استحداث مسار موقع "البدية" الأثري بعجلون.. ما أهميته سياحيا وتنمويا؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عجلون- ما تزال فاعليات مختلفة في محافظة عجلون تبذل جهودا مكثفة لإدراج مناطق أثرية وسياحية وبيئية وتراثية ضمن مسارات يتم وضعها على الخريطة السياحية، لتكون مؤهلة لاستقطاب الاستثمارات وجذب الزوار والسياح، وبما يخدم المجتمعات المحيطة بها تنمويا.اضافة اعلان
وفي خطوة جديدة، فقد تبنى منتدى عنجرة الثقافي، وبالتعاون والتنسيق مع مديريتي السياحة والثقافة وفاعليات مختلفة، إطلاق مسار ثقافي وسياحي وبيئي، بحيث يبدأ من منطقة البدية الأثري، ويمر بمناطق عديدة في عنجرة التي تتميز بمواقع ذات طبيعة جميلة، وما تزال غير مستثمرة سياحيا.
ويقول القائمون على إطلاق هذا المسار، إن تجربة المسارات السياحية تستدعي المزيد من دعمها، عبر توجيه الوفود السياحية إليها، والترويج لها، ودعم الأسر المنتجة والمجتمعات المحلية بالمنح والقروض لتنفيذ مشاريعهم، وتجويد خدمات البنى التحتية ضمن هذه المسارات، والتفكير جديا باستحداث مسارات جديدة في مناطق لا تمر بها المسارات القائمة حاليا.
ويقول عضو مجلس المحافظة، منذر الزغول، إن موقع البدية الأثري بمحافظة عجلون يعد من أبرز المواقع الأثرية التي ما تزال بحاجة إلى أعمال التأهيل وإبرازه بشكل كاف، بحيث يمكن بعدها استثماره سياحيا، لا سيما أنه يقع في منطقة ما تزال بحاجة إلى تنميتها، وإيجاد مشاريع سياحية تخدم أبناء المجتمعات المحيطة بها، معربا عن أمله بأن تجد المنطقة رعاية كافية بعد الإعلان مؤخرا عن إطلاق مسار سياحي يبدأ منها، ويشمل مناطق غرب وجنوب منطقة عنجرة.
ولفت إلى أن أعمال البحث والتنقيب في موقع البدية ما تزال دون المطلوب، رغم الأهمية التاريخية لهذا الموقع الذي تعاقبت عليه العديد من الحضارات، مؤكدا أن الموقع يحتوي على مساحات كافية والعديد من المواقع التي يمكن استثمارها والترويج لها لتكون عامل جذب للسياح المحليين والعرب والأجانب.
المزج بين الثقافة والتاريخ والتراث والبيئة الخلابة
من جهته، أكد رئيس منتدى عنجرة الثقافي الدكتور عارف الزغول أن الهدف من إطلاق هذا المسار السياحي الثقافي البيئي هو المزج بين الثقافة والتاريخ والتراث والبيئة الخلابة لمناطق غرب وجنوب عنجرة الزاخرة بالمواقع التاريخية والتراثية وطبيعتها الساحرة وغطائها النباتي المتنوع، لافتا إلى أن المنتدى سيتابع مع الجهات المعنية المختلفة لوضع المنطقة على الخريطة السياحية للمحافظة والمملكة.
ودعا الزغول إلى زيادة المخصصات لتأهيل عشرات المواقع الأثرية في محافظة عجلون، خصوصا موقع البدية الأثري، مؤكدا أن تأهيلها وتحسين البنى التحتية فيها سيسهمان في جذب السياح وتشجيع الاستثمارات السياحية هناك.
ولفت إلى أن منطقة البدية على طريق عنجرة - راجب بحاجة إلى اهتمام أكثر، إذ يمكن استغلال هذه المنطقة التي تضم عشرات الآبار والمنازل المهدمة وذات الجغرافيا الجميلة لأغراض تشجيع السياحة، بالإضافة إلى استصلاح جميع الآبار فيها في الحصاد المائي وتأهيل الطرق المؤدية إليها.
وطالب المواطن أبو محمود عنانبة باعتماد مسار البدية - الحنيش - سرابيس كمسار سياحي جديد واعد، كون المنطقة تزخر بالمواقع التاريخية والسياحية المهمة جدا، إضافة إلى كثافة الأشجار الحرجية في المنطقة، مطالبا الجهات المعنية بوضع خطط وبرامج جادة للمساهمة في الحفاظ على الثروة الحرجية في المنطقة وكافة مناطق المحافظة الأخرى، وتأهيل موقع البدية الأثري والتاريخي وحمايته من جميع أشكال العبث والتعدي، الأمر الذي من شأنه الحفاظ على قيمته الحضارية وإبرازه واستغلاله في تشجيع السياحة وإقامة المشاريع السياحية بمحيطه.
وأضاف أن المحافظة تضم أكثر من 250 موقعا أثريا، ما تزال غالبيتها من دون استثمار سياحي، لافتقارها البنى التحتية وحاجتها للتأهيل وإدراجها على الخريطة السياحية.
توجيه الوفود السياحية إلى المسارات
ويرى الناشط سليمان القضاة أن تجربة المسارات السياحية تستدعي المزيد من دعمها، عبر توجيه الوفود السياحية إليها، والترويج لها، ودعم الأسر المنتجة والمجتمعات المحلية بالمنح والقروض لتنفيذ مشاريعهم، وتجويد خدمات البنى التحتية ضمن هذه المسارات، والتفكير جديا باستحداث مسارات جديدة في مناطق لا تمر بها المسارات القائمة حاليا.
أما المتخصص في الآثار، ومدير آثار المحافظة الأسبق الدكتور محمد أبو عبيلة، فقد أكد وجود عدد كبير من المواقع التي يمكن تأهيلها واستغلالها للسياحة، كموقع البدية الذي ما يزال ينتظر تأهيله واستثماره سياحيا، مطالبا بالاهتمام بالموقع وحمايته وتأهيله وتوفير حراسة، لقيمته التاريخية والأثرية.
وأشار إلى أنه تم في فترة سابقة إجراء عمليات بحث وتنقيب، إلا أنها غير كافية، ما يستدعي من دائرة الآثار العامة الالتفات إليه، وإعادة تأهيله بشكل لائق وبما يمكن السكان المجاورين بمحيطه من الاستفادة عبر إقامة المشاريع السياحية.
وبين أبو عبيلة أن خربة البدية تقع على بعد 15 كيلومترا جنوب غرب مدينة عجلون، وعلى بعد حوالي 3 كيلومترات إلى الجنوب الشرقي من بلدة كفرنجة، ويرتفع الموقع عن سطح البحر حوالي 900 متر، وتتركز آثار الموقع في قطعة الأرض رقم 703 حوض 7 البدية من أراضي كفرنجة المستملكة لخزينة المملكة الأردنية الهاشمية، والبالغة مساحتها 30 دونما و496 مترا مربعا، ويوجد في المنطقة عين ماء للشرب تقع بين وادي كفرنجة في الشمال ووادي راجب في الجنوب.
يشار إلى أن نتائج الحفريات الأثرية القديمة بموقع البدية الأثري التي قامت بها كلية الآثار والأنثروبولوجيا في جامعة اليرموك، وبالتعاون مع دائرة الآثار العامة، واشتملت على عمليات تنقيب أثري خلال ستة مواسم عمل خلال الفترة من العام 1998 إلى العام 2005، كشفت عن مخلفات أثرية من العصور الهلنستية والرومانية والبيزنطية والإسلامية، وضمت بقايا مساكن وكهوفا وآبار مياه ومدافن ومرافق أخرى.
كما كان من أبرز نتائج الحفريات الكشف عن بقايا ثلاث كنائس، اثنتان منها في الجهة الشمالية الشرقية من الموقع، بحيث بنيتا على النظام البازليكي وأرختا إلى العام 640 ميلادي، والكنيسة الثالثة في الجهة الشمالية الغربية تعرضت للتدمير من قبل لصوص الآثار، ولم يبق منها سوى أساسات الجدران، والكشف عن مجموعة من حجرات الدفن المقطوعة داخل الصخور في الموقع، ويعود تاريخها للعصرين الروماني والبيزنطي، وعثر بداخلها على عظام بشرية وكسر زجاجية وفخارية، وتم الكشف عن بقايا معمارية لمسجد من الفترة الإسلامية المبكرة له محراب في الجدار الجنوبي، ومخطط البناء مربع الشكل ويحتوي على أعمدة في الوسط وبقايا منبر على يمين المحراب، وأعيد استخدام هذا المسجد كمنشأة سكنية في العصر المملوكي وفقا لكميات الفخار والعملات المعدنية التي كشف عنها.
وكشفت أعمال التنقيب حينها عن جدران مبان هلنستية أعيد استخدامها لاحقا في العصرين الروماني والبيزنطي، والكشف عن معصرة عنب في كهف يقع تحت مستوى أرضية الكنيسة، ويحتوي على ثلاث حجرات، وكل حجرة بها أحواض لعصر العنب وتجميعه، والكشف عن مبان سكنية تعود للفترات الأيوبية/ المملوكية ذات حجرات مختلفة القياسات، وبعضها اشتمل على طابون للخبز.
