"الصحافة المنفردة" لصبارنة.. كيف ساهمت المتغيرات التقنية في صناعة الإعلام؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان- يقول الصحفي والأكاديمي خالد صبارنة: "إن كتابه "الصحافة المنفردة: التحول من صحافة الفريق إلى صحافة الفرد (إعلام جديد يعني صحفيا جديدا وجمهورا جديدا)"، يتناول أحدث التحولات التي شهدتها الصحافة، وحالة الانقلاب المستمر الذي لا يتوقف عن إحداث ثورة غير منتهية". لافتا إلى أنه لا يمكن لأحد أن يتكهن بمحطة يستريح فيها التدفق التكنولوجي الكبير، الذي غير تفكيرنا عن الصحافة حتى اليوم، مما جعل الكثير من الإعلاميين يشعرون بالغربة في مهنتهم.اضافة اعلان
ويضيف المؤلف في مقدمة كتابه الصادر عن دار الشروق للنشر والتوزيع، أن الصحافة المنفردة هي الطريقة التي يعتمد فيها صحفي واحد على تصوير مقاطع الفيديو، وكتابة النصوص، وتحريرها للنشر على منصات الأخبار المختلفة. ويعد هذا الشكل من الصحافة جديدا، حيث يمارسه الصحفيون المحترفون أو المواطنون المتفردون في جمع الأخبار من مختلف المجالات، وينشر بشكل فردي.
ويشير صبارنة إلى أنه عند وقوع حدث مفاجئ، يصبح الهاتف المحمول الذكي هو الأداة الرئيسة، حيث يوثق الحدث بسرعة من خلال تصويره وتسجيل الصوت، ثم تحرير الخبر ونقله إلى الجمهور في أقرب وقت ممكن. يتم ذلك بواسطة مواطن تواجد في المكان المناسب في اللحظة المناسبة، وهو ما يطلق عليه "وقت الصدفة". وبذلك، يصبح هذا المواطن صحفيا منفردا، وإذا كان صحفيا محترفا، فيمكن تسميته "صحفيا منفردا".
ويرى المؤلف أنه في عصر التطورات التكنولوجية المذهلة، لم يعد الأفراد فقط هم من يصنعون القرار، بل أصبح للتكنولوجيا دورا كبيرا في هذا المجال. ويبين أن الصحافة الفلسطينية لم تكن لتصل إلى ما هي عليه اليوم من ممارسة مهنية عالية، وأعلى مواصفات رقمية، تعتمد على أحدث التقنيات التكنولوجية ووسائل الإعلام الجديدة، وخاصة الهاتف المحمول الذكي في صناعة المحتوى الإعلامي، لولا التطور التدريجي في هذا المجال.
كما يشير إلى أن العديد من المتغيرات التقنية دخلت صناعة الإعلام، مما ساعد على ظهور جيل جديد من الإعلاميين. وقد فرضت هذه المتغيرات تحولا في الصحافة، حيث ساهمت في بروز ظاهرة الصحافة المتنقلة المنفردة. وفي كثير من الحالات، تسببت التكنولوجيا وتطوراتها في تعطيل الصحافة التقليدية، بل وأدت إلى تراجعها أمام انتشار الصحافة الرقمية. كما أسهمت هذه التغيرات في خلق فرصة للإعلاميين للانتقال من الإعلام التقليدي إلى الإعلام الجديد.
وخلص المؤلف، إلى أن استخدام الصحفيين للتكنولوجيا وأدواتها الجديدة كان له دور بارز في ظهور وسائل الإعلام الجديدة، وفي مقدمتها الهاتف الذكي. فقد أسهم هذا التحول في تحسين مستوى الاحترافية والمهنية في الصحافة المتنقلة المنفردة. ويوضح أن هذا التقدم في الصحافة يعكس التفاعل بين الخبرات العملية والمعرفة النظرية، إضافة إلى الملاحظات المستخلصة من تجارب الخبراء في الإعلام الرقمي، سواء محليا أو عالميا. ويتجلى ذلك في العديد من فنون الصحافة والإعلام، مثل تحرير الأخبار، إعداد التقارير، التصوير الفوتوغرافي، وتقديم التقارير الخبرية والوثائقية، وغيرها من أساليب الإعلام الحديثة.
وتحت عنوان "الصحافة نزيف مستمر وعقل لا يهدأ"، يقول صبارنة: "إن في هذا الكتاب محاولة لتفسير وتوصيف ما صارت عليه الصحافة في أكثر تجلياتها. حيث تحولت من صحافة الفريق إلى صحافة الفرد، وهي ظاهرة عالمية يمكن إسقاطها على الحالة الفلسطينية، حيث يستخلص منها ما أصبح عليه الصحفي الفلسطيني في معركة الإعلام، وهو يواجه العاصفة في عمل لا يهدأ ولا يتوقف".
فالكتابة في مجالات الصحافة تشبه النزيف المستمر، وهي محاولة للتقرب من جريح أو شهيد، والتوقف عند كل بيت هدم، لتشهد حالة من لملمة الذكريات، تحدق في عينيك. عيون من أصبحوا بلا منازل، بلا ألعاب، ولا يفوتك وجها قد حفر فيه الزمن أخاديد الانتظار لأسرى غيبهم القيد في علب إسمنتية اسمها "سجون"، أو أمهات يبكين بلا توقف، يحلمن بأن يدفن جسد ابنهن المغيب عنهن في ثلاجات الموتى بعد أن دفنت روحه في قلبهن، وحوله السجان إلى رقم بعد أن كان إنسانا.
كما لا يمكنك إلا أن تعايش المعاناة اليومية لأولئك الذين يركضون لإطفاء حرائق أشجارهم وبيوتهم، وهم يرحلون خلف قدرهم، من حاجز لآخر، ومن خلف جدار لجدار. في مهمة من أصعب المهمات، تنسج الصحافة الحكاية بكل حرف تمتد من كل حدث، لتصل إلى الجمهور من خلال قصة صحفية تقتات من دم ولحم الصحفي، لتصبح وجبة إخبارية في متناول الجميع. فالصحافة، هي مهنة البحث عن المتاعب وهي توأم للحرية. وهي نوع من أنواع المقاومة، وفي كثير من الأحيان، تكون الكلمة أقوى من الرصاصة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق