خلال الزيارة التاريخية لصاحب الجلالة ملكنا الغالي حفظه الله ورعاه إلى سلطنة عُمان الشقيقة، زار بوسلمان دار الأوبرا واطّلع على عدّة عروض مميّزة قدّمتها فرقة الأوبرا السلطانية الشهيرة بأدائها العالمي الإبداعي.
سبق ذلك جولة مميّزة اطّلع فيها جلالته على فن العمارة العمانية، والموروث الثقافي والتاريخي والفني لأشقائنا، وهو الجانب الذي يهتمّ به جلالته دوماً وارتقى به وعزّزه في مملكة البحرين حفاظاً على تاريخنا وموروثاتنا العريقة وتأصيلاً لهويتنا، ويتلاقى مع جلالته في هذا الاهتمام شقيقه جلالة السلطان هيثم المعظم، وهو الأمر الذي رأيناه بشكل مبهر وجميل.
بعد ذلك تشرّفنا كوفد إعلامي مرافق لجلالة الملك بالسلام على مقامه السامي، والاستماع لكلماته وتوجيهاته، وهنا سأتحدث عن درس قيادي رفيع المستوى في التقدير وإبداء الرضا، بما يعزّز الجهود ويشحذ الهمم ويجعل الناس يمضون قُدماً في عملهم لأجل وطنهم وقائدهم.
ملك الإنسانية، والقائد الحكيم، ووالد الجميع، يصافح أبنائه مبتسماً وهو يشكرهم على جهودهم، وهو يقدّر عملهم، والمميّز قوله بالنص: "مشكورين على جهودكم الوطنية، ليس فقط اليوم، لكن طوال ما مضى".
ونحن بدورنا نقول لملكنا الغالي: "بل الشكر لك ملكنا على هذا التقدير، وعلى هذه الثقة، والأهم على الدرس الإداري البليغ، والذي يدرّس ولابد أن يعرفه ويتقنه كل إداري، وأعني به تذكّر العمل والعطاء والجهد فيما مضى".
شخصياً لم أرَ قائداً محنّكاً في الإدارة مثل جلالة الملك، وذلك في جانب الاهتمام بالتفاصيل، وما يرتبط بالنفس البشرية من ناحية تأثيرها وتداعياتها. هو إنسان ذكي دائماً يُبدع ويتفوق في تعامله مع جميع الناس، بل تتجلّى حصافته وحنكته في التعامل مع أبنائه وكيفية إشعال جذوة الحماس والوطنية فيهم بشكل دائم.
وهنا لأوضح أكثر، إذ العُرف السائد إدارياً والذي يُمكن اعتباره روتيناً نطبّقه بشكل تلقائي بأن الشكر والتقدير يكون على المواقف الآنية، أو على إنجاز شيء في مدى قريب. لكن التفرّد يكون دائماً من قِبل القياديين الذين يمتلكون الذاكرة العميقة والذين لا ينسون أبداً المواقف المشرّفة وأصحابها.
ملكنا الغالي حمد بن عيسى من هذا الطراز الرفيع، هو بحَدّ ذاته مملكة في الإدارة والتقدير والتعامل الحصيف مع جميع البشر. هذا ديدنه منذ صغره، وهو ما عُرف عليه، وفي الأماكن التي أسّسها وتولّى زمام المسؤولية والعمل المباشر فيها كقوة دفاع البحرين مثلاً، هذه المنظومة التي أسسها منذ عام 1968، عُرف عنه تعامله الإنساني الراقي مع الجميع، عُرف بتقديره للكل وتشجيعه لهم والأخذ بيدهم وتوجيههم وإخراج أفضل ما لديهم، بالتالي كان حبّهم الجارف له، وولاؤهم المطلق له.
صحافتنا كانت ومازالت محفوفة بتقدير ملكنا الغالي، أقلامنا وما خطته دفاعاً لهذا الوطن وإبرازاً لمنجزاته وما حققه ملكنا عبر مشروعه الإصلاحي. صحافتنا لها حظوة ومكانة لدى قائدنا، بالتالي لفتت انتباهي تلك الجملة التي لا تصدر إلا عن قائد خبير محنّك، يعرف تماماً بأن الشكر والتقدير الحقيقي لا يتجزّأ أو ينقسم، خاصة بالنسبة للرجال المخلصين، بل تلك السنوات وتلك العقود وهذا العمل المتواصل، هناك من يذكرها ويقدّرها ويعزّز من حماس أصحابها، وما أعظم هذا الشكر والتقدير حينما يصدر عن قائد بحجم الملك حمد حفظه الله ورعاه وسدّد خطاه.
كالعادة درس ملكي إداري رفيع، فشكراً لك يا ملك القلوب.
0 تعليق