لا حصانة والكفاءة هي الأساس

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
الحكومة تقود إصلاحا جوهريا في إدارة الموارد البشرية، متجاوزة ترهل الأنظمة التقليدية التي ربطت الترقية بمرور السنوات فقط، فالنظام المعدل لنظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام لسنة 2025، الذي أقره مجلس الوزراء بعد مشاورات موسعة، يعكس نهجًا إداريًا جديدًا يرتكز على الكفاءة، والأداء، وتحقيق الأهداف. وهذه الخطوة ليست مجرد تعديل إداري، بل هي قفزة نوعية تضع القطاع العام على مسار التحديث الحقيقي، حيث يصبح التقدم في السلم الوظيفي استحقاقًا مبنيًا على الجدارة، لا مكافأة زمنية روتينية. وزير دولة لتطوير القطاع العام، الدكتور خير أبو صعيليك، في تصريحه مع دخول النظام الجديد حيز التنفيذ، أكد أن المرحلة القادمة هي مرحلة تحديث إداري شامل، حيث تنتقل الترقيات من مجرد استحقاق زمني إلى مسار قائم على الكفايات، ويصبح تحديد الراتب مرتبطًا بأهمية الوظيفة، وليس فقط بعدد سنوات الخدمة، فهذا التوجه ينهي حقبة من الجمود الوظيفي، ويفتح الباب أمام الموظفين الأكفاء للصعود في سلم الترقيات وفقًا لإنجازاتهم وليس لعامل الزمن وحده. اضافة اعلان
القطاع العام عانى طويلا من ظاهرة "الترقيات التلقائية"، التي سمحت لموظفين غير منتجين بالتقدم وظيفيا دون تقديم قيمة مضافة حقيقية، فالنظام الجديد يعالج هذه المشكلة بجعل الأداء هو الأساس في تقييم الموظفين، حيث أصبح تحقيق الأهداف المؤسسية عاملًا حاسمًا في الترقية، وهذا يعني أن الموظف المجتهد، الذي يسهم في تطوير دائرته وتحقيق نتائج ملموسة، سيتم الاعتراف بجهوده وترقيته، بينما لن يكون للموظف غير المنتج مكان في السلم الوظيفي المتقدم.
وعلى صعيد آخر، يضمن النظام المعدل تحقيق العدالة بين الموظفين عبر آلية تقييم أداء أكثر صرامة وشفافية، حيث تم تحديد نسبة الحاصلين على تقدير "إنجاز المهام بتميّز" بـ 10 % فقط، في خطوة تهدف إلى منع التضخم غير المبرر في التقييمات، وتعزيز المنافسة الحقيقية بين الموظفين، كما تم تقليص المدة الزمنية المطلوبة للترقية من الدرجة الأولى إلى 7 سنوات بدلاً من 10، وهو تعديل يوازن بين الحاجة إلى الاستقرار الوظيفي وتحفيز الموظفين على التطور المستمر.
أما فيما يخص الحوافز والمكافآت، فقد جاء النظام ليحقق عدالة طال انتظارها بين موظفي القطاع العام، موحدًا منظومة المكافآت والتحفيز، مما يضمن عدم تفضيل فئة على أخرى بناءً على تاريخ تعيينهم، وهذا الإجراء يعزز من ثقة الموظفين بالنظام الإداري الجديد، ويحفزهم على العمل بجد واجتهاد دون الشعور بوجود تمييز وظيفي غير مبرر.
ما قامت به الحكومة من إصلاحات في إدارة الموارد البشرية هو قرار جريء طال انتظاره، ويعكس إرادة حقيقية لتحديث القطاع العام، وجعله أكثر كفاءة وعدالة، إذ إنه لم يعد هناك مجال لمن ينتظر الترقية دون عمل، أو لمن يتقاضى راتبا دون إنتاجية.
مرحلة جديدة من الأداء الحكومي، حيث تكون الكفاءة، وليس الزمن، هي مفتاح النجاح والترقي، فالموظف الكفؤ سيحصل على حقه، والموظف المتقاعس لن يجد طريقًا سهلاً للصعود.
بهذا النهج، تضع الحكومة اللبنة الأولى في بناء قطاع عام قوي، وديناميكي، وعادل، يعكس طموحات التحديث الإداري والارتقاء نحو توجيهات جلالة الملك خدمة للوطن والمواطن.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق