هو تطبيق صغير بداخل هاتفك يختبئ في مساء كل يوم بجانب سريرك وأنت تستعد للنوم، عند نومك تعتبره صديقك المعين، لكنه وبعد ساعات يتحول في نظرك إلى عدو يتلذذ بتعذيبك، وذلك في ساعة الصباح الأولى، تصور! أنت من دفعت ثمن جهاز الهاتف، وأنت من وضعته قرب سريرك، وأنت من برمجته ليوقظك، وعندما يعمل كما خططت له، تستيقظ على صوته، وتود لو تكسره في تلك اللحظات!
علاقتنا مع المنبه، كأي علاقة فاشلة، تبدأ بوعود وإغراءات، وتنتهي بخيبة أمل وذلك صباح كل يوم، فعندما نعده على السادسة صباحا، نكون قد وضعنا جدولاً لذلك اليوم يبدأ مع ذلك المنبه الذي يتولى إيقاظنا لنقضي ذلك اليوم بنجاح، على أساس توقيت محدد يعتمد الجدول على الالتزام به، لكن ما أن تحل السادسة، ويرن ذلك المنبه نبدأ رحلة التأجيلات "غفوة خمس دقائق !" فنضغط على الزر، تعقبها خمسة إضافية، لنجد بعدها أنفسنا نتسابق مع الزمن لنلحق بذلك الجدول الذي تزعزع منذ الدقائق الأولى، فتبدأ الإزعاجات والتأخير.
في الحقيقة ذلك المنبه ليس مجرد تطبيق في هاتفك، أنه أشبه بفيلسوف، لا يجاملك ولا يخدعك، وكأنه ينطق برنينه بحقيقة لا نريد سماعها وهي (الحياة لا تنتظرنا، فإما أن ننهض الآن أو نتركها لتفوتنا)، ونحن وبكل فخر نتجاهله ونعود إلى النوم تحت شعار "غفوة لخمس دقائق" فنداء السرير أقوى إيقاعاً من نداء المنبه، وعلى هذا النموذج يمكننا قياس تأجيل القرارات في حياتنا، فعندما كنا طلبة نؤجل القراءة إلى ليلة الامتحان، ودائماً ما نؤجل: الدايت" إلى يوم السبت القادم، ونؤجل أعمالا معلقة إلى الإجازة القادمة، وغيرها الكثير حتى كانت النتيجة أننا أجلنا الحياة إلى وقت لاحق، ومع كل ذلك ما زال المنبه يرفع صوته عندما يرانا عدنا إلى النوع، ونحن نصر على تجاهله، والسبب أننا بشر!
في الواقع المنبه ليس عدونا، لكنه أول من يواجهنا بالحقيقة صباح كل يوم، وقد يكون الوحيد عند بعضنا، والحقيقة في أحيان كثيرة تكون مؤلمة، لكننا لا يمكننا العيش بدونها، ونحن اليوم بأمس الحاجة إليها، وهي لا بد من أحد يذكرنا أننا تأخرنا عن كل شيء، حتى عن النوم نفسه.
0 تعليق