الإعلان عن وظائف جديدة بين الحين والآخر مُفرح للغاية، ويُؤشّر إلى أن هناك جهودًا حقيقية تُبذل من أجل حلحلة ملف الباحثين عن عمل الشائك، الذي يجب أن يُعتنى به جيدًا نظرًا لتأثيره المباشر على الاستقرار الاجتماعي والحراك الاقتصادي.
دليل ذلك الاهتمام قيام حكومة سلطنة عُمان مؤخرًا بطرح 631 وظيفة "ثابتة" يمكن للمواطن من خلالها رسم خططه المستقبلية دون قلق حول إمكانية الاستغناء عنه أو تسريحه من عمله، ما يعني في الجانب الآخر الإفادة من تجربة المبادرات المؤقتة السابقة كمبادرة "ساهم"، التي ما زال الخروج من أتونها يواجه إشكالات عديدة.
وبرأيي، أنه ووسط البحث المتواصل والدؤوب عن مخارج لحل مشكلة الباحثين عن عمل، أصبح خيار إحلال المواطن العُماني محل الوافد في مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص مطلبًا مُلحًّا، وإن استدعى ذلك تدخُّلًا مباشرًا من صاحب القرار، بالنظر إلى تراكم مخرجات مؤسسات التعليم العالي، والمؤسسات المهنية، ومخرجات دول الابتعاث في كافة التخصصات، خاصة التربية والهندسة والتمريض.
إن عملية الإحلال باتت عملية ضرورية في ظل انتفاء الحاجة إلى الوافد، الذي ما زال يتواجد في مؤسساتنا الحكومية والقطاع الخاص، وهي مُلحّة يفرضها الواقع ووجود المواطن المؤهّل، الذي يحمل شهادة علمية، وعلى أقل تقدير لن تهاجر أمواله إلى خارج الوطن نهاية كل شهر.
لقد أثبت المواطن العُماني نجاحًا منقطع النظير، وقدرة فائقة على إنجاز كافة الأعمال التخصصية، وكذلك الإدارة وتوظيف طاقته ومهاراته التوظيف السليم، فهو اليوم يتسنّم أرفع المناصب في الشركات الحكومية والخاصة، وفي الجامعات والكليات والمعاهد، وفي المستشفيات والمؤسسات المصرفية وشركات النفط، لأنه مُنح الثقة التي يستحق.
إن استراتيجية تضمن الاستقرار الوظيفي للمواطن في أيٍّ من القطاعين، سيكون لها مردود إيجابي على الوطن في المستقبل القريب، كون الوظائف المستدامة قادرة على توفير الوقود اللازم لدوران عجلة الاقتصاد المحلي وتنمية المجتمع.
من جهةٍ أخرى، سيكون الجانب الاجتماعي المستفيد الأكبر من استيعاب الشباب في وظائف مستقرة، لأنها ستدفع بهم نحو إقامة مشاريع حياتية هامة، على رأسها الزواج، وبالتالي تأسيس حيوات جديدة بعد سنواتٍ عجاف، قلّت فيها مناسبات الزواج الفردي، وغابت عنها حفلات الزواج الجماعي، التي كانت تتنافس الولايات على إقامتها ضمن طقوس اجتماعية بهيجة تحمل الكثير من معاني المحبة والتكافل والتوفير والتعاون والترابط بين أفراد المجتمع.
النقطة الأخيرة..
مُحزن أن ترى شابًا وهو يقترب من عتبة الثلاثين أو الأربعين، غير قادر على تأسيس حياته الخاصة التي يرغب، بسبب افتقاره للوظيفة الدائمة وأمان المهنة الذي ينشد.
0 تعليق