تشارك مملكة البحرين اليوم المجتمع الدوليّ احتفاءه باليوم الدوليّ للتعليم، الّذي يوافق 24 يناير من كلّ عام، وهي المناسبة السابعة منذ أنّ أقرّته الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة في عام 2018 تقديراً لقيمة التعليم ودوره التنويريّ والحضاريّ. وتفخر مملكة البحرين بما حقّقته من إنجازات متواصلة في توفير فرص وإمكانات التعليم الجيّد والشامل للجميع؛ التزاماً منها باحترام حقوق الإنسان وترسيخ المجتمع المعرفيّ، ودعماً لأهداف التنمية المستدامة في ظلّ القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، حفظه اللّه ورعاه، وبدعم من صاحب السموّ الملكيّ الأمير سلمان بن حمد آل خليفة وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه اللّه. حيث أثمرت هذه الرعاية المباركة عن تحقيق نقلة نوعيّة في المسيرة التعليميّة، وإحراز منجزات بارزة تسهم في الارتقاء بالوطن والمواطن.
يأتي اليوم الدوليّ للتعليم لهذا العام 2025؛ مسلّطاً الضوء على التحدّيات المرتبطة بالذكاء الاصطناعيّ، وضرورة الاستثمار في تدريب المعلّمين والطلبة على الاستخدام الواعي والمسؤول لهذه التكنولوجيا في العمليّة التعليميّة. فمن المؤكّد أنّ الذكاء الاصطناعيّ يفتح آفاقاً جديدة وفرصاً واعدة في ميدان التعليم؛ شرط أن يجري تطبيقه ضمن إطار أخلاقيّ واضح يراعي حقوق جميع الأطراف المعنيّة.
لقد توقّع الكاتب الأمريكيّ المتخصّص في التكنولوجيا أليك روس في كتابه "The Industries of the Future" في عام 2016؛ أنّ 65% من الأطفال الملتحقين برياض الأطفال آنذاك سيعملون مستقبلاً في وظائف لم تُخترع بعد. اليوم الواقع التقنيّ السريع التطوّر يدعم صحّة هذا الافتراض بظهور وظائف جديدة واختفاء أخرى بمعدّل غير مسبوق في التاريخ. لذا فإنّ إعداد الأجيال القادمة لعصر الاقتصاد الرقميّ يتطلّب تزويدهم بمزيج متنوّع من المهارات والمعارف، بحيث يتقنون القراءة والكتابة عبر الوسائط الرقميّة والمطبوعة على حدّ سواء، فضلاً عن تعويد عقولهم على التفكير المرن القادر على مواكبة التحوّلات المتسارعة في سوق العمل.
وفي سبيل تحقيق هذه الغاية؛ يمكن إدماج أشكال متنوّعة من القراءة في مناهج تعليم الأطفال خلال المرحلة العمريّة من خمس إلى عشر سنوات، على أن تجمع بين الموادّ المطبوعة والرقميّة. فمن شأن هذه الاستراتيجيّة أن تجعل الأطفال يصلون إلى سنّ الرشد، وهم يمتلكون القدرة الذهنيّة الكافية للتنقّل بمرونة بين الوسائط المطبوعة والرقميّة، إلى جانب تحصيل المعرفة بكفاءة من كليهما. فالقراءة الورقيّة تعزّز الخيال والتفكير العميق، في حين تمهّد الوسائط الرقميّة الطريق أمام استكشاف مهارات الترميز والبرمجة وتعلّم المهارات الاستنتاجيّة والاستقرائيّة، وهي مهارات حيويّة في مجالات التكنولوجيا والرياضيّات. ولضمان نجاح هذه المقاربة، من المهمّ توجيه الاستثمارات نحو الأبحاث الّتي تبيّن أثر هذه الوسائط في دماغ الطفل خلال عمليّة التعلّم، فضلاً عن اختيار الموادّ المناسبة لبناء قاعدة متينة من المهارات المعرفيّة واللغويّة لدى الطفل، ممّا يعزّز قدراته على التفكير النقديّ والإبداعيّ، ويصبح قارئًا جيّدًا ومواطناً متعلّماً وفعّالاً؛ قادراً على المشاركة الإيجابيّة في المجتمع ومواكبة متطلّبات العصر الرقميّ.
وفي ختام حديثنا عن اليوم الدوليّ للتعليم؛ لا يسعنا إلّا أن نثني على الجهود الحثيثة التي تبذلها وزارة التربية والتعليم في تطوير المنظومة التعليمية واستحداث المبادرات الداعمة لها، كما نُشيد بالدور المفصليّ الّذي تؤدّيه الكوادر التعليميّة في تحقيق الرسالة النبيلة للتعليم وبناء المجتمعات الواعية والمستنيرة. فهم نبع المعرفة وأساس تكوين الأجيال، من خلالهم تزدهر المنظومة التعليميّة، وتتطوّر أدواتها لتواكب العصر واحتياجات المستقبل.
إنّ احتفالنا بهذا اليوم هو دعوة صريحة لمواصلة دعم المعلّمين وتأهيلهم وتزويدهم بالمهارات والتقنيّات اللازمة للتعامل مع تحدّيات العصر الرقميّ، بما يضمن استمرار دورهم المحوريّ في صوغ عقول قادرة على الابتكار والبناء ومواجهة تحدّيات المستقبل بثقة وصلابة.
0 تعليق