يناير 15, 2025 9:38 م
كاتب المقال : حازم عياد
لم يكتفي الكيان الاسرائيلي باحتلال 600 كم مربع من الاراضي السورية متجاوزا اتفاق فصل القوات للعام 1974، ولم يكتفي بالعدوان على المزارعين وحرمانهم من الوصول الى حقولهم في القنيطرة، ولم يكتفي بالسيطرة على سد المنطرة قرب مطبقا سيطرته على حوض اليرموك وموارده المائية، بل ذهب اليوم الى ما هو ابعد من ذلك باستهداف رتل عسكري تابع لادارة العمليات في دمشق، موقعا قتلى وجرحى بالقرب من مدينة القنيطرة مساء اليوم الاربعاء.
التطور والتصعيدا الاسرائيلي الجديد جاء بعد ساعات من وصول وفد الحكومة السورية التابع لادارة العمليات الى انقرة، حيث التقى وفد برئاسة وزير الخارجية السوري اسعد الشيباني الرئيس التركي اردوغان، لتنسيق المواقف حول التحديات الامنية الممثلة بقوات قسد الانفصالية وتوغل الاحتلال الاسرائيلي في الاراضي السورية.
العدوان الاسرائيلي على قوات الحكومة السورية الجديدة تزامن ايضا مع فشل المشاروات والمفاوضات بين قوات قسد الانفصالية بقيادة زعيمها مظلوم عبدي والحكومة السورية حيث رفض حل مليشيات (قسد) وطالب بمجها في الجيش السوري كفيلق ليواصل عمله شرق الفرات مع تعهدات بالانسحاب من حقول النفط السورية.
المفاوضات الفاشلة مع قوات قسد الانفصالية تضمنت رفضا لعزل العناصر التابعة لحزب العمال الكردستاني والعناصر الاجنبية في القوات الانفصالية استجابة للمطالب التركية، في مقابل دعوة الزعيم الانفصالي (مظلوم عبدي) نشر قوات البشمركة التابعه لكردستان العراق على الحدود السورية التركية لانشاء منطقة عازلة والفصل بين القوات ، و بديلا لانتشار الجيش السوري و المطالب التركية بعزل حزب العمال الكردستاني عن البيئة السورية.
اسرائيل بذلك تقدم اسنادا وقح بالنار والحديد لقوات قسد الانفصالية على طاولة المفاوضات الاقليمية، موجهة رسائل بالنيران الحية لادارة العمليات السورية في دمشق وللرئيس التركي اردوغان، خصوصا بعد ان ادلى بتصريحات طالب فيها الكيان الاسرائيلي الخروج من سوريا، ما يعني اننا امام الصدام لاول ليس بين الكيان الاسرائيلي وادارة العمليات السورية فقط، بل وبين الكيان الاسرائيلي وتركيا، وهو تطور خطير له ما بعده، كونه يؤسس لمرحلة جديدة من الصراع في المنطقة وحرب استنزاف طويلة للاحتلال.
الخطوة الاسرائيلية فيها قدر كبير من الغطرسة الممزوج بالغباء وانعدام الرؤية بتاثير من حالة الفوضى التي يعاني منها الاحتلال داخليا واقليما ودوليا بعيد عملية طوفان الاقصى في السابع من اكتوبر 2023، وهو تهور اسرائيلي يتوقع ان يثير غضب الرئيس الامريكي ترمب على نتنياهو وزمرته كونه يستعد لتولي منصبه يوم الاثنين المقبل مرفقا باجواء من التفاؤل بخفض التصعيد والهدوء في الاقليم.
الكيان ارتكب خطا قاتلا سيندم عليه ناجم عن عمى استراتيجي، استدرجه اليه نتنياهو قبل ان يستدرجه اليه الرتل المتقدم من دمشق الى القنيطرة بالتزامن مع زيارة قائدة العسكري ووزير دفاعه مرهف ابو قصرة الى انقرة، فبعد توغل جيش الاحتلال داخل الاراضي السورية باتت المواجهة مسالة وقت لا كثر ، فالخطوة التي وصفها نتنياهو ورئيس اركان جيشه هاليفي و وزير دفاعه كاتس بالاستباقية والردعية توشك ان تتحول الى كارثة عسكرية وسياسية يجد فيها الاحتلال نفسه في مواجهة مباشرة مع ادارة العمليات السورية وتركيا في الان ذاته.
ختاما .. الحدث كبير وله ما بعده من حيث التوقيت والدلالات الامنية والسياسية ولاطراف المنخرطة فيه ، فالظروف لم تنضج يوما كما هي اليوم لمثل هذا الاحتكاك العسكري المباشر مع دمشق وانقرة، والاهم انه جاء مناسبا للمقاومة الفلسطينية وحركة حماس في قطاع غزة التي خرجت من الحرب بصفقة فرضت فيها شروطها بعد ما يقارب 470 يوما من الحرب، في حين يستعد الاحتلال للغرق في حرب ومستنقع جديد في الاقليم.
0 تعليق