تربية الطفل داخلنا

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أ.د. جهان العمران


يوجد داخل كل راشد منا طفل صغير يتوق إلى اللعب والمرح، ولكنا نقمعه بحجة أننا قد أصبحنا راشدين بالغين، أو أن وقت المرح واللعب قد ولى لأنه لا يناسب أعمارنا، ويجعلنا نخرج عن وقارنا، لنكون مثار سخرية للآخرين، فنشيخ قبل أواننا، ويهجر الفرح مهجتنا، ويختفي البريق من عيوننا، وسرعان ما نقع فريسة الوهن العاطفي، والمرض الجسمي، والاكتئاب.

لقد أثبتت الدراسات العلمية والبحوث النفسية أن تربية الطفل داخلنا عن طريق إذكاء روح الحماسة في نفوسنا، وإعطاء وقت للمرح والضحك كالأطفال، يُعدّ أحد أهم مؤشرات الصحة النفسية للفرد، ومصدراً هائلاً للإبداع والفرح، كما أنه يعتبر أحد أهم طرق العلاج النفسي للتخلص من الاضطرابات النفسية، وحالات الاكتئاب.

ومفهوم الطفل الداخلي هو مفهوم نفسي عميق يعود إلى اللاوعي في كياننا العاطفي الذي يحتفظ بذكريات وتجارب ومشاعر طفولتنا، ويجسّد البراءة والفرح والصدمات التي عشناها في سنواتنا الأولى، مما يؤثر على كيفية تسيير أمور حياتنا. وقد يحمل أيضاً جروحاً تحتاج إلى الشفاء. وشفاء الطفل الداخلي يتطلب الاعتراف بالحزن، ومعالجة الألم الذي حملناه من ماضينا، كما يتعلق بإعادة الاتصال بجزء من أنفسنا ربما تمّ إهماله أو قمعه بسبب تجارب الحياة المختلفة. إنه أسلوب لإطلاق العفوية والدهشة والحماس للحياة، وطريق لتحرير أنفسنا من قيود المشاعر غير المعالجة، واحتضان شعور أكثر اكتمالاً وتكاملاً بالذات.

وعملية تربية الطفل الداخلي يمكن أن تكون عملية ممتعة ومفيدة عن طريق اللعب مع الأطفال، والمرح والابتسام والضحك ملء قلوبنا، وتقبّل العواطف إيجابية كانت أم سلبية دون كبتها، والاستمتاع باللحظة الحالية، وتقدير اللحظات الصغيرة في حياتنا والشعور بالامتنان لها، وإطلاق طاقات الإبداع داخلنا لنعيد اكتشاف الحياة من جديد. ولا يحدث هذا إلا عندما نعانق طفولتنا. وأخيراً يجب أن ندرك بوعي قول أحد الحكماء: "إن العمر مجرد رقم، وهو لا يحدد حقيقتك أبداً! ربما تكون طفلاً في سن الستين، أو شيخاً في سن العشرين".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق