loading ad...
أصبح "الذهول الذهني" محط اهتمام الباحثين في علوم الأعصاب والوعي، حيث أثبتت الدراسات أنه ظاهرة حقيقية في الدماغ، وليس مجرد شعور عابر.اضافة اعلان
ويعمل الذهول الذهني فجأة على فقدان القدرة على التفكير أو استحضار أي أفكار، وكأن العقل قد توقف عن العمل للحظات.
وخلال لحظات الذهول الذهني وفقًا لموقع "ميديكال إكسبريس"، لا يعاني الشخص فقط صعوبةً في التركيز، بل يصل الأمر إلى انقطاع تام في تدفق الأفكار، مصحوبًا بشعور واضح بالنعاس والتراخي.
وما يجعل هذه الظاهرة مثيرة للاهتمام هو تنوع تجلياتها بين الأفراد، حيث يعاني الناس من الذهول الذهني لفترات تتراوح بين 5% إلى 20% من وقتهم في المتوسط.
كما تختلف التجربة الذاتية لهذه الحالة من شخص لآخر، حيث يصفها البعض كلحظات فراغ ذهني كامل، بينما يختبرها آخرون على أنها مجرد صعوبة مؤقتة في استحضار الأفكار.
وقام فريق بحثي من بلجيكا وفرنسا وأستراليا بمراجعة شاملة للدراسات السابقة حول هذه الظاهرة، وخلصوا إلى أن "الذهول الذهني" يجب أن يصنف كحالة وعي مستقلة، تشبه حالات أخرى، مثل: شرود الذهن.
وتكشف دراسات تصوير الدماغ أن هذه الظاهرة ترتبط بتغيرات واضحة في النشاط العصبي. فقبل لحظات من حدوث الذهول الذهني، تظهر أنماط مميزة من النشاط في مناطق الدماغ الأمامية والزمنية.
وعند حدوث هذا الذهول ينخفض معدل ضربات القلب ويتقلص بؤبؤ العين، كما تظهر موجات دماغية تشبه تلك المسجلة أثناء النوم؛ ما دفع بعض العلماء لوصف هذه الحالة بـ"النوم الموضعي" الذي يصيب أجزاء من الدماغ بينما يبقى الشخص في حالة يقظة ظاهرية.
لكن المفارقة تكمن في أن الذهول الذهني قد ينتج أيضًا عن فرط النشاط في بعض مناطق الدماغ الخلفية، حيث يؤدي الإفراط في التفكير إلى شلل مؤقت في الوظائف الإدراكية.
وهذه المفارقة تدفعنا للتساؤل: هل الذهول الذهني هو نتيجة لخمول الدماغ أو لنشاطه الزائد؟.
ويوضح الباحثون أن للذهول الذهني آثار سريرية مهمة، حيث يرتبط بعدد من الاضطرابات النفسية والعصبية.
فالأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) يعانون منه بشكل متكرر أكثر من غيرهم. كما أنه مدرج في الدليل التشخيصي للإضرابات النفسية كأحد أعراض اضطراب القلق العام، ويرتبط أيضًا بحالات، مثل: السكتات الدماغية وإصابات الرأس.
وفي محاولة لفهم هذه الظاهرة المعقدة، يقترح الباحثون إطارًا تفسيريًّا جديدًا يعتبر الذهول الذهني نتاجًا لتقلبات في مستويات اليقظة الفسيولوجية. فحسب هذه النظرية، عندما ينحرف مستوى التنبيه في الدماغ عن المعدل الطبيعي - سواء بالارتفاع أو الانخفاض - يصبح العقل أكثر عرضة لهذه النوبات من الصمت الذهني.
ويشير الباحثون إلى أنه لا يعرف حتى الآن المدة النموذجية لنوبات الذهول الذهني، أو ما إذا كانت هناك أنواع مختلفة منه.
وتكمن أهمية هذه الدراسة في أنها تتحدى الفكرة التقليدية عن الوعي البشري كتيار مستمر من الأفكار، وقد تكون مفتاحًا جديدًا لفهم أعمق للطبيعة البشرية وآليات عمل العقل.
0 تعليق