ويؤكد المختص بالآثار الدكتور محمد أمين الخطاطبة ضرورة الاعتناء بجميع المواقع الأثرية في المحافظة، من حيث تزويدها بالطرق والحراسة وشمولها بأعمال الترميم، لافتا إلى أن منطقتي البدية وسرابيس الأثرية في عنجرة ما تزالان تعانيان من الإهمال وغياب الاستثمار السياحي.
ولفت إلى وجود العشرات من تلك المواقع غير معروفة حتى للسكان المحليين، مثل الكهوف والخرب الصغيرة والقبور التي تدل على استيطان بشري، مطالبا مجلس المحافظة بزيادة المخصصات في الموازنات القادمة، لتأهيل الكثير من المواقع الأثرية بالتزامن مع النهضة السياحية التي بدأت تشهدها المحافظة مع تشغيل التلفريك وتضاعف أعداد الزوار، وإنشاء مسارات سياحية جديدة فيها.
ربط الثقافة بالسياحة والبيئة
ويقول عميد كلية عجلون الجامعية الدكتور وائل الربضي، إن الحضارات التي تعاقبت على محافظة عجلون منذ فجر التاريخ ما تزال شاهد عيان على أهمية المحافظة عبر العصور، مؤكدا أن كلية عجلون لن تدخر أي جهد ممكن لإبراز هذه الأهمية التاريخية للمحافظة واستثمارها تنمويا.
وأكد مدير ثقافة عجلون سامر فريحات أهمية ربط الثقافة بالسياحة والبيئة، لافتا إلى أن محافظة عجلون تزخر بإرث حضاري مهم جدا، في حين دعا إلى تتضافر كل الجهود لإبرازه وتعريف الأجيال الجديدة فيه.
من جهتهم، يؤكد مسؤولو الآثار في المحافظة أن المديرية والدائرة العامة تولي جميع المواقع الأثرية والتاريخية التي تعود لحقب تاريخية مختلفة، اهتماما كبيرا ووفق إمكاناتها المتوفرة، بحيث تجري عمليات التنقيب والتأهيل وتوفير الحراسة للمواقع البارزة.
وأوضحوا أن الدائرة تأخذ على عاتقها المسؤولية الكبيرة لحماية المواقع الأثرية، وتنفيذ عمليات التنقيب والصيانة لها وإجراء الدراسات والأبحاث، مؤكدين وجود تعاون مع جهات داعمة لحماية التراث الحضاري وتسويق المواقع الأثرية ووضعها على الخريطة السياحية.
يذكر أن مديرية آثار المحافظة كشفت العام الماضي عن العثور على أرضيات فسيفسائية مميزة، حيث قام فريق أثري متخصص بتنفيذ أعمال توثيق وتصوير الأرضيات قبل البدء بأعمال تنظيف محيط الكنائس المكتشفة في الموقع، وإعادة تغطية الأرضيات بعد انتهاء أعمال التنظيف بهدف حمايتها من تأثيرات العوامل الجوية وتقلبات المناخ.
من جهته، أكد مدير سياحة عجلون فراس الخطاطبة أنه يوجد في محافظة عجلون أكثر من 250 موقعا سياحيا وأثريا، ونحو 40 منشأة سياحية خاصة مرخصة وأكثر من هذا العدد قيد الإنشاء والترخيص، لافتا إلى اهتمام جلالة الملك بمحافظة عجلون وواقعها السياحي، والذي أعطاها دفعة كبيرة للأمام، وحتى أصبحت من المحافظات المميزة على مستوى الأردن والمنطقة.
كما أكد أن المسارات السياحية في المحافظة، والبالغ عددها 13 مسارا، تنتشر في أغلب مناطق المحافظة، باتت تشكل عامل جذب سياحي لآلاف الزوار لممارسة أنواع عديدة من السياحة، وفرصة لأبناء المجتمعات المارة بها لتسويق منتجاتهم المحلية، وخلق مئات فرص العمل التي انتشلت أسرا من البطالة والفقر، لافتا إلى وجود 6 مسارات سياحية رئيسة في المحافظة، ويتفرع منها 7 مسارات أخرى.
وأوضح أن هناك عددا من المواقع الأثرية والتاريخية في المحافظة تحتاج إلى عمليات تنقيب وترميم، موضحا أنه لا يمكن إدراج تلك المواقع ضمن المسارات السياحية وتأهيلها واستثمارها سياحيا إلا بعد أن تتم عمليات الترميم والتنقيب.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق