شهادات إسرائيلية جديدة بانتصار “حماس” وهزيمة الاحتلال

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

السبيل – خاص


تتوالى الاعترافات الإسرائيلية بالفشل الذريع في معركة غزة، حيث باتت النخبة السياسية والعسكرية في “تل أبيب” تدرك أن الحرب لم تحقق أهدافها، بل على العكس؛ فرضت المقاومة الفلسطينية إرادتها في الميدان والسياسة، مما دفع مسؤولين إسرائيليين إلى التصريح علناً بأن كيانهم خسر الحر

غيورا آيلاند، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، قدّم تقييماً قاسياً لأداء “إسرائيل” في الحرب، مؤكداً أنها لم تحقق أياً من أهدافها، وأن حركة حماس نجحت في فرض شروطها على حكومة نتنياهو في اتفاق الأسرى، وإجبارها على اتخاذ قرارات لم تكن لتقبلها سابقاً.

اعتراف بالفشل العسكري والسياسي

في حديثه لوسائل الإعلام العبرية، أكد آيلاند أن “إسرائيل” تعرضت لهزيمة واضحة في غزة، حيث قال: “الصورة الحالية تُظهر أننا فشلنا فشلاً ذريعاً. يجب أن نبدأ من هنا، وإلا فإننا نخلق توقعات لأشياء غير واقعية”.

وأوضح أن الهزيمة يمكن قياسها بمعيارين رئيسيين: الأول، مَن مِن الطرفين حقق أهدافه؟ والثاني، مَن استطاع فرض إرادته على الآخر؟ وبالنظر إلى الاتفاق الأخير بين “إسرائيل” وحماس، يرى آيلاند أن المقاومة الفلسطينية كانت الطرف المسيطر، حيث تمكنت من إجبار الاحتلال على فتح معبر رفح، والانسحاب من مناطق استراتيجية مثل نتساريم، والسماح بعودة مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع.

وأضاف أن “إسرائيل” لا تكتفي فقط بإدخال الغذاء والماء إلى غزة، بل سمحت أيضاً بإدخال معدات يمكن أن تشكل بداية لإعادة الإعمار، وهو أمر كانت ترفضه بشكل قاطع في بداية الحرب.

ورأى أن المرحلة المقبلة قد تشهد مزيداً من التنازلات الإسرائيلية، حيث ستُجبر “تل أبيب” على القبول باتفاق جديد للإفراج عن الأسرى مقابل وقف نهائي للحرب والانسحاب الكامل من غزة.

تداعيات الهزيمة على الاحتلال

لم تقتصر تداعيات الحرب على الفشل العسكري، بل امتدت إلى الجوانب السياسية والاجتماعية والأمنية، ما جعل “إسرائيل” تواجه أزمة داخلية غير مسبوقة.

البروفيسور الإسرائيلي آرييه كاتزوفيتش، المتخصص في العلاقات الدولية، أكد في مقال له أن استمرار الحرب في غزة ألحق بـ”إسرائيل” أضراراً جسيمة على جميع المستويات. وقال إن “الحرب تسببت في انهيار صورة إسرائيل عالمياً، وأثرت بشكل خطير على المجتمع الإسرائيلي، وألحقت ضرراً عميقاً بالاقتصاد، ونظام التعليم، والعلاقات الخارجية، وحتى في المجالات الأكاديمية والثقافية”.

كما أشار إلى أن تعامل حكومة نتنياهو مع قضية الأسرى كشف عن أزمة أخلاقية كبرى، حيث تخلّت تل أبيب عن جنودها لمدة شهور طويلة، ما دفع المجتمع الإسرائيلي إلى الانقسام حول جدوى استمرار الحرب.

فرض واقع جديد

ورأى كاتزوفيتش أن “إسرائيل” لم تعد قادرة على حسم الصراع عسكرياً، مؤكداً أن الخيار الوحيد للخروج من المأزق هو الحل السياسي، من خلال “خلق بديل لحماس في غزة”.

لكن هذا الطرح يواجه تحديات كبيرة، خاصة أن الحرب أظهرت أن المقاومة الفلسطينية باتت تملك زمام المبادرة، وأن أي ترتيب مستقبلي للقطاع يجب أن يمر عبرها، وليس من خلال فرض وصاية إسرائيلية أو دولية.

وأضاف أن “إسرائيل” مطالَبة اليوم بتحديد استراتيجية واضحة لما بعد الحرب، حيث لم يعد بإمكانها مواصلة القتال إلى ما لا نهاية، بينما تدرك في الوقت ذاته أن إنهاء الحرب دون تحقيق إنجازات ملموسة سيعني هزيمة كاملة أمام المقاومة.

ومع تزايد الضغوط الداخلية والخارجية، بدأت إسرائيل البحث عن مخرج سياسي للحرب، حيث اقترح مسؤولون إسرائيليون إنشاء قوة دولية لحفظ السلام في غزة، تضمّ قوات أمريكية وسعودية وإماراتية ومصرية، تكون مسؤولة عن نزع سلاح القطاع وإدارته خلال فترة انتقالية تمتد لثلاث سنوات.

ويشير الخبراء الإسرائيليون إلى أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يكون بضمانات دولية، على غرار اتفاقيات إنهاء الحروب في البوسنة وكوسوفو وتيمور الشرقية، حيث يتم وضع ترتيبات أمنية وسياسية تحت إشراف مجلس الأمن الدولي.

لكن مثل هذه الطروحات تواجه عقبات كبيرة، حيث تدرك “إسرائيل” أن المقاومة الفلسطينية لن تقبل بتسليم غزة لأي قوة خارجية، كما أن المجتمع الدولي بات أكثر اقتناعاً بأن الحل يجب أن يكون وفق إرادة الفلسطينيين أنفسهم، وليس من خلال فرض ترتيبات تخدم الاحتلال.

وفي ظل هذه التطورات؛ تجد “إسرائيل” نفسها في مأزق غير مسبوق، حيث لم تنجح في القضاء على المقاومة، ولم تتمكن من فرض إرادتها على الفلسطينيين، بينما تواجه ضغوطاً داخلية متزايدة لإنهاء الحرب وإعادة الأسرى.

وفي الوقت الذي تبحث فيه “تل أبيب” عن حلول بديلة، تبقى الحقيقة الأهم أن المقاومة الفلسطينية استطاعت فرض واقع جديد في غزة، وأجبرت “إسرائيل” على تقديم تنازلات لم تكن لتقبل بها في بداية الحرب، ما يجعل “طوفان الأقصى” محطة فاصلة في تاريخ الصراع، قد ترسم مستقبل المنطقة لسنوات طويلة قادمة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق