وستظل الصحافة البحرينية شامخة

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
نجوى عبداللطيف جناحي

مازلت أذكر درساً تعلمته من معلمي الأول في الصحافة، الصحفي القدير لطفي نصر رحمه الله، ذلك الأستاذ الذي تعلمت منه ألف باء العمل الصحفي، وأقرأني حكمة ولادة الكلمة، كم كان يكثر الحديث عن أو جاع الصحافة، ويشاركنا همومها وظل كذلك حتى آخر كلمات خطها قلمه، كان يقول: ستظل الصحافة شامخة، لا يهزمها أي منافس، فكم واجهت الصحافة منافسين لها كادوا أن يسحبوا البساط من تحت قدميها، فعندما ظهرت الإذاعة، سرقت أسماع الناس واهتمامهم، فالإذاعة تسبق الصحيفة في نقل الخبر، والإذاعة تتفوق على الصحيفة في جذب استقطاب مسامع وعقول الجمهور بلقاءاتها الإذاعية، وببرامجهم المتنوعة، وبالمسلسلات الإذاعية التي كان الناس يتابعونها بشغف، وبسهرات غنائية يستمتعون بها، حتى كادت أن تسحب البساط من تحت أرجل الصحافة الورقية، حينها صرخ المثقفون قائلين: الصحافة تحتضر، وقال البعض لن تقوم للصحافة قائمة بعد منازلة المذياع. إلا أن الصحافة تحدت وصمدت أمام هذا المنافس، وظلت شامخة، ثم ظهر منافس لها آخر أشد شراسة فقد سلب قلوب وعقول الجمهور، إنه التلفاز وما أدراك ما جاذبية برامج التلفزيون المرئية والمسموعة، فهو يأخذ المشاهد لعوالم تبعد عنه أميالاً، وأزمنة طويلة، حينها صرخ المثقفون ثانية قائلين الصحافة تحتضر، فالتلفاز قد أعطاها الضربة القاضية، إلا أن الصحافة تعافت ووجدت طريقها إلى اهتمام الجمهور لتظفر به بجدارة.

واليوم تواجه الصحافة منافساً قوياً من نوع آخر إنه الإعلام الاجتماعي، والإعلام الرقمي، فالإعلام الاجتماعي حوّل كل فرد منتجاً للمحتوى الإعلامي وقارئاً، وفي نفس الوقت متفاعلاً مع المادة الإعلامية، أما الإعلام الرقمي فقد انتقل بالصحافة من عالم الورق إلى عالم الشاشات، ومن عالم الكلمة المرئية إلى عالم الكلمة المرئية والمسموعة، وحوّل الجمهور الذي كان متلقياً للمادة الصحفية، إلى متلقٍّ ومرسل ومتفاعل في آن واحد، وهنا بدأ البعض يصرخ مرة أخرى: الصحافة تحتضر، إلا أننا نجد أن الصحافة بالرغم من أنه تراجع استخدامها للورق وركزت على عرض محتواها الإعلامي على شاشات الهواتف النقالة، والحواسيب، إلا أن الصحافة ظلت صامدة شامخة، فمحتواها الإعلامي تطور، ووسائلها تطورت، فلم تتمسّك بأوراق الصحف وبات همها الأكبر هو الحفاظ على المحتوى الإعلامي وليس الشكل وطريقة العرض، وظلت الصحافة شامخة. فهي فارس لن يترجل، ولا يكسر له سيف، ولا يشق له غبار.

فاليوم لن تجد جهاز التلغراف، والتلكس، والطابعة، والمطبعة، وأجهزة الحاسوب في مبنى الصحيفة بل ستجد أستوديوهات، وبرامج الذكاء الاصطناعي، تحل محل تلك الأجهزة القديمة، نعم الصحافة البحرينية بأمان، وستظل شامخة ما دامت لديها القدرة على التكيّف مع المستجدات، وستظل الصحافة البحرينية شامخة فالبيئة في وطننا العزيز محفزة للصحافة، وخير داعم لها جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، الذي قال في رسالته السامية بمناسبة يوم الصحافة العالمي، ويوم الصحافة البحرينية «كما نؤكد اعتزازنا بمكانة الصحافة البحرينية العريقة، وعطاءات روادها وأجيالها المتعاقبة، التي تمثِّل منار للفكر والتنوير وعنصراً مهماً في الحفاظ على الهوية البحرينية الأصيلة وترسيخها» وخير مؤشر على الاهتمام الملكي بالصحافة وتعزيزيها ودعمها بشتى الوسائل، تخصيص جائزة رئيس مجلس الوزراء للصحافة، وهذا يدل على أن الصحافة تحظى بعناية خاصة ورعاية متميزة من لدن جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، كما أن يوم للصحافة البحرينية والاحتفال بها منذ انطلاقتها، شكّل حافزاً لجميع الكتّاب والصحافيين والإعلاميين بجميع تخصّصاتهم على بذل المزيد من الجهد لمواجهة المستجدات والتكيّف معها رغم سرعة المتغيرات لتظل الصحافة شامخة بهذا الدعم الملكي.. ودمتم سالمين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق