ديسمبر 23, 2024 4:54 م
كاتب المقال : علي سعادة
تشكلت لدينا مخاوف من أن تتعامل الدولة الأردنية مع القيادة الجديدة في سوريا بحذر وبطء شديدين بحيث تضيع فرصة تاريخية لبناء علاقة صحية مع الجارة العربية سوريا، وكان مرد هذه الشكوك إلى أن بعض الكتاب والسياسيين كانوا يدعون صراحة إلى عدم الانفتاح السريع على سوريا الجديدة والتريث بسبب عدم استقرار الأوضاع هناك وعدم وضوح الرؤية في دمشق.
لكن زيارة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، اليوم الاثنين، إلى دمشق وإجراء مباحثات مع القائد العام للإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، بددت تلك المخاوف وأكدت حنكة وذكاء في استغلال الفرصة وهي في بداية النضوج وضرورة ضرب ودق الحديد وهو حامٍ.
والصفدي هو أول مسؤول عربي بهذا المستوى السياسي الذي يزور سوريا الجديدة.
وأثمرت الزيارة عن فتح أكثر الملفات المؤرقة بالنسبة للأردن، وفي مقدمتها الاتفاق على التعاون لمكافحة تهريب المخدرات والأسلحة من سوريا إلى الأردن، وهو أمر خطير جدا ومقلق يحتاج إلى مكافحة فعلية وسريعة، فعمليات تهريب المخدرات والسلاح ما زال قائما لأن أدوات التهريب والتخريب ما تزال موجودة، ولم يتم التخلص منها بعد ويحتاج ذلك إلى جهود أردنية سورية مكثفة.
وكان الملف الثاني هو ملف “الإرهاب” الذي تشكله “داعش” والجماعات الإرهابية المتطرفة التي نشطت على الحدود الأردنية السورية.
أما الملف الثالث فقد كان حول الدور الأردني في إعادة بناء الدولة السورية على أسس جديدة، وطن حر آمن مستقل لا إرهاب فيه ولا خطر فيه على حياة واستقرار مواطنيه، ولا إخفاء قسري ولا معتقلات وسجون سرية ومسالخ بشرية، وبناء نظام سياسي يشارك فيه صياغته كل السوريين ويحمي حقوق كل السوريين.
وأيضا الدول الأردني في إعادة بناء ما دمرته الحرب على مدى 13 عاما.
لقد كانت علاقة الأردن بالدولة السورية متوترة بشكل عام منذ أن وصل حزب البعث إلى السلطة في سوريا في عام 1963، ولم تمر بفترات إيجابية إلا بعض الأشهر القليلة، وكانت الجارة على حدودنا الشمالية مصدر قلق ومخاوف وبوابة لقلاقل شهدتها الساحة الأردنية في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات القرن الماضي.
وأعتقد أن زيارة الصفدي هي ضربة معلم، لأنها ستعيد رسم العلاقة الأردنية السورية على نحو مختلف قائم على التعاون والثقة، بما يخدم أمن واستقرار واقتصاد البلدين الشقيقين خصوصا أن ما يجمعهما أكثر وأكبر بكثير مما قد يفرقهما كما هو الحال في السابق حيث كان النظام السوري عدائياً وعنيداً ومتغطرساً في علاقاته مع جميع جيرانه العرب، في الأردن ولبنان وسوريا والعراق، وحتى تركيا.
0 تعليق