض أكثر عرضة للتلاعب مقارنة بغيرهم".

مخاوف متزايدة وإجراءات احترازية

مع تصاعد القلق حول استهداف الموظفين المسرّحين، تتخذ السلطات الأمريكية إجراءات لتعزيز الوعي بالمخاطر الأمنية التي قد يواجهها الموظفون السابقون. وبحسب مسؤول في مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، فإن الجهات الاستخباراتية الصينية تلجأ إلى التنكر في هيئة مؤسسات بحثية وأكاديمية وشركات توظيف لاستدراج الموظفين الحكوميين.

وتؤكد التحقيقات أن هذه الأنشطة جزء من استراتيجية أوسع تسعى من خلالها الصين إلى جمع معلومات استخباراتية عن الولايات المتحدة، مما يفرض تحديات أمنية متزايدة أمام الأجهزة الأمريكية المعنية بحماية المعلومات الحساسة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق