رفيت هيخت 22/1/2025
فترة ولاية رئيس الأركان هرتسي هليفي كانت حدثا مأساويا متواصلا. الخوف من دخول الحرب الأهلية إلى الجيش إلى درجة تفكيكه، في وقت ما أثناء الانقلاب النظامي، جرفته بسرعة الصدمة والألم والرعب في تشرين الأول (أكتوبر) العام 2023، وأيضا كل ما حدث بعد ذلك ورافق الحرب الطويلة والصعبة في تاريخ إسرائيل.اضافة اعلان
حتى المفهوم ضمنا يجب القول: الجيش تحت قيادة هليفي فشل بشكل أساسي جدا في ذاك اليوم الفظيع. هليفي نفسه فشل على كل الأصعدة المتعلقة بالحدث، سواء في تقدير الوضع قبل بضع ساعات على اقتحام (مقاومي) حماس لمستوطنات النقب الغربي، أو على الصعيد الاستراتيجي الواسع: أداء الاستخبارات، غياب التحليلات لنوايا حماس وحماية الحدود مع القطاع. النتائج تحدثت من تلقاء نفسها. فالفشل الفظيع الذي حتى الآن يصعب استيعاب حجمه، سيرافق هليفي إلى الأبد، مثلما كتب في رسالته. صحوة الجيش والنتيجة الناجحة في الحرب مع حزب الله ليست أمورا تافهة، لكنها تختفي في ظل المذبحة الفظيع.
في الفترة الأخيرة، بدأ العسكري الصغير، بتسلئيل سموتريتش، في الدفع قدما بحملة عزل "رئيس الأركان التقدمي"، من أجل تغيير انتباه جمهور اليمين عن بقائه في الحكومة. ولكن خلافا لهراءات سموتريتش، الذي يقول إن استقالة هليفي هي المقدمة لاستئناف القتال في قطاع غزة، وأن ترك رئيس الأركان وقائد المنطقة الجنوبية يارون فنكلمان، يمكن أن ينبئ بانتهاء الحرب في القطاع. أيضا قرار المستوى السياسي البدء في عملية عسكرية في الضفة الغربية يدعم التقدير بأن الحرب في قطاع غزة لن تستأنف. هذا القرار، الذي هو نوع من الهدية لتهدئة سموتريتش وبقائه في الحكومة، يمكن أن يكون المرساة الفعلية لتنفيذ وعد رئيس الأركان بتقديم استقالته في هذه الفترة. في رؤية كيف أنه مرة أخرى، مثلما في حالات إفشال الصفقة، الاعتبارات السياسية هي التي توجه قرارات المستوى السياسي.
من المثير للغضب مشاهدة استقالة هليفي، في الوقت الذي فيه ما تزال فيه الحكومة الدموية على حالها. لا يبدو أن أي أحد من أعضائها، على رأسهم نتنياهو، ينوي تحمل المسؤولية عما حدث. هناك أيضا تخوف مما سيأتي. فالمعركة على السيطرة في الجيش توجد فقط في البداية. هذه المعركة ستحدث بين جهات تلتزم بالديمقراطية والامتناع عن تنفيذ جرائم حرب، وبين الذين يطمحون إلى تبني معايير بربرية كسياسة، أو إقامة جيش مسيحاني أو انتقامي، أو كلاهما. هذا الصراع يتوقع أن يزداد قبيل جولة تعيين القيادات العليا.
رغم خيبة الأمل، والخوف من المستقبل، فإن استقالة قادة الجيش الكبار أمام تصميم رئيس الحكومة على التملص بكل الطرق من تشكيل لجنة تحقيق رسمية، يمكنه بالذات أن يسرع إغلاق حساب الجمهور مع نتنياهو وحكومته. منذ الوقت الذي قام فيه قادة الجيش الكبار – في البداية رئيس "أمان" اهارون حليفه، والآن هليفي وفنكلمان – بتحمل المسؤولية وتقديم استقالاتهم، فإن النقاش بين المعسكرات حول مسألة التهمة والمسؤولية عن المذبحة يفرغ من المضمون. قادة الجيش المستقيلين يمهدون الطريق للأهداف المقبلة: تشكيل لجنة تحقيق رسمية، التي يحاول أعضاء الائتلاف تأجيلها بالألاعيب المختلفة، وبعد ذلك، إقالة الذين كانوا في موقع نفوذ في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، بما في ذلك بنيامين نتنياهو الذي قام بتمويل وتقوية حماس. ليس عبثا أن ورقة عباد الشمس للوسط – اسحق هرتسوغ الذي يحتقره المعارضون للحكومة ويعتبر متعاونا مع نتنياهو – اختار في رده على الاستقالة ذكر ضرورة تشكيل لجنة تحقيق رسمية.
رغم أنه في الفترة الأخيرة أصبح من الصعب تصديق ذلك، إلا أن الشعور العام الضبابي الذي لا يسمع في أعمدة الصحف أو في الشبكات الاجتماعية، لا يخلو من المنطق والإنصاف. ومطالبته بالعدالة ستصل أيضا إلى الحكومة.
0 تعليق