loading ad...
كما رأينا فإن المذهب الديمقراطي الذي قررته الثورة الفرنسية وفلاسفتها وفي مقدمتهم (جان جاك روسّو) هو مبدأ للدولة الحديثة التي تقوم على مبدأ سيادة الشعب، أو مبدأ سيادة الأمة، وفصّل وأسهب في تفصيل ذلك المبدأ وهذا النظام الذي ما يزال سائداً في الكثير من دول العالم وبالأخص في الدول الصناعية (دول العالم الأول) _ أوروبا _ أميركا وغيرها، والعديد من دول العالم الثالث وبأشكال متفاوتة في بعض التفاصيل، أقول وبرأيي أن هذا المبدأ قد (شاخ) نتيجة لتطور الحياة ووسائل الإنتاج وزيادة الاستثمار والتجارة البينية بين دول العالم، ووسائل الإتصال الحديثة التي جعلت العالم كما يقولون «قرية صغيرة».اضافة اعلان
وإذا كان هذا النظام في جوهره يقوم على مبدأ الانتخاب، أي انتخاب ممثلين ينوبون عن الشعب وهم يختارون بطريقة مباشرة – السلطة التنفيذية – أو بطريق غير مباشر في بعض الدول، فإن الجوهر قد تخرب، فالانتخاب لم يعد يأتي بالضرورة بالأشخاص اللائقين لممارسة هذه السلطات في أغلب الانتخابات في هذه الدول –إلاّ القليل– وحتى في الدول الديمقراطية التي يتكون برلمانها من أحزاب بالكامل، أي ليس لديها انتخاب لأفراد كما هو في بعض الدول الأخرى، فما بالك بالأنظمة الديمقراطية الرئاسية، التي ينتخب رئيس الجمهورية منها مباشرة من الشعب ويصبح – وهو منتخب من الشعب– السلطة التنفيدية ويستعين فيما بعد ببعض الأشخاص في الإدارات، بالإضافة للسلطة التشريعية المنتخبة أساساً مباشرة من الشعب، كالولايات المتحدة الأميركية!، دليلي على ذلك هو الملايين– بل المليارات التي يصرفها المرشحون أفراداً أو أحزاباً لا فرق على هذه الانتخابات والتي تأتي بها رؤوس الأموال والشركات الكبرى والنافذة في المجتمع، والتي لا تمثل تطلعات مجتمعاتهم أو رغباتهم بتحسين أوضاعهم أو أوضاع الدولة ككل! إذ إنهم إمّا يمثلون مصالحهم الشخصية والاقتصادية إذا كان تمويلهم ذاتياً – أي من ذوي رؤوس الأموال، أو يمثلون مصالح ضيقة جداً لأصحاب الشركات ورؤوس الأموال! .
وقد شاعت هذه الظاهرة في الدول المتقدمة ودول العالم الثالث على السواء، وأصبح علاج هذه الظاهرة من المستحيلات، هذا بغض النظر عن رأينا في المذهب الديمقراطي كنظرية لتحقيق العدل الإجتماعي والمساواة ، ونرى أنه وكما شاخت الاشتراكية – نتيجة التطبيق غير الصحيح – شاخت الديمقراطية البرلمانية وأصبحت لا تحقق الغاية التي عناها الفلاسفة الذين تبنوها وسهروا من أجلها.
مع احترامنا للمبدأ الديمقراطي وفلسفته في الحكم فقد كشفت لنا الأيام الأخيرة من هذه السنوات شيخوخة هذا المبدأ، إذ كيف لي أن أصدق أن الكونغرس الأميركي دعاة الديمقراطية في العالم يقاطعون قاتلاً شريراً فاسداً هو نتنياهو أكثر من ستين مرة بالتصفيق والوقوف احتراماً له ولقتله الأطفال والنساء والصحفيين ودور العبادة والمستشفيات والأطباء والممرضين والمسعفين، كل هذا.. وكل الإعجاب به وبما يقوم به وهو مطلوب لمحكمة العدالة الدولية بمذكرة اعتقال!، وهم المنتخبون ديمقراطياً من الشعب الأميركي – لا بل من رؤوس الأموال والشركات الصهيونية الممولة لحملات الأغلبية منهم! هذه عينّة من المنتخبين ديمقراطياً، فكيف إذا أردنا أن نكتب أو نقول عن كبيرهم - (دونالد ترامب) مسخرة المساخر في العالم! من منا لم يسمع تصريحاته المتناقضة؟ وكيف يتناول موضوع غزة ويوسع من زيادة إنتاج أسلحة الإبادة وتزويد الكيان الصهيوني بها، وأيضاً كيف ينوي السيطرة على (غرينلاند وكندا)؟
من منا لم يسمع ما يقوله المعلقون من الإعلام السياسي عنه؟
من منا لم يرَ غروره واستبداده ؟ وهو الذي يحكم أغنى وأقوى دولة في العالم بحكم (الديمقراطية) التي جاءت به من خلال الشركات الفاسدة والأموال المفسدة لتنفيذ مخططاتها في السيطرة على بقية دول العالم وثرواتها وإقتصادها .
هذه هي الديمقراطية التي أكدتها مؤخراً الحرب على غزة و لبنان! ألا تتفقون معي بأنها شاخت؟ وأنه على الفلاسفة والمفكرين أن يخترعوا لنا طريقة أخرى للحكم تنقذ البشرية من حكم الشركات النافذة ورؤوس الأموال الفاسدة التي أصبحت تتحكم بمصير البشرية وشكل الدول وتكوينها !!!! .
وللحديث بقية في الجزء (3) .
0 تعليق