كل شيء معروض على الملأ

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

‏كيتلين جونستون* - (نشرة كيتلين الإخبارية) 27/4/2025
أصبح التلاعب النفسي الجمعي واسع الانتشار، حتى أن أقلية صغيرة فقط هي التي تتفاعل مع أول إبادة جماعية يتم بثها على الهواء مباشرة في التاريخ بمستوى مناسب من الشعور بالرعب.‏اضافة اعلان
*   *   *
يرتكب دونالد ترامب إبادة جماعية لصالح إسرائيل بعد أن اعترف علنًا بأنه اشتُري وأصبح مُلكًا لآل أديلسون. وأسوأ الجرائم ترتكب هناك أمامنا، في العلن وعلى الملأ. ولستَ في حاجة إلى ابتداع نظريات مؤامرة معقدة لرؤيتها -كل شيء معروض أمامنا، مكشوفًا تمامًا وبلا مواربة.
إنه ليس مخفيًا، وإنما مغلف ومموه بدعاية الإعلام الجماهيري التي تصوّر هذا الهولوكوست وكأنه "حرب دفاعية" ردًا على "هجوم إرهابي"، بينما يتم صرف انتباهنا باستمرار إلى قضايا أخرى أقل أهمية بما لا يقاس.
وهو ما يقول الكثير عن قدرة آلة الدعاية الإمبريالية على التلاعب، حتى أن ترامب يمكنه أن يعترف علنًا بأنه كان خاضعًا بشكل كامل لسيطرة أموال أديلسون خلال حملته الانتخابية، ثم يُنتخب رئيسًا، ويقوم بعد ذلك بتسهيل حملة إبادة صريحة في غزة، بينما يدوس بقوة على حرية التعبير المناهضة لإسرائيل في أنحاء الولايات المتحدة -ومع ذلك، بطريقة ما لا يكون هذا هو الموضوع الرئيسي الذي يتحدث عنه الجميع كل الوقت. يحدث هذا فقط لأن عقولنا يتلاعب بها الأقوياء بشدة وعلى نطاق واسع، بحيث أصبح هذا هو واقع الحال.‏
‏يتلقى تحريف السردية المساعدة بشكل كبير من حقيقة أن ترامب لا يفعل أشياء تختلف كثيرًا عن الرئيس السابق هنا. ثمة جمهور تم تلقينه منذ الطفولة بحيث يرى كل شيء في الثنائيات المتعارضة للديمقراطيين مقابل الجمهوريين مشروطًا بالتركيز على الاختلافات بين الحزبين أكثر من التشابهات بينهما. ‏
لكنّ بوسعك معرفة الكثير عن القوة الحقيقية وما يحدث بالفعل في العالم من خلال إيلاء اهتمام أقل لكيفية اختلاف رؤساء الولايات المتحدة عن بعضهم بعضا، والمزيد من الاهتمام بالطرق التي يكونون بها الشيء نفسه.‏
‏إن التلاعب النفسي واسع النطاق ومنتشر في كل مكان، لدرجة أن أقلية صغيرة من الناس فقط هي التي تتفاعل مع أول إبادة جماعية يتم بثها على الهواء مباشرة في التاريخ بمستوى مناسب من الرعب.‏
لو استطاع الأميركيون رؤية ما تفعله حكومتهم باسمهم بعيون جديدة وقلوب غير متصلبة، لتم حرق عاصمة الأمة وتحويلها إلى أنقاض في غضون أيام. ‏‏ولكن، لأن رؤيتهم مشوشة بسبب التلقين الدعائي، فإنهم لا يستطيعون رؤيته، ولذلك يتجاهلون ما هو ماثل أمامهم مباشرة بينما ينتظرون فضيحة كبيرة على غرار فضيحة إبستين، أو الكشف عن أجسام طائرة مجهولة أو بعض الاكتشافات الكبيرة الأخرى التي لا تأتي أبدًا.‏
فكر في احتمال أن "الكشف الكبير" قد حدث بالفعل؛ في أنه موجود هنا مباشرة يحدق في وجهك كل الوقت، لكنك لم تلاحظ أهميته لأنه تم تطبيعه لك باستمرار طوال حياتك منذ أن كنت صغيرًا؛ ‏في أن الحقيقة وراء كل نظريات المؤامرة الأكثر وضوحًا يمكن نشرها على الإنترنت غدًا، ومع ذلك لن تخبرك بالكثير عما يفعله حكامك ومدى الشر الذي ينطوون عليه في ما يحدث بالفعل على مرأى من الجميع.‏
هذه هي الديستوبيا التي تم تحذيرنا منها. إنها ليست تهديدًا مشؤومًا يلوح في الأفق. إنها هنا. ويتم التلاعب بنا نفسيًا بشكل جمعي للموافقة على أبشع الفظائع التي يمكن تخيلها، حيث يجري تمزيق جثث الأطفال إربًا أمامنا مباشرة. ‏
‏وعندما تقوم بتشغيل تلفازك، ترى أشخاصًا مشهورين يضحكون ويلقون النكات بابتسامات بلاستيكية مزيفة، ويثرثرون بهراء مبتذل. هذه هي الديستوبيا. إنها ليست قادمة في الطريق. إنها هنا.‏
لسنا في حاجة إلى "كشف كبير". إذا حدث "الكشف الكبير" في الأسبوع المقبل، فسيكون قد تم تلقين الجمهور للتغاضي عنه والتقليل من شأنه بواسطة آلة التحريف الإمبراطورية بحلول عطلة نهاية الأسبوع. لسنا في حاجة إلى معلومات جديدة، نحن في حاجة إلى أن يرى الناس حقًا المعلومات الموجودة هنا مسبقًا.‏
‏نحن في حاجة إلى أن نراها بعيون متحررة من إعتام العين الذي صنعته الدعاية، بقلوب خالية من التبلد العاطفي. إن إيقاظ وعي الجمهور لا يتعلق بالمبلغين عن المخالفات وطلبات قانون حرية المعلومات والصحافة الاستقصائية في هذه المرحلة بقدر ما يتعلق بإيجاد طرق إبداعية وفنية لجعل الناس يلتفتون إلى المعلومات العامة المتاحة مسبقًا في العلن.‏
والخبر السار هو أنه يمكننا جميعا المساعدة في فعل ذلك. يمكننا جميعًا مساعدة زملائنا من الجمهور على رؤية ما يحدث بالفعل بعيون جديدة. باستخدام إبداعنا، وروح الدعابة لدينا ورؤيتنا وتعاطفنا، يمكننا إيجاد طرق جديدة كل يوم لفتح زوج جديد من الجفون على حقيقة ظروفنا الراهنة.‏
‏إن حكامنا يفتقرون إلى الإبداع. إنهم يفتقرون إلى روح الدعابة أو البصيرة أو التعاطف. هذه ليست أدوات يحتفظون بها في صندوق أدواتهم، وليست لديهم الأسلحة لمواجهتها.

*كيتلين جونستون Caitlin Johnstone: كاتبة وصحفية أسترالية مستقلة، معروفة بمقالاتها النقدية التي تتناول الإعلام الغربي، والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، والدعاية الإمبريالية. تركز كتاباتها على كشف التلاعب الإعلامي الجماهيري، وفضح السياسات الاستعمارية الجديدة، وتنتقد النخب الحاكمة الغربية، سواء من الأحزاب الليبرالية أو المحافظة. وهي صوت بارز في نقد التغطية الإعلامية السائدة، خاصة في قضايا مثل الحرب في الشرق الأوسط، والصراع في أوكرانيا، وقمع الحريات الإعلامية.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Caitlin Johnstone: It’s All Out in the Open

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق