«قيصر» السوري يكشف عن هويته بعد أعوام من تسريب صور التعذيب

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كشف "قيصر" الذي التقط آلاف الصور لجثث شوّهها التعذيب في مراكز الاعتقال والسجون في سوريا، عن هويته ووجهه للمرة الأولى، وذلك في مقابلة تلفزيونية تأتي بعد شهرين من إسقاط نظام بشار الأسد.

وقال رجل ذو لحية خفيفة غزاها الشيب، حيث كان يرتدي بزة رسمية وقميصا أبيض: "أنا المساعد أول فريد المذهان، رئيس قلم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في دمشق، المعروف بقيصر، ابن سوريا الحرة، أنا من مدينة درعا مهد الثورة السورية" التي اندلعت عام 2011.

أضاف قوله: "كان عملي في مدينة دمشق... قيادة الشرطة العسكرية، وكنت أقطن مدينة التل في ريف دمشق".

وأوضح أنه عقب اندلاع النزاع، باتت مهمته "تصوير جثث ضحايا الاعتقال، لشيوخ ونساء وأطفال، تمّ اعتقالهم على الحواجز العسكرية والأمنية في مدينة دمشق، ومن ساحات التظاهر التي كانت تنادي بالحرية والكرامة".

تكريس لحالة "الفوقية البيضاء" حيث قيمة حياة الرجل "الأبيض أعلى بكثير من حياة المواطن" السوري، بهذه الكلمات عبرت الناشطة السورية وفاء مصطفى عن "غضبها وحزنها" من واقع تعامل الإدارة السورية الجديدة مع ملف المعتقلين السوريين.

وتابع المذهان "يتم اعتقالهم وتعذيبهم وقتلهم بطرق دموية ممنهجة ونقل جثثهم إلى المشارح العسكرية من أجل تصويرها ونقلها إلى مقابر جماعية".

أضاف "عندما كنت أشاهد الصور أشعر أنها تحدثني، كنت أشعر بالقهر والذل الذي تحملوه لسنوات".

وقال "لقد حمّلتني أرواحهم الطاهرة أمانة في عنقي، أن أوصل آهاتهم ومعاناتهم إلى العالم الحر، وأن أكون شاهدا... على مصيرهم المؤلم، وأرجو من الله أن أكون أديت هذه الأمانة بكل نية صادقة".

وتحدث "قيصر" عن بعض الضحايا الذين التقط صورهم وآثار التعذيب التي ظهرت عليهم، مضيفا "شاهدت جثثا لشيوخ وشباب تمت تعريتهم من ثيابهم وألقيت جثثهم بشكل عشوائي وشكل غير أخلاقي وغير انساني، شعرت بأنني داخل مسلخ بشري... داخل آلة قتل تعمل ليل نهار يديرها أشخاص لا ينتمون للبشرية بأي شيء، حوّلهم حقدهم إلى وحوش بشرية".

وأعرب عن اقتناعه بأن "أوامر التصوير كانت تصدر من أعلى هرم السلطة من أجل التأكد بأن أوامر التعذيب والقتل قد تمت فعليا، وأنه لم يتم هروب أي معتقل بواسطة أو محسوبيات".

وقال أن "قادة الأجهزة الأمنية من خلال صور القتل والاعتقال، كانوا يعبّرون عن ولائهم المطلق للمجرم بشار الأسد".

سجن صيدنايا أصبح رمزا للفظائع الذي ارتكبها نظام الأسد - REUTERS

تحذير من طمس الأدلة على فظائع نظام الأسد

تتصدر السجون في سوريا المشهد كرمز لمعاناة المعتقلين وانتهاك حقوقهم الإنسانية، فهي ليست مجرد أماكن للاحتجاز، بل أرشيف صامت يحمل في طياته وثائق وأدلة جريمة لا تُمحى، وشهادات حيّة على ممارسات طالما أنكرها نظام الأسد خلال فترة حكمه.

وانشق العسكري السابق بعدما جمع بين العامين 2011 و2013، نحو 55 ألف صورة توثّق وحشية الممارسات في السجون السورية إبان فترة قمع الاحتجاجات.

وأوضح المذهان أنه اتخذ قرار الانشقاق سريعا، لكنه أرجأ خطوته ليتمكن من "تجميع أكبر عدد من الصور التي توثق وتدين أجهزة النظام السوري بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق المعتقلين".

وكشف أنه قام بتسريب الصور عبر بطاقة ذاكرة "فلاش ميموري" عبر الحواجز الأمنية، يضعها أحيانا في جواربه أو ربطة الخبز، ويعبر فيها التفتيش عبر حواجز للقوات الحكومية أو فصائل المعارضة التي كانت تسيطر على المنطقة حيث يقيم.

وأكد المذهان الذي يقيم حاليا في فرنسا، أنه فرّ بداية إلى الأردن ومنه إلى قطر، مشددا على أنه يعيش وسط ظروف أمنية "فرضت عليّ قيودا صعبة جدا".

وفي عام 2020، دخل قانون العقوبات الأميركي المعروف باسم قيصر، والمسمّى بناء على ما كشفه المذهان، حيز التنفيذ ليفرض سلسلة إجراءات اقتصادية ضد السلطات السورية.

ودعا "قيصر" إلى رفع هذه العقوبات بعد سقوط الأسد. وقال "سبب العقوبات قد زال بزوال نظام الأسد المجرم. اليوم الشعب السوري والحكومة السورية بأمسّ الحاجة للدعم الدولي والإقليمي لبناء دولتنا الحرة المزدهرة المنفتحة على العالم".

وأصدرت دول عدة مثل هولندا وفرنسا وألمانيا إدانات ومذكرات توقيف بحق مسؤولين سابقين في الأجهزة الأمنية السورية بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية بناء على صور "قيصر".

وشدد المذهان على أنه رغم ذلك، لا يحب آلة التصوير. وأوضح "هذه الكاميرا تذكرني بمعاناة ومآسي هؤلاء الضحايا الذين عذّبوا وقتلوا وتم تصويرهم بهذه الكاميرا. هذه الكاميرا بالنسبة لي ذكرى غير سعيدة".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق