انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخراً، فيديو قيام أحد الأشخاص في تركيا برسم لعبة أمام متجره لتلعب عليها ابنته، ولكن المفاجأة أن كاميرا المراقبة أظهرت أن الرسمة أعادت الكبار إلى طفولتهم، حيث تفاعل كثير من المارة، الشباب وحتى كبار السن مع اللعبة، وبدأوا بالقفز عليها، كما لو أنهم عادوا أطفالاً من جديد.
تأملت الفيديو أكثر من مرة، وتسللت ابتسامة طفولة على شفتي، وأعتقد أن كثيراً منكم انتابهم ذات الشعور، حيث إننا نعيش في عالم مليء بالضغوط والمسؤوليات، ونكتشف أحياناً لحظات تلهمنا العودة إلى تلك البساطة النقية التي ميزت أيام طفولتنا.
ربما هذا الفيديو، على بساطته، يحمل بين طياته رسالة عميقة، فهو يؤكد على أننا جميعاً نحمل في داخلنا "طفلاً صغيراً"، قد يختبئ تحت أكوام من الالتزامات والروتين وتغول الحياة المادية والركض المستمر وراء الأحلام، لكنه في ذات الوقت ينتظر أي فرصة للظهور، فالقفز وسط الشارع لم يكن مجرد لعبة، بل كان فرصة لعودة، ولو مؤقتة، إلى تلك براءة الجميلة التي كنا نعيشها قبل أن تثقلنا هموم الحياة.
ما يجعل هذا المشهد مؤثراً ليس فقط التفاعل العفوي مع اللعبة؛ بل تذكيرنا بأننا نفتقد شيئاً ثميناً، فنحن بحاجة إلى طفولتنا؛ لأنها تمثل مرحلة هامة في بناء شخصياتنا وأذواقنا، إلى جانب كونها المرحلة التي كنا نعيش لحظاتها دون قلق من المستقبل أو ندم وحسرة على الماضي، إنها الفترة التي كانت فيها السعادة تستمد من الأشياء الصغيرة؛ قفزة في الهواء، ابتسامة صديق، أو حتى رسمة على الأرض.
اليوم وفي في عالم تسوده فيه التكنولوجيا والتسارع، نحن بأمس الحاجة إلى البحث عن استعادة لحظات من طفولتنا، ربما قد يكون ذلك عبر ألعابنا القديمة، أو جلسة مع أطفال لنعيش معهم براءتهم، أو حتى مبادرات بسيطة مثل رسم لعبة أمام منزل أو مكتب، مثل هذه الأفكار قد تعيد إلى أنفسنا التوازن الذي نفتقده، وربما تساعدنا على مواجهة صعوبات الحياة بطاقة إيجابية.
إن الحاجة إلى العودة إلى الطفولة ليست هروبًا من الواقع، بل هي وسيلة لاستعادة تواصلنا مع أنفسنا الحقيقية، مع تلك النسخة منا التي لم تفقد إيمانها بالفرح البسيط والسعادة العفوية، لأجل هذا؛ أتمنى أن نأخذ من هذا الفيديو درساً هاماً؛ أحياناً، كل ما نحتاجه هو قفزة صغيرة لنشعر بأننا ما زلنا أحياء، وما زال الطفل الذي في داخلنا موجوداً ينتظر فرصته ليبتسم من جديد.
نحن بحاجة لطفولتنا لنواصل حياتنا دون عقد وصراعات ترهقنا، وتحولنا إلى مجرد أدوات نلهث وراء أشياء كثير، قد تكون في النهاية مجرد سراب.
0 تعليق