مفاوضات واشنطن وطهران.. لماذا الآن؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عمان - في الوقت الذي تشهد فيه الساحة السياسية تطورا جديدا مع تزايد الحديث عن إمكانية استئناف المفاوضات المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، أشار مراقبون إلى أن طهران تعاني من ضغوط داخلية وخارجية متصاعدة، إذ يعد هذا التحرك فرصة نادرة لإيران، وقد لا تتكرر، بالنظر إلى الظروف الإقليمية والدولية المحيطة.اضافة اعلان
وقال هؤلاء في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، إن إيران تعيش، في السياق الحالي، حالة من التراجع على عدة أصعدة، أهمها الاقتصاد الذي يعاني من وضع صعب نتيجة العقوبات الأميركية المتزايدة، مع انخفاض قيمة العملة وتراجع الاستثمارات الأجنبية، فضلا عن الغضب الشعبي الذي يتصاعد في الداخل نتيجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية، لا سيما بعد موجات من الاحتجاجات الشعبية، بالإضافة إلى تراجع النفوذ الإقليمي نسبياً في بعض الجبهات كسورية ولبنان والعراق، نتيجة ضغوط مالية وتغيرات ميدانية.
وبعد مضي نحو شهر على إرسال الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسالة للمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، يخيره فيها بين التفاوض بشأن برنامج بلاده النووي أو مواجهة عسكرية، أفرز رد طهران عليها تباينا في الأوساط السياسية بشأن جدوى شكل المفاوضات المحتملة بين الجانبين.
شروط وإملاءات
وفي هذا الإطار، يقول رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد الشنيكات، إنه بات واضحا أن المفاوضات ستكون مجموعة من الشروط والإملاءات الأميركية على إيران، تتعلق أولا بتفكيك برنامجها النووي سواء كان سلميا أو عسكريا، وثانيا، برنامج الصواريخ البالستية وهذا أيضا سيتم تفكيكه، وثالثا فيما يتعلق بتوسع طهران الإقليمي وامتداداتها، إذ سيطلب منها أن تنكفئ للداخل، مشيرا إلى أن الشروط الأميركية ربما تغير الخطاب الإيراني تجاه إسرائيل تحديدا.
وتساءل شنيكات: "هل ستقبل إيران بهذه الشروط؟ طبعا ستفاوض عليها طهران التي لا تسعى للاصطدام مع الولايات المتحدة، وتحديدا دونالد ترامب وإدارته، بل تريد أن تعطي المفاوضات فرصة فيما يتعلق بشروطها التي يمكن أن تتراجع عنها خلال المفاوضات".
وتابع: "القضية الأساسية بالنسبة للإيرانيين هي تجنب المواجهة العسكرية المباشرة، لكن إذا تم القبول بالشروط الأميركية كما هي، فيصعب تسويقها في الداخل الإيراني، وبالتالي قد ينشأ صراع بين النظام والشعب بحجة التراجع عن المطالب الوطنية."
وزاد: "القضية الأخرى إذا تنازلت طهران أيضا قد تحدث ارتدادات داخلية كبيرة بالنسبة لإيران، وعند تعميق المراقبة وفرض الشروط، فأعتقد أن إيران ستكون كنظام في موقف لا تحسد عليه، فإذا كان الخيار الإيراني فتح المفاوضات لتجنب الصدام بلا شروط، فستحاول إيران التمسك بمواقفها المعتادة قدر الإمكان، وستدخل في مفاوضات ربما على المليشيات في العراق وغيرها من الدول، لكن بالنسبة لوضعها الداخلي فأعتقد أنها تريد بعض الحوافز الأميركية المتعلقة بالعقوبات المفروضة على قطاع النفط، وحتى على القطاعات الاقتصادية الأخرى، وتطالب بأكثر من ذلك، كقبولها في المجتمع الدولي."
واستكمل: "أوراق إيران في هذا الموضوع هي شراكتها الإستراتيجية مع روسيا وكذلك مع الصين، فهي تحاول أن تنظم أوراقها بحيث تقف على قدم المساواة فيما يتعلق بالمفاوضات، وطبعا الأمر ليس سهلا بالنسبة لإيران؛ لأن قواعد القواعد اللعبة تغيرت في المنطقة، حيث خسرت سورية ولبنان، وكذلك وضعها العراق قد يواجه المعضلة نفسها، ولهذا تحاول إيران أن تحافظ على المكاسب المتبقية لها، مع تمسكها مرة ثانية ببرنامجها النووي، وحتى مسألة الرقابة قد تطرح ولكن ليس على كل تفاصيل البرنامج النووي بل حول أشياء تقدم فيها تنازلات من هنا وهناك."
وأضاف: "إذا أفلتت طهران هذه الفرصة بالمفاوضات، فقد تجد نفسها في مواجهة عامل مهم جدا هو العامل الإسرائيلي، الذي يسعى للصدام معها وتوجيه ضربة عسكرية ضخمة وكبيرة لها لإجبارها على التفاوض، ولكن بالشروط الأميركية والإسرائيلية كاملة، وهذا ما تراهن عليه إسرائيل تحديدا، لأنه من وجهة نظرها من الصعب الوصول إلى صفقة كما تتمناها إسرائيل بدون توجيه ضربة ساحقة لإيران، ولهذا يتوقع إذا فشلت المفاوضات أن تذهب إلى ضربة عسكرية من غير المعلوم نتائجها، وهل سترد إيران بضربة أكبر."
وتابع: "مسارات الحرب صعبة التنبؤ؛ لأن لها آثارا عسكرية، وبعضها يخضع للسرية، حيث لا يكشف كل طرف عن أوراقه كلها في مجال الحرب، للتأكيد على عنصر المفاجأة وتحقيق التفوق."
المفاوضات وتكرار النموذج
من جهته، يرى الخبير العسكري والإستراتيجي نضال أبو زيد، أن المفاوضات الإيرانية الأميركية التي ستبدأ السبت المقبل في مسقط تأتي في سياق رغبة إيرانية بالذهاب باتجاه مفاوضات كخيار أفضل من مواجهة عسكرية قد تؤدي إلى فقدان إيران قدراتها في مشروعها النووي الذي يعد المشروع الإستراتيجي لإيران.
وأضاف أبوزيد إنه وضمن هذه السياقات، يبدو أننا سنكون أمام مرحلة تفاوضية تكرارا لنموذج المفاوضات النووية 5+1 التي تمت في 2015، حيث من المتوقع أن تستخدم إيران النفس الطويل بالتفاوض كما حصل سابقا، لذلك لن يغيب عن الوفد الإيراني المفاوض عباس عراقجي الذي شارك بالمفاوضات السابقة، بالإضافة إلى علي لاريجاني، ومن أبرز الشخصيات التي قد تكون ضمن الوفد المفاوض وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف.
وتابع: يقابل ذلك أن من المتوقع وجود المبعوث الأميركي ويتكوف ضمن الوفد المفاوض، الأمر الذي يشير إلى أن المفاوضات قد تشهد تعقيدات في مراحلها الأولى بسبب رؤية ويتكوف للحل العسكري على حساب الحل السياسي.
خشية من التصعيد
بدوره، يقول عميد كلية القانون السابق في جامعة الزيتونة الدكتور محمد فهمي الغزو، إن الظروف الداخلية لإيران تجعلها اليوم أكثر استعدادا لتقديم تنازلات معينة لتحسين الوضع الاقتصادي وامتصاص غضب الشارع، خاصة أن الدعم الروسي والصيني محدود الفعالية على المستوى الاقتصادي، ولا يغني عن تخفيف العقوبات الغربية.
وأشار الغزو إلى أن المخاطر أمام إيران، تتمثل بأن التأخر أو المراوغة قد تجعل الولايات المتحدة تتجه إلى خيارات أكثر حدة تجاه طهران، كما أن انهيار المفاوضات سيضع إيران في عزلة أكبر، ويمنح خصومها الإقليميين مبررات لتصعيد الضغط السياسي والعسكري.
وأضاف: "المفاوضات المحتملة بين طهران وواشنطن قد تكون فرصة لا تتكرر قريباً لطهران، في ظل توازن قوى مائل لصالح واشنطن، خاصة أن إيران اليوم في موقف تفاوضي أضعف، لكنها لا تزال تملك أوراق ضغط مهمة، إذ إن قرار الدخول في مفاوضات جادة قد يكون خيارها الأفضل لتفادي المزيد من الانهيار الداخلي والتآكل الإقليمي."
وتابع: "إستراتيجية واشنطن الحالية تجاه طهران تستند إلى الاعتقاد بأن إستراتيجية ضغط منسقة مع إسرائيل فقط يمكن أن تجبر إيران على وقف أنشطة تعتبرها ضرورية لبقائها."
وزاد: "المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران هي لعبة معقدة من التوازنات والمصالح المتضاربة، في الوقت الراهن، ورغم حالة الضعف النسبي لإيران، إلا أنها لا تزال تملك أوراق ضغط، ما يجعل من أي مفاوضات فرصة حذرة لكلا الطرفين، والنجاح ليس مضمونا، لكن استمرار الجمود يحمل مخاطر أكبر."
واستكمل: "بدلا من التركيز على شكل المفاوضات بين طهران وواشنطن، الأهم هو تشكيل بيئة آمنة ومستقرة لتبادل آراء الجانبين بعيدا عن التداعيات المحتملة، خاصة أن العديد من المسارات الدبلوماسية تبدأ ثم تتوقف لأسباب شتى."
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق