تصديق "الفاسق".. وظلم "الصادق"!

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يقول: أخاف أن أظلم البشر دون دراية! والله يعلم بأنني أسعى للإصلاح وإحقاق الحق وأرفض الفساد والخطأ. فما هي نصيحتك؟!

أجبته: أولاً لست منزهاً لا أنا ولا غيري عن الوقوع في أخطاء إدارية معنية بالحكم على الناس والتعامل معهم، لكن مع الخبرة المتراكمة، ومع تنامي الوعي، وقبل ذلك كله مع "الخوف من الله"، فإن هناك معادلة "ربانية" لابد أن تطبقها لتكون بمنأى عن ظلم أي شخص.

أولاً قال الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل، وتحديداً في الآية السادسة من سورة الحجرات: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين). صدق الله العظيم.

والدلالة هنا، بأنه قد تنقل لك أقوال، وتوصف لك مواقف، وتتلقى كل ذلك بـ"السمع" فقط، والكارثة تقع حينما تصدق كل ما يقول لك على اعتبار أن ناقل الأمر لك محل "ثقة" أو شخص "محسوب عليك"، أو ممن تصفهم بـ"البطانة الصالحة".

وهنا لسنا نشكك فيمن ينقل الأمور، لكن نشدد على الأمر الإلهي الصريح "فتبيّنوا"، أي أن عليك بنفسك التحقق والتبيّن والتثبت، لا تشكيكاً فيمن نقل، لكن حرصاً على "ألا تصيبوا قوماً بجهالة"، ما يعني أن هامش الوقوع في الخطأ بحق الناس حكماً على ما ينقل لك، "هامش وارد".

المؤلم أن كثيراً منا يُسلم بما ينقل له ويسمعه، وينسى العاقبة من ذلك، وهي التي أكدها المولى سبحانه "فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"، والندم هنا بـ"إيقاع الظلم"، و"إجحاف الناس"، والمصيبة أن يوقع الظلم بحق "إنسان صادق"، فقط لأننا صدقنا من نقل الكلام سواء "بنوايا خبيثة" وهذا الذي ينطبق عليه وصف "الفاسق"، أو من ينقله لمجرد النقل دون التثبت، وهو الذي يضعه في موضع "الافتراء".

نصيحتي لصديقي المسؤول الذي سألني، ولكل شخص يمتلك صلاحية اتخاذ القرار بحق أشخاص يعملون تحت مسؤوليته، نصيحتي بأن تنسى كلامي هذا كله، لكن تذكر الآية الكريمة، تذكر كلام الله، تذكر تحذيره من "تصديق الفاسقين"، تذكر أن تتحقق وتتثبت وتتأكد، وألا تقبل بأن يُوضع في أذنيك ما يريد البعض أن يضعه، سواء أكان لغرض في نفوسهم، أو كان لغرض التقرب منك أو كسب ثقتك، تذكر بأن "ظلم البشر" من أخطر الجرائم، لأن "الظلم ظلمات"، والله سبحانه وتعالى من أسمائه "العدل"، وهو الذي يستمع ويجيب كل شخص لديه مظلمة، كل شخص يرفع يديه ويقول "حسبي الله ونعم الوكيل".

كبشر نخاف من غضب بشر آخرين، سواء أصحاب نفوذ أو مسؤولين وغيرهم، لكن من باب أولى أن نخاف أولاً من ملك الملوك ورب العباد، فهو الذي يرد الظلم بقول "كن فيكون"، وكم ذكر من العبر علنا نعتبر، أولم ينزل القرآن واصفاً ما فعله الله بفرعون وجنوده حينما أطبق عليهم البحر؟! قال تعالى: (فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين).

احذر يا مسؤول من "الفاسقين" ولا تصدق كل ما ينقل إليك دون تحقق، ويا من ظلمت، فقط ارفع يدك لمن سمّى نفسه بـ"العدل" وقل: "حسبي الله ونعم الوكيل".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق